أعلن نحو 500 فقيه ومفكر من العالم الإسلامي رفضهم القاطع ل «جميع العمليات الإرهابية أينما وقعت ومن أي جماعة كانت»، في موقف يعد الأول من نوعه يصدر عن مؤتمر تنظمه جهة إسلامية خالصة. وأكد بيان ختامي صدر عن مؤتمر «الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف» الذي نظمته «الجامعة الإسلامية» في المدينةالمنورة، «رفض جميع العمليات الإرهابية أينما وقعت ومن أي جماعة كانت»، مبدياً أسفه «لما ينجم عن العمليات الإرهابية من إزهاق لأرواح الأبرياء وتشريد للأسر وترويع للآمنين وإتلاف للأموال والممتلكات وتعطيل لعمليات التنمية». إلا أن المؤتمرين رفضوا في الوقت نفسه «النزعات الانتقامية، وردود الأفعال المفرطة في استخدام القوة»، ودانوا كل أذى «يلحق بالمدنيين العزل والمنشآت المدنية تحت مزاعم مكافحة الإرهاب الدولي، والذي من شأنه إعاقة الجهود المبذولة لمواجهة الأفكار الضالة». كما أكد المؤتمر «ضرورة وضع مفهوم دولي موحد للإرهاب، درءاً للاستغلال السيئ له وفقا للمصالح الخاصة بكل دولة»، وناشد «جميع القوى المحبة للسلام في العالم حل النزاعات في العالم الإسلامي حلاً عادلاً يحقق تطلعات الشعوب الإسلامية، حيث أصبحت هذه النزاعات عاملاً أساسياً تستغله الجماعات المتطرفة لتحقيق مآربها». ودعا المؤتمر المنظمات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب الى «التعامل بموازين عادلة مع القضايا الدولية كافة، وتجنب التعامل بمعايير مزدوجة مع المسلمين وقضاياهم العادلة، والتصدي لإرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين العزل، واتخاذ التدابير اللازمة ضد الدول المتورطة في إمداد الجماعات الإرهابية بالسلاح أو بالمال، أو تجعل من أراضيها ملاذا آمناً للمتطرفين من دول أخرى». وفي سياق توصيات المؤتمر من أجل إرساء قيم الاعتدال ومعالجة التطرف، أوصى الدول «بتكريم ودعم الأسر التي تقوم بدور فاعل في حماية أبنائها من الانخراط في صفوف الجماعات المتطرفة، أو في عودة ابنها الضال إلى طريق الحق والاستقامة والولاء للوطن»، إلى جانب تخصيص جوائز مالية سنوية تمنح لأبرز المعلمين والمعلمات على صعيد «نشر فكر الوسطية والاعتدال» لتحقيق الأهداف نفسها. وعلى خلاف المؤتمرات الإسلامية التقليدية، وجّه المؤتمر خطابه إلى الجماعات الإسلامية الراعية للعنف بلهجة وعظية، دعاها فيه إلى «تقوى الله في الإسلام والمسلمين، وأن تفكر تفكيراً جاداً وواعياً في ما أصاب الإسلام والمسلمين على أيديهم وبسببهم من كوارث ونكبات»، وفي أسوأ الأحوال طالب تلك الحركات بالكف عن «إقحام الإسلام في خطابها الإعلامي الضال». وفي تطور لافت من جهة دينية، طالبت الجامعة الإسلامية على لسان مفكري مؤتمرها عن الإرهاب، دول العالم العربي والإسلامي بدعم جمعيات وهيئات حقوق الإنسان، وهو ما يعد تطوراً من جانب جهة إسلامية كانت مثيلاتها قبل عهد قريب ترفض مصطلح «حقوق الإنسان» برمته، على اعتباره غربياً. وفيما نصح البيان تلك الدول بتطبيق الشريعة الإسلامية في جميع مجالات الحياة ضمن وسائل معالجة الإرهاب، دعتها إلى «الحفاظ على الطبقة الوسطى من التآكل والتهميش ودعم المشاريع التنموية والحد من البطالة ومعالجة مشكلات العشوائيات السكنية والقضاء على التهميش الاجتماعي للشباب». وفي ما يخص المحور الإعلامي، صنف البيان بعض المعالجات الإعلامية بين الأسباب المحرضة على الإرهاب، ولذلك شدد على «تجنب ازدراء القيم والرموز الإسلامية، مع دعوة وزارات الثقافة والإعلام إلى إصلاح الخطاب الإعلامي، والبرامج المثيرة للغرائز، والمؤججة للحقد الاجتماعي المؤدي إلى فكر التطرف، وتجنب التغطيات الإعلامية المغلوطة التي تهدف إلى الإثارة».