ينقب سكان قرية كاريساليو في جنوبالمكسيك في محيط مناجم الذهب عما يكسبون به رزقهم، لكن بعضهم يملأ حقيبته بالذهب فعلاً والبعض الآخر يقع على ذراع أو عظمة أو اصبع أو غيرها من الرفات البشري المدفون سراً. فيما كان سكان من القرية يبحثون عن الذهب في الأرض، وقعوا على خامس قبر سري وثامن جثة يعثرون عليها منذ آخر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ما عزز لديهم الشعور بعدم الأمان، وقلقهم من اجتذاب مناجم الذهب لعنف العصابات المسلحة التي تجهز على خصومهم وتدفنهم بعيداً عن الأعين. ويقول ريكادرو لوبيس البالغ من العمر 59 سنة والذي يدير تعاونية محلية لإدارة الأراضي: «حيث يوجد العسل يوجد النحل». تشرف على هذا المنجم شركة غولدكورب الكندية، وهو يظهر للعيان من قرية كاريساليو البالغ عدد سكانها ألف نسمة. وقد افتتح المنجم في العام 2007، ويعمل فيه 2600 شخص من القرى المجاورة، وبلغ إنتاجه العام الماضي 250 ألف أونصة من الذهب. وإذا كان السكان يعربون عن سعادتهم لوجود هذا المنجم الذي وفر لهم فرص عمل، فإنهم يبدون أيضاً عن قلقهم من عودة أعمال الخطف والقتل والابتزاز إلى المنطقة. وعانى لوبيس نفسه من إجرام العصابات، فقد خسر ابنه المسؤول في نقابات عمال المناجم في آب (أغسطس) الماضي، حين أرداه مسلحون على باب المنجم بعد انتهاء عمله. ومنذ ذلك الحين، طلب لوبيس من شركة غولدكورب تمويل حماية العمال من عنف العصابات ومرافقتهم إلى منازلهم. على بعد ساعتين من المنجم، يعاني السكان في نويفو بالساس من تصاعد أعمال العنف لديهم منذ حطت شركة الاستثمار المنجمي الكندية توريكس في منطقتهم للتنقيب عن الذهب. وقبل سنتين، شكل السكان ميليشيا محلية للدفاع الذاتي تتصدى لعصابة المخدرات لافاميليا ميتشواكانا. وفي أيلول (سبتمبر) الماضي، وقعت شركة توريكس اتفاقاً مع السلطات المحلية لتمويل تعزيز وجود عناصر الأمن في القرى المجاورة. وفي آذار (مارس) الماضي، خطف ثلاثة عمال مناجم وقتلوا في المنطقة نفسها. في حزيران (يونيو) 2014، اقتحم مسلحون من عصابة غيريروس أونيدوس قرية كاريساليو وقرعوا أجراس الكنائس فيها لإعلام السكان بأنهم «سيطهرون» القرية من عناصر عصابة لوس روخوس المنافسة، كما يروي رئيس بلدية القرية نلسون فيغويروا. وأسفر ذلك اليوم عن مقتل ستة أشخاص. وأجبر المسلحون عمال المناجم على شراء الطعام والوقود وبطاقات الشحن الهاتفية لهم، وقد اضطر بعض العمال إلى إنفاق نصف مداخيلهم تلبية لطلبات المسلحين. وإضافة إلى كل ذلك، منع هؤلاء سكان القرية من مغادرتها إلا بعد الحصول على إذن مسبق. ويتحدث خوان (27 سنة) عن تلك المرحلة طالباً عدم كشف اسمه كاملاً، بقوله: «كانت القرية كلها مخطوفة». وتقع قريتا كاريساليو ونويفو بالساس على مقربة من مدينة ايغوالا التي خطف منها 43 تلميذاً عام 2014 على أيدي عناصر من الشرطة المحلية وسلموا بعد ذلك إلى عصابة غيريروس اونيدوس التي أعدمتهم. وفي ظل هذا الواقع، يأمل السكان بأن تنتشر قوات من الجيش في مناطقهم لتأمين حمايتها من العصابات ومن عناصر الشرطة المتواطئين معها. ويقول فيغويروا: «نعيش في منازل لا نوافذ لها، وأبوابها من فولاذ. نحن نعيش في ما يشبه الحرب».