نام الشاب أمين صالح آل سريح مساء أول من أمس، وهو يظن أنها آخر نومة له في حياته، إذ كان يفترض أن ينفصل رأسه عن رقبته صباح أمس، تنفيذاً لحكم قضائي صدر في حقه، إثر إقدامه قبل سنوات على قتل منتظر سعود آل عبدالعال، بعد شجار نشب بينهما في مسقط رأسيهما بلدة العوامية (محافظة القطيف). إلا أن أمين نام البارحة وهو قرير العين، وأمامه ليالي كثيرة ينامها، إلى أن يشاء الله أن يفارق الحياة. فأسرة العبدالعال، التي رفضت كل الجهود والوساطات التي بذلت للعفو عن قاتل ابنها، أعلنت في اللحظة الأخيرة، وقبل أن يهوي السياف بسيفه على رقبة أمين، أنها عفت عنه، وسط صيحات امتزج فيها الحزن والفرح، وبين شعور بالفقد إلى شعور آخر يشابه مشاعر قدوم المولود الجديد. وأعلنت أسرة المقتول العفو في ساحة القصاص بمدينة سيهات (محافظة القطيف)، وسط صيحات التكبير التي علت في المكان. فيما تحولت دموع الحزن التي ذرفتها عائلة المقتول، إلى دموع الفرح، بعد أن نجحت المساعي التي بذلها بعض الأهالي في إقرار التنازل عن الحكم الشرعي بالاقتصاص من أمين. وأُحضر آل سريح إلى ساحة القصاص صباح أمس، وسط حضور أمني كثيف، إضافة إلى حضور شعبي لافت. إذ كان يفترض أن يتم تنفيذ حكم القصاص في الشاب أمين، الذي أقدم قبل سنوات على قتل منتظر، بإطلاق النار عليه إثر خلافات وقعت بينهما. وفيما كان السيافّ يستعد لتنفيذ الحكم، أعلنت العائلة تنازلها عن قاتل ابنها، وذلك بعد أن نجحت الجهود الشعبية في إقناع أسرة القتيل بالتنازل عن القاتل. وكان خبر التنازل غير متوقع من الجاني. قبل أن يتفق جميع أولياء الدم على التنازل عنه «لوجه الله سبحانه وتعالى». وذكر أحد الموجودين في ساحة القصاص أن الموقف كان «رهيباً للغاية، لحظات كان الجميع يترقب أن يتم تنفيذ الحكم الشرعي، فالهدوء كان يعم المكان، وأصوات أهالي المحكوم ولوعاتهم كانت واضحة، وفجأة تغير الوضع، إذ سمعنا التهليل والتكبير يضج في المكان، وسألت ما الذي حدث؟ فأخبرني باكستاني كان واقفاً بجانبي، أن القاتل لن يقتل، بسبب تنازل أسرة المقتول». وتعود الحادثة إلى ال26 من شهر كانون الثاني (يناير) عام 2012، عندما قام آل سريح بقتل الشاب منتظر العبدالعال. فيما أُصيب ثلاثة أخرون في هذه الواقعة، إثر خلاف قديم بينهما. وتوفي المقتول مباشرة قبل وصوله إلى مستوصف مضر القريب من موقع الحادثة، بعد أن كانت حاله الصحية «حرجة للغاية»، إذ لفظ أنفاسه الأخيرة قبل وصوله المستوصف. فيما كانت إصابات الآخرين «مستقرة».