ارتفع منسوب التفاؤل بقرب إنجاز التسوية على ملء الشغور الرئاسي في لبنان، وعلى ترجمة التوافق بين زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية على الرئاسة، في الجلسة النيابية المقبلة المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية في 16 الشهر الجاري، والتي ستكون الجلسة ال33، بعدما كانت 31 جلسة عقدت من دون تأمين نصاب الثلثين فيها، إثر ارفضاض الجلسة الأولى من أيار (مايو) 2014 من دون حصول 3 مرشحين، هم زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع والنائب هنري حلو عن «اللقاء النيابي الديموقراطي»، على أكثرية ثلثي الأصوات. وبرزت مظاهر التفاؤل بإمكان إنهاء الشغور الرئاسي الذي دخل شهره التاسع عشر، في 3 محطات رئيسة، إضافة الى عوامل أخرى، أولها اللقاء بين الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والحريري صباح أمس في باريس، حيث استوضح الأول من الثاني عما بلغته جهود التسوية حول خيار فرنجية للرئاسة، فأكد الحريري في تصريحه عقب اللقاء أنه أبلغ هولاند أن «هناك أملاً كبيراً حالياً بإنجاز الموضوع (إنهاء الفراغ الرئاسي)، وهناك حوار بين كل الأفرقاء»، مشدداً على أن «هناك تضحيات يجب أن نقوم بها جميعاً، والأيام المقبلة ستُظهر أن لبنان سيكون بألف خير بإذن الله». وعلمت «الحياة»، أن الحريري وضع هولاند في صورة رهانه على التسوية مع فرنجية رئيساً، وأنه متفائل بأن ينتخب فرنجية في جلسة الانتخاب المقبلة، لأن البلد لا يحتمل فراغاً طويلاً، فيما توقعت مصادر فرنسية أن يعلن الحريري رسمياً دعمه ترشيح فرنجية في الأيام المقبلة. وذكرت، أن هولاند قال للحريري إن التسوية بينه وبين فرنجية متطابقة مع الرسالة التي أبلغتها باريس منذ أشهر لكل من إيران والسعودية حول ضرورة تسوية إقليمية على الرئاسة اللبنانية وضرورة أن يساعد كل من الدولتين في ذلك عبر التحدث الى أصدقائهما، وينبغي أن تطمئن التسوية الجانبين. وأشارت المصادر الفرنسية إلى بعض الغموض في موقف «حزب الله» الذي لم يُعلن بعد موقفه مما إذا كان سيتراجع عن دعم عون أو لا، لكن هولاند ركز على ضرورة التسوية، وأن تكون هناك غالبية صلبة وواضحة في البرلمان معها، وأن يعقبها تشكيل حكومة فعالة ونشيطة. وفي بيروت، توقعت مصادر معنية باتصالات إنجاز التسوية، التي شملت لقاءين أجراهما الحريري في العاصمة الفرنسية مع كل من وزير الاتصالات بطرس حرب والنائب مروان حمادة، ل «الحياة» أن يعقب دعم الحريري العلني ترشيح فرنجية، موقف مماثل من رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط ثم من «حزب الله». ولم تستبعد المصادر أن يسبق ذلك أو يتبعه لقاء بين فرنجية والعماد عون للبحث في تحفظات الأخير عن ترشيح الأول. وكانت المحطة الثانية البارزة أمس، إعلان السفير السعودي في بيروت علي بن عواض عسيري للمرة الأولى، أن المملكة «لم ولن تسمي أي شخص وتفرضه على اللبنانيين (للرئاسة) وبالتالي المبادرة (من الحريري بالبحث في ترشيح فرنجية) أتت لبنانية - لبنانية، والمملكة باركت هذه الخطوة برغبتها في أن يكون للمسيحيين دور في هذا الإطار». وإذ تمنى عسيري «نتائج سريعة وحواراً بنّاء بين القوى المسيحية ودورنا تشجيع الفرقاء ليجتمعوا للوصول الى حل، سواء من اختاروه أم إذا كان لديهم بديل، ونحن حريصون على ملء الفراغ الرئاسي في أسرع وقت ممكن». وتمثلت المحطة الثالثة بإعلان البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي عاد مساء أمس الى بيروت في جولة في الخارج، «أننا حيّينا المبادرة لأننا نطالب منذ زمن بإطلاق المبادرات». وقال إنه سيتصل بكل المعنيين، وإنه سيلتقي غداً النائب فرنجية «وسنتحدث الى كل الفرقاء المسيحيين والمسلمين ويجب أن نسمع الجميع». وقال الراعي رداً على سؤال عن مبادرة الحريري الى تسوية تقوم على دعم فرنجية للرئاسة: «تابعنا من ألمانيا الصحف. هناك مواقف مرحبة وأخرى ما زالت سلبية بعض الشيء وبعضها متحفظ، لكن في ما يخصنا سنتصل بالجميع لنصل الى مخرج للأزمة». وأضاف: «منذ زمن نطالب الكتل النيابية والسياسية بأنه لا يجوز ألا تكون هناك مبادرة، ونأمل في أن تفتح هذه المبادرة الباب للتشاور والتفكير والتوافق والانطلاق بحسب المعطيات الجديدة». وأضاف: «يجب أن يكون الهمّ الأساسي حماية الجمهورية والمؤسسات الدستورية، ولذلك التوافق لا يقتضي لا الرفض ولا الفرض. ونشكر الله أنه حصلت مبادرة لها قيمتها بحد ذاتها وجدية، لذلك الباب فتح حتى يتحدث الفرقاء بمسؤولية». وحين سئل عما إذا كانت البطريركية تقبل أن يسمي الحريري وجنبلاط الرئيس الماروني وتتفرج؟ أجاب: «نحن طالبنا برئيس تكراراً حتى الإزعاج، لأنه عيب... وحين قالوا لنا القرار مسيحي قلنا لهم القرار لبناني، لأن الرئيس ليس للمسيحيين بل لكل اللبنانيين. وطالما هناك مبادرة فإنها تساعد على حلحلة الأمور. وقبل ذلك لم يكن أحد يتجرأ على لفظ اسم. من أين يأتي ذلك هذا لا يهمنا. وإذا بكركي تحدثت أولاً أو بالأخير، أو المسلمون بالأول أو الأخير، هذا ليس مهماً. المهم أن هناك باباً فُتح بعد أن كان كل شيء مقفلاً».