أغرى دخول «العرضة النجدية» إلى قائمة التراث العالمي غير المادي للمرة الأولى المملكة العربية السعودية، لإدخال فنون وجوانب أخرى من تراثها إلى القائمة. وأبلغ المندوب الدائم للمملكة لدى منظمة «يونيسكو» (باريس) الدكتور زياد الدريس «الحياة»، بعملهم على إدخال «رقصة المزمار» التي تعد من تراث الساحل الغربي للمملكة، إلى القائمة ذاتها، إضافة إلى «القهوة العربية» بالتنسيق مع دولة خليجية، لافتاً إلى عملهم على إدخال عناصر عدة من التراث الفني المحلي في القائمة، إلا أنه لا يسمح إلا بعنصر واحد كل عام. وأدرجت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) مساء أول من أمس، «العرضة النجدية» ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي الإنساني غير المادي. وتصنف «العرضة النجدية» من التراث الفني العالمي، ولها مكاسب وطنية عدة، لعل أهمها حفظ وإحياء التراث الفني والأدبي، إضافة إلى إبراز محددات الهوية الشعبية الوطنية. والتحقت «العرضة» ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي الإنساني غير المادي، بعد التصويت عليها بالموافقة من الأعضاء المشاركين في اجتماع المنظمة. ونشر الموقع الرسمي ل«يونيسكو» موضوعاً عن العرضة النجدية، تضمّن تقريراً مصوراً من إنتاج الجمعية السعودية للمحافظة على التراث «نحن تراثنا»، رصد فيه العرضة وارتباطها بمظاهر الاحتفال المحلي، من خلال مقابلات مع مواطنين سعوديين، وشرح تفاصيل المعدات والأداء. بدوره، قال المندوب الدائم للمملكة لدى منظمة «يونيسكو» (باريس) الدكتور زياد الدريس ل«الحياة»: «إن إعداد ملف العرضة النجدية والعمل عليه استغرق نحو ثلاث سنوات، إلى أن أدرج مساء أول من أمس من خلال هيئة التقويم ولجنة التراث العالمية غير المادي ضمن قائمتها». واعتبر إدراج هذا الفن «اعترافاً بمكانته عالمياً، إذ إنه معروف محلياً وخليجياً، وبهذه الخطوة سيصل إلى النطاق العالمي». وتابع الدريس: «للمرة الأولى تدخل المملكة ضمن لائحة التراث غير المادي الشفوي، وإن دخلت قبل سنوات عدة إلى لائحة التراث العالمي المادي، وذلك عبر إدراج مدائن صالح عام 2007، والدرعية 2010، وجدة التاريخية 2014، الذي يعد مكسباً وإنجازاً في ظل تنافس الدول على تسجيل آثارها ضمن قائمة يونيسكو العالمية». وكشف المندوب السعودي الدائم لدى «يونيسكو» عن إدخال «القهوة العربية» كملف مشترك بالتنسيق مع دول خليجية، مؤكداً وجود ملف ترشيح «رقصة المزمار» تحت التقييم، على أن يتم إعلانها في كانون الأول (ديسمبر) من العام المقبل (بعد نحو 12 شهراً). وقال: «إن المملكة ستوالي إدراج عناصرها الثقافية في الدورات المقبلة، إذ لا يمكن إدراج أكثر من عنصر في عام واحد». من جهته، اعتبر الباحث في التراث قاسم الرويس إدراج «العرضة النجدية» ضمن منظومة التراث غير المادي «مكسباً كبيراً يؤكد هويتنا الوطنية». وقال ل«الحياة»: «إن العرضة فن شعبي، والفنون الشعبية جزء من التراث، فالتراث الشعبي يرمز لهويتنا الوطنية، وعولمته وتشكيله في التراث العالمي مكسب كبير، ويدعم اتجاهنا إلى تشجيع وإحياء التراث». وأضاف الرويس: «سبق وأن سجل تراث الصقارة، وهو الاهتمام بالصقور في قائمة يونيسكو ضمن عمل جماعي مع دول الخليج». وتابع: «أدرجت المملكة مرات ضمن منظومة التراث الثقافي المادي العالمي في يونيسكو، إلا أن إدراجها ضمن المنظمة غير المادي (الشفهي) أهم بكثير، وذلك لأن التراث الشفوي غير المادي عرضة إلى الفناء والاندثار، وتسجيله عالمياً يجعله موجوداً وحاضراً ولا يموت، إذ سيكون متداولاً عالمياً. وسيتم توثيق بياناته وصوره وتشكيله». وأوضح الباحث أن «العرضة النجدية» تعد «إحدى محددات الهوية الوطنية الشعبية التراثية، والمرتبطة بالحماسة والحرب والمناسبات. والحفاظ عليها يعني الحفاظ على الأدب والفن، إذ إنها تتضمن أهازيج أدبية وهي جزء من الأدب». وأضاف: «شاركت المملكة أيضاً بعناصر تراثية أخرى، إلا أن ملفاتها لم تكتمل، وهي بحاجة إلى تعاون ودعم من جميع الجهات ذات العلاقة»، مشدداً على عدم النظر إلى هذه الفنون ب«دونية».