في الوقت الذي تعاني منه الأسواق الخليجية بسبب انخفاض أسعار النفط إلى أقصى درجاتها، عقد بنك دويتشه أول من أمس مؤتمراً في مدينة الرياض عن توقعات السوق خلال العام المقبل، بعنوان: «خوض الأسواق العالمية بنجاح». ووصف كبير الاقتصاديين في «دويتشه بنك» الدكتور ملحم الملحم أوضاع دول الخليج بأنها «تحاول جاهدة جعل رؤوسها فوق الماء، وذلك بعد هبوط أسعار النفط الحاد»، متوقعاً ألا يصل السوق إلى انتعاشته المعهودة خلال الأعوام الخمسة المقبلة ابتداءً من 2016. وقال الملحم في تصريح ل«الحياة»: «إن تعامل دول الخليج مع أوضاع الإقليم، والحروب القائمة هناك، ستكون هي النقطة المحددة لأسعار النفط»، موضحاً أن ما يحدث في العراق وسورية «يحمل تأثيراً عكسياً على إنتاج النفط، ما دفع إلى إيجاد تفاوت ومفارقات بين الطلب والعرض». وأضاف: «إذا سارت الأمور على الطريق الأمثل؛ فأعتقد أن سعر برميل النفط سيصل إلى قيمته القصوى، التي تراوح بين 70 إلى 75 دولاراً». وتنبأ بتحقق توازن العرض والطلب في نهاية العام المقبل. وأكد كبير الاقتصاديين في «دويتشه بنك» أن المملكة انتهت أو قاربت على إنهاء كثير من المشاريع الأساسية، ما يجعلها في حال راحة أفضل خلال الأعوام المقبلة، مضيفاً: «استمرار قيمة النفط بهذا الانحدار، سيؤثر حتماً على المشاريع التي تنفذها المملكة، ما ينتج منه تحفظات عميقة وكبيرة، خصوصاً بدراسة مشاريع التطوير بشكل أكبر وأعمق»، مشيراً إلى أن الحكومة السعودية ستعمل بشكل أكبر على تقليص النفقات وزيادة مداخيلها، مشدداً على أن عليها العمل على هذا الجانب بشكل سريع ومتواصل. ورفض ملحم الملحم إعطاء تقديرات للواقع العقاري في السعودية ومستقبل فرض نظام الرسوم على الأراضي البيضاء، وعزا ذلك إلى «عدم صدور أنظمة ولوائح رسوم الأراضي البيضاء»، مشيراً إلى أن السوق لديه 3 اتجاهات متوقعة، «الأول أن تتصاعد سرعة تطوير الأراضي، والثانية أن تنخفض الأسعار، والخيار الثالث أن يتحقق كلا الهدفين بشكل متوازٍ، ولكن كل ذلك مرتبط في تفاصيل النظام وتطبيقه». وكان المؤتمر المنعقد في الرياض أول من أمس، تطرق إلى أبرز القضايا العالمية الملحة التي تؤثر على الأنظمة الاقتصادية وأسواق رأس المال والشركات العائلية والمستثمرين من الأفراد في أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجها. وحضر المؤتمر نحو 100 مهتم في الشؤون الاقتصادية، استمعوا فيها إلى آراء وطرح خبراء الاستراتيجيات والاقتصاد من دويتشه بنك حول مواضيع متعددة منها توقعات قطاع النفط، وتأثير برامج التسهيلات الكمية وتقييد الموازنات المحلية على الأنظمة الاقتصادية لدول المنطقة، وسوق العملات الأجنبية والضغوط التي تتعرض لها العملات المرتبطة في الدولار حالياً، ودور الاستثمارات المتواصلة في تطوير البنى التحتية وغيرها من المشاريع في التأثير على النمو والازدهار المستقبلي في المنطقة. من جهته، قال رئيس قسم إدارة الثروات الخاصة في السعودية ساشا بيترك: «على رغم الصعوبات التي تواجه الأسواق الناشئة حالياً؛ فإن الاقتصاد العالمي ما زال يتطلع إلى أسواق منطقة الشرق الأوسط، باعتبارها مصدراً للنمو، ومجالاً لفرص الاستثمار الواعد مستقبلا»ً. وأشار بيترك إلى أن التحدي الحقيقي الذي ينتظر شركات المنطقة هو «الإفادة من هذه الفرص والإدارة الفعالة للمخاطر المتوقعة، نظراً إلى التذبذب المستمر الذي تشهده الأسواق على الصعيدين العالمي والإقليمي»، مضيفاً: «إن اختيارنا الرياض لاستضافة هذا المؤتمر يعكس مدى الأهمية المتزايدة للمدينة، باعتبارها مركزاً مالياً رائداً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا». من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة «دويتشه العربية السعودية للأوراق المالية» جمال الكشي: «نحن في «دويتشه بنك» نفخر بإنجازاتنا المميزة في سوق المملكة، لذا فإن تنظيم مؤتمر بهذه الأهمية هنا هو شهادة على مدى قوة وتأثير علامتنا التجارية في المملكة. ولمسنا اهتماماً متزايداً بالاقتصاد المحلي هذا العام، نظراً إلى فتح سوق الأسهم السعودية أبوابها للاستثمارات الأجنبية، ومن شأن هذا المؤتمر أن يدعم رؤيتنا حول حجم الفرص الملموسة التي يوفرها سوق المملكة الديناميكي لعملاء «دويتشه بنك»، محلياً ودولياً، وذلك على رغم التحديات الواضحة عالمياً وإقليمياً». يُذكر أن قائمة المتحدثين الرئيسيين خلال المؤتمر من «دويتشه بنك» شملت كلاً من رئيس قسم استراتيجيات الائتمان جيم ريد، ورئيس القسم العالمي لدى دويتشه لإدارة الأصول والثروات الخاصة روجر بوش، ورئيس قسم دراسات المنتجات المشتركة ستيوارت كيرك. فيما جمع المؤتمر أكثر من 30 مؤسسة استثمارية و40 مستثمر و15 شركة عائلية و22 شركة جميعها من المملكة.