سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عمر بن سليمان: منطقة الخليج تثبت قدرتها الاستثنائية على التأقلم مع التذبذبات العالمية الرؤساء التنفيذيون للمصارف الإقليمية يبحثون التطورات الاقتصادية في المنطقة
عقد أكثر من 70رئيساً لمؤسسات مالية في الشرق الأوسط وكبار المسؤولين في القطاع الحكومي، وروّاد صناعة الخدمات المالية من أوروبا والولاياتالمتحدة الأميركية اجتماعهم السنوي الحادي عشر للرؤساء التنفيذيين لمصارف الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بضيافة مركز دبي المالي العالمي بداية هذا الاسبوع، وذلك بالتعاون مع معهد التمويل الدولي. وقال عمر بن سليمان محافظ مركز دبي المالي العالمي إن منطقة الخليج أثبتت قدرتها الاستثنائية ومرونتها للتأقلم مع الحركة المتذبذبة والغامضة في أسواق المال والائتمان في الولاياتالمتحدة وأوروبا، حيث لم تتأثر أسواق المنطقة نسبياً بالأزمة الأخيرة التي شهدتها سوق الرهن العقاري في أمريكا، والتي أثرت في ثقة المستثمرين، وأدت إلى هبوط عام لأسعار الأسهم حول العالم، والتهديد بحدوث ركود اقتصادي في اجتماع وزراء المالية للدول الكبرى، وتحويل هذا التأثير إلى الأسواق الناشئة. وقال إن المرونة التي أبدتها المنطقة، والنظرة الإيجابية المرتكزة على الأوضاع الجيدة للاقتصاد الكلي شجّعت الشركات الاستثمارية على المستويين المحلي والدولي، على التوجّه من جديد إلى المنطقة التي تزخر بمعدلات سيولة هائلة، واقتصاديات متنوّعة. جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها بمناسبة الاجتماع السنوي الحادي عشر للرؤساء التنفيذيين لمصارف الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي أقيم في مركز دبي المالي، وبالتعاون مع معهد التمويل العالمي. وقال جوزيف أكرمان رئيس مجلس الإدارة في معهد التمويل الدولي إنه يجب استعادة الثقة بدرجة أعلى من الشفافية من جانب شركات الخدمات المالية، إذ يتعين على كل شركة أن توفر أجواء من الوضوح لنفسها وللأسواق والهيئات التنظيمية في ما يخص انكشافها على المخاطر؛ كما يجب على كل مشارك في السوق أن يوضح التزاماته العرضية. وفي المستقبل، يجب أن يكون الانفتاح أكبر مما هو عليه في الوقت الحاضر، ليس فقط في ما يخص كل منتج على حدة، بل وكذلك في ما يتعلق بالشركة ككل. وأشار إلى أن على البنوك والجهات التنظيمية أن تعمل معاً على توفير المزيد من الشفافية حول توزع المخاطر في النظام المالي العالمي. وهنا، أستطيع أن أؤكد لكم أننا منشغلون حالياً في حوار مثمر غير رسمي مع السلطات التنظيمية، مع استمرارنا في النهوض بالمهام الملقاة على عاتقنا في معهد التمويل الدولي. وتطرّقت جلسات نقاشية في اجتماع الرؤساء التنفيذيين إلى التطوّرات الاقتصادية الحيوية في دول مجلس التعاون الخليجي، وشدّد جورج عابد، المستشار الخاص للعضو المنتدب لمعهد التمويل الدولي، ومدير منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمعهد التمويل الدولي على ان قطاع النفط لايزال المحرّك الأساسي لاقتصاديات المنطقة، ولكن هناك محرّكات مهمة أخرى تساهم في التنوّع، وخاصة على مستوى البلدان الأكبر التي تتمتع بنسب سكانية عالية. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع بلدان المنطقة بفائض مالي كبير تستثمره بما يعود بالنفع على الأجيال المقبلة، عندما تفقد الاقتصاديات المرتكزة على النفط بريقها وتأثيرها الحالي. وأشار ابن سليمان إلى أننا شهدنا توسعاً وازدهاراً اقتصاديين في المنطقة بشكل ملموس خلال السنوات القليلة الماضية. فبين العامين 2003و 2007حققت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا معدل نمو بنسبة 2.6% لاجمالي الناتج المحلي، وهو معدل جيّد يتفوّق على نسب النمو في السنوات السابقة. ومع ذلك، ولكي نحافظ على قوة ومتانة اقتصادنا، يتوجب علينا أن نعمل بجد لتطبيق السياسات التي من شأنها أن تعزز من النمو المستقبلي، وتحفز جهود التطوير والاستثمار في المنطقة. وبالاعتماد على الأداء الاقتصادي غير المشهود لإمارة دبي، فإن الأهداف الموضوعة تتضمن الحفاظ على معدل نمو حقيقي لإجمالي الناتج المحلي بنسبة 11% سنوياً خلال الأعوام العشرة المقبلة، وزيادة إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للفرد ليصل إلى 44.000دولار في العام 2015ونمو إنتاجية العمالة بنسبة 4% سنوياً، بالإضافة إلى تعزيز التنوّع الاقتصادي والانتقال إلى الاقتصاد القائم على المعرفة. ومن المتوقع أن تدفع الخطة الاستراتيجية إجمالي الناتج المحلي في دبي ليصل إلى 108مليارات دولار في عام 2015ما يدعو إلى تكاتف الجهود للحفاظ على مكانة دبي كمركز إقليمي وعالمي للأعمال. وأشار إلى أن معهد التمويل الدولي (IIF) يعد المنظمة العالمية الوحيدة التي تجمع تحت مظلتها المؤسسات المالية، وتطوّر أفضل الممارسات والمعايير بما يلبي المتطلبات المتغيّرة لمجتمع المال، وبالتالي المساهمة في دعم استقرار القطاع المالي عالمياً، وبذلك، فإنني على ثقة تامة بأن هذا المؤتمر لمعهد التمويل الدولي (IIF) سيصبح بمثابة منتدى إبداعي لا غنى عنه للمديرين التنفيذيين المصرفيين في شتى أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ما يساعدنا جميعاً على تعزيز استراتيجيات التطوير، وصنع القرار في المستقبل. وأضاف أكرمان أن تحقيق درجة أعلى من الشفافية يتطلب أساليب أفضل للتعامل مع مسألة التقييم المعقدة وهناك حاجة إلى رؤى أفضل عند تقييم المنتجات المالية المركبة، بما في ذلك اللجوء إلى المزيد من الإفصاح المفيد في ما يخص طرائق وفرضيات التقييم. ولكسب ثقة المستثمر، لابد للشركات من أن تكشف عن القيم السوقية الحقيقية للأصول في الوقت المحدد وتوضيح جميع المسائل التي قد تحيط بها أي شكوك. وألمح أكرمان أن هناك دروساً جيدة لنستفيد منها حول الممارسات الرشيدة في مجال إدارة المخاطر في كل ما يتعلق بالسوق، والائتمان، والسيولة، والعمليات. وهذا يبدأ بالتطبيق الصارم لبنود النظام الداخلي الخاص بالافتراضات ومخاطر التسعير. ويتعين أيضاً التأكد من أن البنوك توزع رأس المال بتكاليف مكافئة للمخاطر، بالإضافة إلى المتابعة المستمرة لصحة ومواءمة نماذج المخاطر. وهذا يحتاج إلى تقييم ما إذا كان تطبيق الطرق المستخدمة يتم بالشكل الصحيح وكذلك تقييم الجدوى الاقتصادية لهذه الطرق. وبالطبع، فإن الاستناد إلى أحكام طرف ثالث ليس كافياً، مما يملي وجود أنظمة عالية الأداء وثقافة حازمة لإدارة المخاطر. وأشار إلى أن أزمة الرهن العقاري لم تؤثر بشكل كبير في الأسواق الناشئة، حيث تتمتع تلك الأسواق بمرونة نسبية، وخلافاً للعديد من الأزمات السابقة، نجد أن الهزات التي شهدتها الأسواق الغربية لم تمتد إلى أسواق الائتمان والصرف الأجنبي والمال العالمية، على الرغم من أننا لاحظنا بعض التصحيحات الكبيرة في أسواق الأسهم، وبصورة عامة، فقد أدت الهزات في الأسواق المتقدمة حتى الآن على الأقل إلى إعادة تقييم نسبية للمخاطر لمصلحة بعض البلدان والقطاعات، خاصة في الأسواق الناشئة، على حساب أخرى، وبالأخص تلك الأكثر ارتباطاً بالائتمان الاستهلاكي الأمريكي. حتى في ظل أزمة الرهن العقاري، فقد نما صافي التدفقات الرأسمالية الخاصة إلى الأسواق الناشئة بشكل كبير خلال عام 2007بنحو 20% إلى 680مليار دولار أمريكي، وفقاً لتقديرات معهد التمويل الدولي الأولية. وتعتبر مرونة الأسواق الناشئة أمراً مشجعاً، إلا أنها ليست مفاجئة. فهذه الأسواق تتسم بأنها أكثر رسوخاً من الماضي وتدعمها الأسعار القوية المستمرة للسلع، كما أنها تحظى بدعم سياسات سليمة واستثمارات محلية متنامية. وابتداء من البرازيل وحتى الهند، فقد فتحت هذه الدول أسواقها وأصبحت أكثر تكاملاً مع الاقتصاد العالمي. وتقدم لنا دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة عموماً مثالاً ساطعاً على ذلك. فبعدما أدركت الحاجة إلى تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط قبل سنوات عدة، انطلقت الإمارات نحو إيجاد بيئة عمل غير مسبوقة من حيث قدرتها على جذب الاستثمارات والخبرات الأجنبية وإرساء أسس راسخة للنمو والازدهار في المستقبل، وبالفعل فإن جميع دول الخليج تعيش اليوم ازدهاراً اقتصادياً لا مثيل له، تدعمه أسعار النفط المستمرة في صعودها، علماً أن الحوافز الاقتصادية تتجاوز مسألة النفط في ظل الارتفاع القياسي لمستوى ثقة واستثمارات القطاع الخاص. وبالتالي، لو انزلقت الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى فترة كساد، ولو تراجعت أسعار النفط، فإننا نعتقد أن التأثير سيكون خفيفاً بسبب الأعداد الكبيرة لمشاريع البنية التحتية التي يجري العمل على تنفيذها حالياً أو المخطط لها في دول مجلس التعاون الخليجي. وسيوفر أسساً متينة لنمو قوي على مدى سنوات قادمة في عدد من القطاعات، بما فيها الطاقة والبتر وكيماويات، والعقارات، والتجارة، والخدمات المالية، والسياحة. ونتوقع أن يسجل القطاع غير النفطي في دول الخليج نمواً اسمياً بنحو 14% خلال العام الحالي، وهي نسبة مماثلة للنمو المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة لعام 2008والذي سيتضاعف بأكثر من مرة واحدة إلى 900مليار دولار أمريكي مقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي لعام 2003.وفي هذا الإطار، أصبح القطاع المالي مصدراً مهماً للنمو في هذه المنطقة. فالنظام المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي يتسم بالرسوخ ويبدو أنه تجاوز بسهولة التصحيحات التي شهدتها أسواق الأسهم المحلية في المنطقة خلال عام 2006.وتتجلى قوة الأنظمة المالية الخليجية من خلال وفرة السيولة، وارتفاع القيمة السوقية، والربحية الجيدة، والدور الإشرافي المتنامي للسلطات المعنية. وفي هذا الصدد، لا بد من الإشادة بالجهود الحثيثة التي يبذلها مركز دبي المالي العالمي لترسيخ مبادئ حوكمة الشركات في المنطقة. ويسر زملائي في معهد التمويل الدولي التعاون المستمر مع المركز في هذا الجانب المهم. وقال اكرمان إن ظاهرة التضخم في دول الخليج تثير مخاوف متزايدة لدى المراقبين. حيث يعود تضخم الأسعار بشكل رئيسي إلى ضعف الدولار الأمريكي وطفرة الائتمان، بالإضافة إلى نقص المعروض، وخاصة في قطاع العقارات والإسكان، وفي ظل نمو أعداد أبناء الجاليات بما لا يقل عن 7% سنوياً، ومع الازدهار المستمر للأعمال في دبي، فإنه ليس مستغرباً أن يبقى العرض في قطاع السكن، والعقارات عموماً، في سعيه الدائم لمجاراة النمو المطرد في الطلب. ومن الواضح أيضاً أن السياسة النقدية في بعض دول مجلس التعاون الخليجي قد حاولت أن توقف كلياً الزيادة السريعة في الائتمان والتخفيف من ضغوط الضخم. وفي ضوء تلك الضغوط واحتمال خلخلة نقدية جديدة في الولاياتالمتحدة، ستبقى السلطات النقدية أمام تحد كبير، ألا وهو أن السياسة النقدية في معظم دول الخليج قد تضطر إلى الموازنة بين الإبقاء على ارتباطها بالدولار، العامل الذي ساهم حتى الآن في استقرار الاقتصاد الكلي، والمحافظة على الاستقرار النقدي. ومن هنا، فإن حواراً مدروساً ومكثفاً يدور في العديد من دول الخليج حول مستقبل أنظمة سعر الصرف، وإمكانية استمرار ربط العملات الخليجية بالدولار، والعملة الموحدة. ومما لا شك فيه، أن هذه المداولات ستسفر عن قرارات تأخذ في الحسبان الأهداف والظروف الخاصة لكل بلد.وتتعدى أهمية دول مجلس التعاون الخليجي بالنسبة للاقتصاد العالمي النجاح المذهل الذي حققته على صعيد التنمية الاقتصادية. ففي عام 2007بلغت حصة دول الخليج العربية حوالي 40% من إجمالي الصادرات النفطية العالمية، كما أنها تستأثر بحصة مماثلة من الاحتياطي النفطي العالمي المؤكد. وكواحدة من دول مجلس التعاون الخليجي، تبقى المملكة العربية السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم والدولة الوحيدة التي تمتلك طاقة إنتاجية احتياطية كبيرة. وتعمل دول الخليج بجدية تامة على تعزيز طاقتها الإنتاجية، إلا أن شركات إنتاج النفط الوطنية تواجه عقبات على صعيد التنفيذ لأنها تسعى في الوقت ذاته إلى تلبية الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي من قبل اقتصاداتها المزدهرة. وأخيراً، علينا أن نلاحظ الأهمية الكبرى لدول الخليج بالنسبة لاستقرار النظام المالي العالمي، حيث تظهر أبحاث معهد التمويل الدولي أن إجمالي صافي الأصول الأجنبية للقطاعين العام والخاص في دول مجلس التعاون الخليجي الست بلغ 8.1تريليون دولار بنهاية 2007ونتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى تريليوني دولار بنهاية العام الحالي.