أسدل أمس الستار على الانتخابات البرلمانية المصرية، آخر محطات «خريطة طريق المستقبل» التي أعلنها الجيش عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي في العام 2013. وتكتمل اليوم تشكيلة البرلمان، بإعلان نتائج جولة الإعادة للمرحلة الثانية التي جرت على 213 مقعداً في 13 محافظة، وسط مؤشرات على استمرار هيمنة المستقلين. وتعهد رئيس الوزراء شريف إسماعيل إنهاء البرنامج الحكومي الذي سيتم تقديمه إلى البرلمان قبل التئامه. وفي حين يبدو الرئيس عبدالفتاح السيسي مطمئناً إلى ضمان ولاء البرلمان المقبل الذي خاض معظم المرشحين المنافسة على مقاعده تحت لافتات دعم السيسي، يلقي ضعف الإقبال في المقابل بظلال من المخاطر على الاستقرار الذي سيكون محل اختبار عندما تحل الذكرى الخامسة للثورة في 25 كانون الثاني (يناير) المقبل، خصوصاً في ظل مساعي قوى معارضة إلى استئناف الحشد في الشارع. وأغلقت لجان الاقتراع أمس في ختام جولة الإعادة من المرحلة الثانية والأخيرة التي جرت في محافظاتالقاهرةوالقليوبية والدقهلية والمنوفية والغربية وكفر الشيخ والشرقية ودمياط وبورسعيد والإسماعيلية والسويس وشمال سيناء وجنوب سيناء، وتنافس فيها 426 مرشحاً فردياً على 213 مقعداً، بعدما تمكنت قائمة «في حب مصر» الموالية للسيسي من الفوز بكل المقاعد المخصصة للانتخاب بنظام القوائم. وبدأت مساء أمس عملية فرز أوراق الاقتراع تمهيداً لإعلان نتائج أولية، وسط توقعات بأن تتراوح نسب الإقبال بين 20 و25 في المئة من إجمالي الهيئة الناخبة في تلك المرحلة التي تضم أكثر من 28 مليون ناخب. وعزز تلك التوقعات إعلان اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات أن أكثر من 17 ألف مصري في الخارج صوتوا في 139 سفارة وقنصلية مصرية، وفقاً لإحصاءات أولية، وهو رقم يقل عن نصف عدد من صوتوا في الجولة الأولى التي سجلت نحو 37 ألف ناخب. واستمر ضعف الإقبال أمس، فغابت طوابير الناخبين، وبدت غالبية اللجان خاوية، وسجلت منظمات حقوقية استمرار التجاوزات الانتخابية المتبادلة، لاسيما الرشى وخرق الصمت الانتخابي وتوجيه الناخبين. وأعلن الناطق باسم لجنة الانتخابات عمر مروان، أن اللجنة تلقت 36 شكوى تتعلق جميعها بالدعاية الانتخابية، مشيراً إلى أن عدد اللجان التي تأخرت في فتح أبوابها بلغ 15 لجنة انتخابية، كما توقفت لجنتان «نتيجة مشاجرات بين أنصار مرشحين». ودعا «من يمتلك أي دلائل على تقديم رشى انتخابية إلى أن يتقدم ببلاغ للجنة رصد المخالفات في المحافظة التابع لها ولا يكتفي بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي أو إثارتها إعلامياً». وقال «التحالف المصري لمراقبة الانتخابات» إنه رصد في اليوم الثاني للاقتراع «إقبالاً ضعيفاً... وعدداً من الخروقات الانتخابية التي شملت توجيه الناخبين وشراء الأصوات ومنع وكلاء المرشحين من دخول اللجان». ولفت التحالف الذي يضم 128 منظمة حقوقية إلى أن «أجهزة الأمن فككت قنبلتين بدائيتي الصنع زرعهما مجهولون أمام إحدى لجان محافظة القليوبية، كما حصلت مشادات بين أنصار ناخبين». وأكدت غرفة عمليات مجلس الوزراء «انتظام العملية الانتخابية» في اليوم الأخير من جولة الإعادة، وقال رئيس الغرفة أسامة سنجر في تصريحات أوردتها وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، إن «العملية الانتخابية تسير في شكل منتظم، ولا شكاوى حتى الآن غير تأخر فتح بعض اللجان، وتم حلها جميعاً قبل الساعة الحادية عشرة صباحاً». وأضاف أن «محافظة شمال سيناء تشهد كثافة عددية على اللجان»، وهو ما أكده أيضاً الأمين العام للمحافظة اللواء سامح عيسي الذي أوضح أن «16446 ناخباً أدلوا بأصواتهم في اليوم الأول للاقتراع (أول من) أمس في دائرة العريش التي يتنافس فيها 4 مرشحين على مقعدين، والتي شهدت إقبالاً كبيراً من الناخبين على اللجان في الفترة المسائية»، فيما بلغ عدد الناخبين الذين توجهوا للإدلاء بأصواتهم في دائرة بئر العبد التي يتنافس فيها مرشحان على مقعد واحد 12578 ناخباً. وأفادت مصادر أمنية بأن قوات الشرطة ألقت القبض على أحد الأشخاص أمام لجنة لقيامه بتوجيه الناخبين للإدلاء بأصواتهم لصالح أحد المرشحين. وشهدت مدينة العريش إجراءات أمنية مكثفة بخلاف تأمين مقار اللجان ومحكمة شمال سيناء والمنشآت الحيوية في المدينة، إذ تم منع سير السيارات في محيط المنشآت الأمنية، ومنع وقوف السيارات قرب محيط المقرات الأمنية. وأعلن مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات رفعت قمصان أنه سيتم خلال يومي السبت والأحد المقبلين إجراء الانتخابات للمصريين بالخارج في الدوائر المؤجلة من المرحلة الأولى. وكانت انتخابات المرحلة الأولى أوقفت في أربع دوائر بحكم قضائي، وهي دوائر أول الرمل في الإسكندرية، ودمنهور في البحيرة، والدائرة الأولى في بني سويف، والدائرة الثانية في بني سويف. وأوضح قمصان أن «يومي إعادة الانتخابات في الداخل سيكونان الأحد والإثنين المقبلين». وأضاف: «عقب انتهاء إجراء الانتخابات البرلمانية سيتم عمل تقرير لتقويم الانتخابات في مرحلتيها الأولى والثانية يتضمن تقويماً شاملاً وسرداً للعملية الانتخابية ومفرداتها من واقع ما ستعلنه اللجنة العليا للانتخابات وتحليل النتائج من حيث الانتماءات السياسية والحزبية والفئات العمرية والنوعية للمرشحين، والفائزين في شكل نهائي فضلاً عن عرض الإيجابيات والسلبيات للعملية إن وجدت».