قدّمت إيران والدول الست المعنية بملفها النووي أمس، رؤيتين متباينتين في شأن مسار المفاوضات بين الجانبين. ففيما تحدثت طهران عن «زوال المسافة الضخمة» التي كانت تفصل بين الطرفين لجهة «تفهم المسائل»، أشار الاتحاد الأوروبي إلى أن مواقف الجانبين «تختلف في شكل كبير» في مجالات، مشدداً في الوقت ذاته على «التزام» المفاوضين الإيرانيين إبرام اتفاق نهائي يطوي هذا الملف. ونبّه سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، إلى أن موقفي إيران والدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) «متباعدان بشدة» في شأن مسألة تخصيب اليورانيوم، لافتاً إلى أن لطهران «مطالب ضخمة» في هذا الصدد. ريابكوف الذي يرأس وفد روسيا في المفاوضات مع إيران، اعتبر أن قضية التخصيب «بالغة الخطورة تحتاج جهداً شاقاً ومكثفاً وتثير نزاعات». وفي موقف لافت، حذر ريابكوف من أن ردّ بلاده على الغرب في شأن خلاف الجانبين حول التدخل الروسي في شبه جزيرة القرم في أوكرانيا، قد يطاول الملف النووي الإيراني. وقال: «لا نريد أن نستخدم هذه المحادثات عنصراً في لعبة مزايدة، نظراً إلى مزاج عواصم أوروبية، بروكسيل (المفوضية الأوروبية) وواشنطن». واستدرك: «لكن إذا أُرغمنا، فسنسلك طريق الانتقام، لأن الأهمية التاريخية لما حدث في الأيام والأسابيع الماضية، في ما يتعلّق بإعادة توحيد القرم وروسيا، لا يمكن مقارنتها بما نفعله في ما يتعلق بإيران. الخيار والقرار لزملائنا في واشنطن وبروكسيل». وأفادت وكالة «رويترز» بأن هيلغا شميد، مساعدة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، وجّهت رسالة إلكترونية إلى مسؤولين بارزين في دول الاتحاد، بعد جولة المحادثات مع إيران في فيينا التي اختُتمت الأربعاء. ووَرَدَ في الرسالة: «ما زال أمامنا عمل شاق نقوم به، لأننا في مرحلة مبكّرة من المفاوضات حول الاتفاق النهائي والشامل. في بعض المجالات تختلف المواقف في شكل ضخم». واستدركت: «لكن الانطباع هو أن المفاوضين الإيرانيين ملتزمون جداً بالتوصل إلى تسوية شاملة خلال فترة الأشهر الستة المُتفق عليها» في اتفاق جنيف الذي أبرمه الجانبان في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وينصّ على توصل الطرفين إلى اتفاق نهائي بحلول تموز (يوليو) المقبل. في المقابل، وصف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف جولة المحادثات في فيينا، بأنها كانت «مفيدة وبنّاءة جداً»، مضيفاً: «في ما يتعلق بالفهم والإيضاح، كانت من أنجح جولات محادثاتنا». وتابع: «أن المسافة الكبيرة التي كانت (تفصل) بين إيران والدول الست لجهة تفهّم المسائل، تقلّصت وزالت في هذه المفاوضات». وزاد: «أن الدول الست كانت لديها أفكار ورؤى خاطئة عن هدف إيران من برنامجها النووي، والآن بات طابعه السلمي والمنطقي واضحاً بالنسبة إلى الغرب». وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران تتابع تنفيذ اتفاق جنيف، وذلك في تقرير شهري تعدّه في هذا الصدد. في غضون ذلك، وجّه الرئيس الأميركي باراك أوباما رسالة مسجلة إلى الإيرانيين، لمناسبة احتفالهم بالسنة الجديد (عيد النوروز) اليوم، وَرَدَ فيها: «ثمة فرصة للتوصل إلى اتفاق، إذا اتخذت إيران خطوات جدية يمكن التحقّق منها، لطمأنة العالم إلى الطابع السلمي لبرنامجها النووي». واستدرك: «لست واهماً، سيكون الأمر صعباً، لكنني ملتزم الديبلوماسية، إذ أعتقد بأنها أساس لتسوية عملية». وأضاف: «إذا التزمت إيران تعهداتها الدولية، نعلم إلى أين يمكن أن يؤدي طريق الحوار وزيادة الثقة والتعاون... النوروز لن يكون عبارة عن بداية عام جديد فقط، بل هو فصل جديد في تاريخ إيران ودورها في العالم، بما يشمل علاقات أفضل مع الولاياتالمتحدة وشعبها، على أساس المصلحة والاحترام المتبادل».