برز في السنوات الأخيرة اسم جماعة «بوكو حرام» النيجيرية في الوسائل الإعلامية باعتبارها واحدة من الجماعات المتطرفة التي تمثل تهديداً في الدول والمناطق التي تتواجد فيها، شأنها في ذلك شأن تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) و«جبهة النصرة» في العراق وسورية، وحركة «الشباب» الصومالية. لكن «بوكو حرام» ليست حديثة العهد، إذ يعود تاريخ تأسيسها إلى كانون الثاني (يناير) 2002، على يد رجل الدين محمد يوسف الذي أعدمته الشرطة النيجيرية في العام 2009. غير أنها برزت أخيراً بعدما كثفت نشاطها ونفذت عمليات إرهابية عدة، ما وضعها في مواجهة مع الجيش والحكومة النيجيرية التي صنفتها بأنها «جماعة إرهابية» محظورة. وذكرت «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) أن اسم «بوكو حرام» هو مزيج بين اللغة العربية واللغة المحلية (الهوساوية)، إذ تعني كلمة «بوكو» (التعليم الغربي)، وبذلك يصبح اسم الجماعة باللغة العربية «التعليم الغربي حرام». وبدأت الجماعة المتطرفة عملياتها العسكرية في العام 2009، واستهدفت الجماعة في بداية عملياتها العسكرية مراكز للشرطة ومؤسسات حكومية من خلال سلسلة هجمات نفذتها في مدينة مايدوغوري عاصمة ولاية برنو قبل ستة أعوام. ويتزعم الجماعة المتشدد أبوبكر شيكاو عقب إعدام يوسف، وقامت بمنع ممارسة أي تقليد غربي وتطبيق «الشريعة» في البلاد، وتعتبر التصويت في الانتخابات وارتداء الأزياء الغربية وممارسة أي تقاليد على علاقة بالغرب «حرام». وتعتقد الجماعة أن القيم الغربية سبب رئيس للكثير من المشكلات في البلاد، مثل الفساد المستشري والفقر. وتعبر الولاياتالمتحدة هذه الجماعة «منظمة إرهابية» منذ العام 2013، كما أن زعيمها شيكاو «مجرم دولي» مطلوب للسلطات الأميركية، ورصدت واشنطن مكافأة بلغت سبعة ملايين دولار لمن يقدم أي معلومات تؤدي إلى القبض عليه. وتقول «وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية» (سي آي أي) إن الجماعة لديها حوالي ستة آلاف مقاتل متشدد يسعون إلى إقامة «دولة إسلامية» في شمال شرقي نيجيريا. وتسببت الجماعة بمقتل 17 ألفاً وتهجير حوالي 2.5 مليون شخص من مناطقهم، بحسب إحصاءات الحكومة النيجيرية. ولم تستهدف عمليات «بوكو حرام» الحكومة فحسب، إذ امتدت هجماتها إلى دور العبادة، فأحرقت كنيسة في ولاية بلاتيو وسط نيجيريا في حزيران (يونيو) 2014، فيما قتلت في هجوم على مسجد في مدينة يولا شمال شرقي البلاد في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حوالي 27 شخصاً وجرح 96، وقتلت الجماعة بتفجير انتحاري في مسجد في ولاية مايدوغري شمال شرقي نيجيريا، 28 شخصاً وجرح 20 آخرين. ومن أبرز العمليات الإرهابية التي نفذتها الجماعة خطف أكثر من 200 تلميذة من مدرسة في شمال نيجيريا في نيسان (أبريل) 2014، في عملية أثارت استياء دولياً كبيراً. وتعدت الجماعة الحدود النيجيرية إلى دول الجوار أيضاً، ونفذت عمليات إرهابية عدة في كل من تشاد والنيجر والكاميرون. وأعلنت تشاد الأسبوع الماضي حال الطوارئ في بحيرة تشاد الغربية لأربعة أشهر بعد هجوم ل«بوكو حرام» أدى إلى مقتل 12 شخصاً. وفي العام 2014، أعلن شيكاو مبايعته لتنظيم «داعش» الذي يسيطر على مساحات واسعة في سورية والعراق، وظل يظهر عبر مقاطع فيديو تُنشر على الإنترنت بين الحين والآخر، في وقت أعلنت السلطات النيجيرية مقتله مرات عدة، لكنه يعود للظهور عبر مقاطع صوتية أو مصورة مجدداً، نافياً رواية السلطات حول مقتله.