يترأس رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري غداً الاجتماع المشترك لهيئة مكتب المجلس ورؤساء اللجان النيابية ومقرريها، وعلى جدول أعماله بند وحيد يتعلق بالموقف من اجراء الانتخابات البلدية هذا الربيع في ضوء الارباك الذي ساد الاجتماعات المنفردة للجان المال والادارة والعدل والدفاع والبلديات والأمن التي خصصت لمناقشة مشروع قانون الانتخاب البلدي الذي أقره مجلس الوزراء وفيه مجموعة من الاصلاحات على القانون الحالي. ولا يكتسب الاجتماع أي صفة تقريرية باعتبار أن القرار النهائي يعود للهيئة العامة للبرلمان من دون اسقاط حق وزير الداخلية والبلديات زياد بارود في دعوة الهيئات الناخبة الى الاشتراك في الانتخابات البلدية من ضمن المهل المحددة في القانون الحالي، ولذلك فهو يأتي في اطار التشاور وعرض ما توصلت اليه اللجان النيابية من نتائج لا تدعو الى التفاؤل في امكان اعتماد مشروع القانون المقدم من الحكومة كأساس لانجاز الانتخابات البلدية. وعلمت «الحياة» أن سير المناقشات في الاجتماعات المنفردة لا يبشّر بأن مشروع القانون سيرى النور ما يجعل اعتماد القانون الحالي خياراً وحيداً وإلا لا مفر من التوافق على تأجيل الانتخابات وهذا ما يحتاج الى اصدار قانون عن الهيئة العامة للبرلمان طالما أن الحكومة ليست في وارد التأجيل، خصوصاً أن التذرع بالعامل التقني للتأجيل تحت عنوان اعطاء الفرصة الكافية للجان النيابية لاقرار الاصلاحات الواردة في مشروع القانون لا يفي بالغرض المطلوب. وأبرز ما تميزت به الجلسات المنفردة للجان النيابية المعنية هو عدم تناغم معظم الكتل النيابية الرئيسة مع مواقف ممثليها في الحكومة الذين وافقوا بالاجماع على المشروع الذي بصفة المعجل المكرر الى البرلمان. وتبيّن أن بعض الكتل النيابية تراجعت عن التزامها النظام النسبي في الانتخابات البلدية في جميع البلدات من دون استثناء، واستبدلت به تأييدها لحصر النسبية في المدن والبلدات الرئيسة الكبرى. وهذا ما يسري على موقف نواب كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) الذين حصروا تأييدهم للنظام النسبي في بلديات بيروت والمدن التي تصنّف على أنها عواصم للمحافظات أو الأقضية. كما أن «حزب الله» يلتقي مع اصرار «تكتل التغيير والاصلاح» برئاسة العماد ميشال عون على اقرار الاصلاحات كأساس لاجراء الانتخابات البلدية وإلا لا بد من تأجيلها الى حين التوافق عليها. كما أن اعتماد النسبية في البلديات، كما تقول مصادر نيابية ووزارية، بات بحكم الملغى بسبب انعدام الحماسة لدى معظم الكتل الرئيسة وهذا ما ظهر من خلال المناقشات التي سادت اجتماعات اللجان خلافاً لتبنيها لها في الحكومة. وعزت المصادر نفسها السبب الى أن معظم الكتل النيابية راجعت بعد موافقتها على اعتماد النسبية في مشروع القانون حساباتها وتبين لها صعوبة تطبيقه في نظام طائفي لا سيما في البلدات الصغيرة والمتوسطة اضافة الى أن لا ضمانات لتحقيق التوازن في المدن والبلدات الكبرى. وكشفت المصادر عينها أن معظم الكتل النيابية أخذت تتصرف في اللجان على أن النسبية ولدت ميتة وأن ليس هناك من يتبناها حتى من قبل أكثر الذين أظهروا حماستهم لها في جلسات مجلس الوزراء. وأكدت أن النسبية وضعت الآن خارج المواد الاصلاحية التي يجري التداول بها في اللجان النيابية المختصة مع أن معظم الكتل لا تتجرأ حتى الساعة على تحمل مسؤولية المشاركة في دفن النسبية لمصلحة النظام الأكثري. وبالنسبة الى الكوتا النسائية المنصوص عنها في مشروع قانون الانتخاب علمت «الحياة» أن معظم الكتل النيابية تتجنب أن تكون رأس حربة في مواجهة الجمعيات النسائية في احتجاجها على عدم إقرار الكوتا البلدية للمرأة، وبالتالي تفضّل الصمت حيناً أو المزايدة حيناً آخر لرمي المسؤولية على غيرها من الكتل. وقالت المصادر عينها إنها لا تريد حشر بعض الكتل التي رفضت في المبدأ تخصيص كوتا بلدية للنساء أو تلك التي أخذت حماستها تتضاءل بذريعة أن من غير الجائز التصديق على اصلاحات بلدية تميّز بين المرأة والرجل باعتبار أن قانون الانتخاب يجيز للجميع الترشح والانتخاب ولا يضع أي عوائق أمام ترشح المرأة. وتابعت: «من تراجع عن تخصيص كوتا بلدية للنساء أخذ منذ الآن يتذرع بأن التمييز بين المرأة والرجل غير قائم وبالتالي من غير الجائز ادراجه في قانون يمكن تعريضه للطعن باعتبار أنه يتناقض مع المعاهدات الدولية التي وقع لبنان عليها والتي ترفض أي شكل من أشكال التمييز». أما في شأن طبع صور المرشحين للانتخابات على اللوائح البلدية فإن معظم الكتل النيابية تميل الى رفضها بذريعة أن لا شيء يفرض التقيد بهذا البند طالما أن اللوائح الانتخابية ليست مقفلة، بينما يكثر الحديث في الاجتماعات المنفردة للجان عن وضع قيود بخصوص السماح للموظفين بالترشح للبلديات على أن يكون محصوراً بموظفي الفئة الرابعة وتحديداً العاملين منهم في قطاع التعليم العام، بحجة أن هناك مخاوف من تعميم حق الترشح ليشمل على سبيل المثال لا الحصر، الموظفين في الدوائر العقارية الذين سيكون في مقدورهم استغلال نفوذهم في المجالس البلدية لخدمة مصالحهم الخاصة عبر تمرير المعاملات التي تدر عليهم فوائد مالية. لذلك فإن التنافس المستمر، على الأقل في العلن، بين النواب على اجراء الانتخابات البلدية لا يخفي الاعتقاد السائد لدى المصادر الوزارية والنيابية بأن مشروع القانون البلدي على وشك أن يلقى حتفه بالجملة، وبالتالي فإن بعض بنوده الاصلاحية ستطير منه كلما أخذت تضيق رقعة المناورة لمصلحة تبيان حقيقة الموقف من اجراء الانتخابات ومن يعترض عليها لكنه يتمنى أن ينوب غيره عنه لاطاحتها. وعليه فإن الفرصة ما زالت مواتية لاجراء الانتخابات في موعدها ان على أساس القانون الحالي من دون أن يتضمن أي اقتراحات اصلاحية جذرية. فهل يعطي بري الضوء الأخضر لاجراء الانتخابات على أساس القانون الحالي وهو صامد حتى الآن على موقفه الداعي الى اتمامها وبالتالي ما الثمن المطلوب تقديمه للعماد عون الذي يصر على اقرار الاصلاحات البلدية؟ وفي حال تعذر على القوى الرئيسة اعطاء أي ثمن لعون فماذا سيكون موقفه وهل يتضامن معه حليفه «حزب الله» الذي يجاريه في دعوته الى تأجيل الانتخابات اذا لم تتلازم مع اقرار الاصلاحات؟ وكيف سيتعامل تيار «المستقبل» وحلفاؤه مع التأجيل وأين يقف رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط في خياراته البلدية... وهل «يبيع» موافقته على التأجيل ل «حزب الله» الذي كان صارحه برغبته بهذا الخصوص وبالتالي من سيتبرع للتوقيع على اقتراح القانون الرامي الى تأجيلها الى جانب كتلتي «التغيير» و «الوفاء للمقاومة» لا سيما أن المشروع الاصلاحي أفرغ من مضمونه؟