يعتزم المغرب تحرير قطاع المحروقات مطلع العام المقبل، والسماح للشركات العاملة في قطاع الطاقة بتوريد كل أنواع زيوت الوقود وتسويقها وتخزينها بحرية. ويُعدّ هذا الاتجاه الإجراء الأول الذي يشمل المواد البترولية التي يستورد منها المغرب 97 في المئة من حاجات السوق المقدّرة ب11 مليون طن سنوياً. وأكدت مصادر أن أسعار المحروقات ستخضع لمبدأ المنافسة واقتصاد السوق الحرة بين شركات التوزيع، بعدما قررت الحكومة رفع يدها عن القطاع والاكتفاء بالمراقبة التقنية، وضمان تأمين المخزون الإلزامي الاستراتيجي الذي يتراوح بين شهرين وثلاثة وفق الظروف. وستخضع الأسعار في محطات التوزيع لمرجعية السوق العالمية في روتردام (هولندا) هبوطاً وصعوداً بعد انسحاب الحكومة من دعم المحروقات، واكتفاء «صندوق المقاصة» بتمويل فرق سعر قوارير الطهي، التي خصصت لها الموازنة الجديدة اعتمادات بقيمة 15 بليون درهم لعام 2016. وأوضحت المصادر أن الأسعار الجديدة تتكون من سعر الطاقة النهائي في السوق الدولية، تُضاف إليه كلفة الشحن والضرائب المفروضة على المحروقات وهوامش ربح الموزعين، ما يجعل الأسعار مرشّحة للارتفاع عن المستويات قبل تحريرها. وأفادت بأن أي زيادة في سوق النفط الدولية ستنعكس مباشرة على المستهلكين، بمعنى احتمال ارتفاع الأسعار إلى المستوى الذي كانت عليه قبل تراجعها العام الماضي. ولفتت المصادر ل «الحياة»، إلى أن الأسعار ستخضع للعرض والطلب، ولن تكون موحّدة في كل مناطق المغرب، وستختلف من محطة إلى أخرى ومن شركة توزيع إلى أخرى، لكن سيكون الاختلاف طفيفاً وتتحكم فيه المسافة بين ميناء المحمدية النفطي ومحطة التوزيع النهائية. وتنحصر سوق توزيع المحروقات في المغرب بخمس شركات، يتبع بعضها لمجموعات نفطية دولية. ويتزامن تحرير أسعار المحروقات مع استمرار الخلاف بين الحكومة وشركة «سامير» التي تملك أكبر محطة تكرير في المغرب، على خلفية رفع رأسمال المجموعة قيمة تمويل المشاريع الجديدة في الشركة السعودية - المغربية وكلفته وطريقته، والتي توقفت عن تكرير النفط منتصف آب (أغسطس) الماضي. وأفضى هذا الوضع إلى بروز مخاوف في تزويد السوق المحلية، وتحوّلت إلى حجة استعملتها الحكومة ضد الشركة، وهي تطالبها بدفع ضرائب بقيمة 13 بليون درهم من مجموع ديون تقدر ب43 بليوناً ( نحو 4.5 بليون دولار). وأعلنت «مجموعة بن صالح» التي تملك حصة تتراوح بين 6 و7 في المئة في رأسمال الشركة وعضوية مجلس الإدارة، انسحابها من جمعية المساهمين، ما فاقم الخلاف بين الشركاء. وكشف وزير الطاقة والمعادن والماء المغربي عبدالقادر أعمارة، خلال اجتماع للوكالة الدولية للطاقة في باريس أول من أمس، عن النية «لعرض مشاريع وعقود عمل أمام المستثمرين الدوليين في قطاع الطاقات الأحفورية والمتجدّدة، باستثمارات قيمتها 40 بليون دولار خلال السنوات المقبلة». ولفت إلى أن فرص الاستثمار في قطاع الطاقة في المغرب «تبلغ 35 بليون دولار في الكهرباء والطاقات المتجددة، و2.3 بليون دولار في التجهيزات والبنى التحتية للغاز الطبيعي». وذكر أن المغرب «سينجز مرفأ خاصاً بتوريد الغاز وتخزينه في مدينة أسفي جنوبالدار البيضاء بكلفة 4.6 بليون دولار، للتخفيف من تبعيته للغاز الجزائري الذي يعبر المغرب في اتجاه أوروبا، وينتهي العمل بالعقد الموقع عام 1993 بين الدول الثلاث المعنية بأنبوب غاز المغرب العربي، أي الجزائر والمغرب وإسبانيا، عام 2021». وينفذ المغرب حالياً مشاريع في مجال الطاقة الشمسية باستثمارات قيمتها 9 بلايين دولار، لبناء خمس محطات كهرباء حرارية في عدد من المناطق. تُضاف إليها مشاريع طاقة رياح لتأمين نحو 42 في المئة من الكهرباء غير الأحفورية بحلول عام 2020.