تشهد باريس، عرض مسرحية «واحد بيكاسو» من إخراج الأميركي ستيفن أولمان بعد تقديمها في سانتا مونيكا في أميركا وقبل جولة أوروبية وأميركية عريضة طوال الموسم الخريفي الشتوي الحالي. والمسرحية ألفها جيفيري هاتشر، وهو من المؤلفين الأميركيين المرموقين في مجالي المسرح والسينما والتلفزيون، وتضم قائمة أعماله بعض حلقات المسلسل الشهير «ذي متتاليست» من بطولة سيمون بيكر، وأفلام «السكرتيرة» و»الدوقة» و»الصبيان لا يبكون» وهو الفيلم الذي أطلق الممثلة هيلاري سوانك إلى النجومية. وتقدم مسرحية «واحد بيكاسو» فوق خشبة مسرح «دي نيل» في باريس، ويؤدي بطولتها الممثل شارلز فتحي الجزائري الجذور المقيم في لوس أنجليس والذي يجيد اللغتين الإنكليزية والفرنسية إضافة إلى لغته الأصلية أي العربية، ما يدفع المسرح إلى تقديم العرض بالفرنسية في بعض الأوقات، وبالإنكليزية في سهرات أخرى خصوصاً أن الممثلة ناتاليا لازاروس التي تشارك فتحي البطولة تتكلم اللغتين أيضاً بطلاقة. ويؤدي شارلز فتحي شخصية بيكاسو في المسرحية بأسلوب يستحق الاهتمام مبلوراً أبرز مقوماتها من الأنانية إلى السخاء مروراً بعدم المبالاة تجاه كل ما لا يخصه شخصياً، حتى على الصعيدين الاجتماعي والسياسي. إضافة إلى حكاية إقامته في باريس من دون أن يعبر عن أي فضول تجاه الحركات الفنية والثقافية التي تخللت حياة العاصمة الفرنسية في حينه. وذلك كله إلى حين رسمه لوحة «غرنيكا» التي، فجأة، قدمت الدليل الحي على النظرة التي كان يلقيها بيكاسو على مأساة الحروب وبؤس البشرية إثرها. وفي مسرحية «واحد بيكاسو» نرى الرسام يواجه امرأة ألمانية نازية في عز أيام الحرب العالمية الثانية، وترغب في حجز بعض لوحات بيكاسو لتقديمها في إطار معرض نازي يخص الفن الغربي المنحط. وتتخذ المواجهة شكل نقاش حاد بين الطرفين يسعى الفنان من خلاله إلى الدفاع عن أعماله ضد تهمة الانحطاط الموجهة بوضوح إليه، بينما ترد عليه النازية بذكاء حاد وقوة سيكولوجية خارقة مدافعة بدورها عن وجهة نظرها ووجهة نظر الحكم النازي عموماً في شأن لوحات بيكاسو، ومصرة على اقتناء ثلاثة أعمال لعرضها في المناسبة المذكورة. ويحسن فتحي تحديد معالم هوية بيكاسو من قوة وقسوة وحنان ورومانسية وعناد وديبلوماسية في مواجهة العداء الذي تمثله ببراعة أيضاً ناتاليا لازاروس مازجة بين سحر أنوثتها وجبروت تربيتها النازية من أجل الحصول على مناها. وقد غير فتحي في ملامحه من أجل أن يقترب إلى أكبر درجة ممكنة مما كان عليه بابلو بيكاسو في الحقيقة، خصوصاً ما يخص الناحية الجافة المميزة في مظهره. وشارك فتحي سابقاً في العديد من الأعمال المسرحية في أميركا وأوروبا خصوصاً فرنسا، متأرجحاً بين الكوميديا («الشك» للمؤلف الفرنسي جورج فيدو)، والدراما («روح سيتشوان الطيبة» لبرتولد بريخت)، وأنتج كذلك وأخرج أعمالاً كلاسيكية وحديثة في نيويورك إضافة إلى نشاطه كممثل، غير أدواره السينمائية والتلفزيونية التي تعد على سبيل المثال وليس الحصر «ترانسبورتر» و«عملاء سريون: شيلد» و«الحرب الجيدة» و«ديان بيان فو» و«كيلر كيد». وإضافة إلى الفن يمارس فتحي رياضة سباق الدراجات البخارية، مشاركاً في مسابقات دولية وحاصداً أكثر من جائزة ولقب في هذا الميدان. ولا تزال عائلة فتحي تقيم في الجزائر.