كرر الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في المراسم الوطنية التي استضافتها باحة «أنفاليد» وسط باريس أمس لتكريم ضحايا مجزرة باريس في 13 الشهر الجاري، تعهده استخدام كل الوسائل لتدمير «جيش المتعصبين» (تنظيم داعش) الذي نفذ هذه الجرائم»، مشدداً على أن إرهابيي التنظيم «يدّعون التصرف باسم الإسلام فيما يجهلون رسالة القرآن الكريم». واتسمت المراسم، التي استغرقت 47 دقيقة وافتتحت بالنشيد الوطني تبعته دقيقة صمت ثم أغنية بعنوان «عندما لا يكون لدينا إلا الحب» للفنان الراحل جاك بريل، بالتأثر والوجوم اللذين بلغا ذروتهما لدى تلاوة اثنين من ضباط الجيش الفرنسي أسماء الضحايا الذين بلغ عددهم 130 قتيلاً و352 جريحاً، وفقاً للترتيب الأبجدي فيما كانت صورهم تظهر على شاشة عملاقة وضعت في وسط الباحة. ووقف هولاند منفرداً في الباحة، وخلفه أعضاء الحكومة وعدد من المسؤولين السابقين والديبلوماسيين الأجانب، وإلى جانبهم أسر الضحايا وممثلون عن رجال الإطفاء والشرطة والمسعفين الطبيين الذين ساعدوا في إغاثة الضحايا. وكانت الرئاسة الفرنسية طالبت المصورين بعدم التقاط صور لأسر الضحايا خلال المراسم تقديراً لمشاعرهم، علماً أن عدداً قليلاً منهم اختار عدم المشاركة، فيما طلبت أسرة أحد الضحايا عدم ذكر اسم فقيدها. وفي الخطاب الذي ألقاه، تعمد هولاند التوجه مباشرة إلى الضحايا الذين قال إنهم «جسدوا سعادة العيش في فرنسا»، وإلى أسرهم، واعداً بأن «فرنسا تقف إلى جانبكم، وسنضم قوانا لتهدئة أوجاعكم». لكنه توجه أيضاً في شكل غير مباشر إلى تنظيم «داعش» الذي انتمى إليه منفذو المجزرة ولا يزال اثنان منهم مطاردان، قائلاً: «نعرف العدو، وهو الحقد الذي يقتل في كل مكان» و «العدو هو التعصب الذي يريد فرض نظام غير إنساني، وإسلام يغفل رسالة القرآن الكريم». وأكد أن فرنسا ستستخدم كل ما لديها من وسائل لتدمير هؤلاء المجرمين الذين أرادوا «إلغاء الفرح» و «القضاء على الحرية»، وإثارة الانقسام بين الفرنسيين «لكنهم لن ينجحوا، وضحايا المجزرة هم وجه فرنسا اليوم وجسدوا قيمنا التي من واجبنا الإبقاء عليها بلا الرضوخ للخوف». واختتم التكريم اتصالات ماراتونية أجراها هولاند مع كل من بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وروسيا وحصل خلالها على تعهد بمزيد من الدعم، لكنه لم ينجح في تشكيل الائتلاف الدولي الواسع الذي أراده في مواجهة داعش. على صعيد آخر، نفى وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف تلقي بلاده معلومات عن احتمال شن هجوم وشيك قبل اعتداءات 13 تشرين الجاري. وقال: «حصلنا على معلومة وحيدة تتعلق بعبور الارهابيين اليونان قبل اسابيع. وهي وصلت الينا غداة الاعتداءات من جهاز اجنبي خارج الاتحاد الأوروبي». وتوصل المحققون الى ان انتحاريَين من ثلاثة فجروا أنفسهم قرب ستاد دو فرانس بضاحية شمال باريس اندسوا الشهر الماضي بين مهاجرين سوريين وصلوا الى اوروبا هرباً من الحرب في بلادهم. وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ونظيره الروسي فلاديمير بوتين اكدا خلال لقائهما في موسكو والذي انتهى في وقت متأخر من ليل الخميس، ان الوقت حان كي توحد القوى العالمية قواها ضد متشددي «داعش» الذين يسيطرون على أراضٍ واسعة في سورية والعراق. لكن العمليات العسكرية للبلدين في سورية ضد «داعش» التي تبنت اعتداءات باريس، تستهدف اهدافاً مختلفة. وكان لافتاً تجنب الزعيمين النظر إلى بعضهما البعض خلال تصريحاتهما المقتضبة التي نقلها التلفزيون، ما يسلط الضوء على العلاقة الحرجة بين روسيا والغرب بسبب أزمة أوكرانيا، والخلافات حول السياسة في الشرق الأوسط. الى ذلك، أبلغت فرنسا مجلس اوروبا قرارها «مخالفة الاتفاق الأوروبي لحقوق الانسان» بسبب فرضها حال الطوارئ بعد اعتداءات باريس. وأعلن مجلس اوروبا ان الاتفاق يبقى مطبقاً في فرنسا، «إذ لا يمكن السماح بمخالفة بعض هذه الحقوق، خصوصاً حق الحياة ومنع التعذيب والعقوبات او المعاملة غير الانسانية او المهينة. كما لا يمكن مخالفة العبودية ومبدأ لا عقوبة بلا قانون. وتنص المادة 15 من الاتفاق الأوروبي لحقوق الانسان على هذا الابلاغ. وهي تقضي بأنه «في حال حرب او خطر عام آخر يهدد حياة الأمة، يمكن لأي دولة وقعت الاتفاق اتخاذ اجراءات تخالف الالتزامات الواردة فيها، شرط ابلاغ مجلس اوروبا». لكن المجلس لا يملك حق ابداء الرأي في صحة الخطوة التي نفذتها فرنسا، بل المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان التي تضمن الاتفاق. في موريتانيا، أعلن تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» مسؤوليته عن قتل شخصين اتهمهما بأنهما عملا لمصلحة الاستخبارات الفرنسية لجمع معلومات وكشف معسكرات له وقتل بعض عناصره. والرجلان هما محمد آغ عبدالله الملقب ب (كانو) والذي قتل في مدينة بير يوم في 9 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، والثاني فهو الفجر آغ سيدي محمد الذي قتل في 19 الشهر ذاته بعد اعتقاله وسط مدينة برج باجي مختار بالجزائر.