حولت الأمطار الغزيرة التي تواصل هطولها على منطقة القصيم لليوم الثالث على التوالي، شوارع إلى أودية وشعاب، ولحقت أحياء في مدينة بريدة أضرار «جسيمة»، أجبرت رجال الدفاع المدني على مناشدة قاطني حي الإسكان من خلال مكبرات الصوت، بإخلاء منازلهم، والخروج منها في ساعات الصباح الأولى أمس (الأربعاء)؛ لغزارة الأمطار. وتحول الحي إلى «بركة»، وهو ما أدى إلى إخلاء أكثر 250 عائلة، و1900 شخص. كما أدت إلى سقوط أشجار وأعمدة إنارة وأجزاء من المباني، وتضررت مستشفيات عدة، منها: الملك فهد التخصصي، الذي شُلت فيه الحركة المرورية، بسبب مياه الأمطار التي حاصرت جميع المداخل والمخارج. كما تم إخلاء مبنى الممرضات المجاور للمستشفى من الدفاع المدني، وإخلاء 297 ممرضة، لما يشكله المبنى من خطر عليهن بعد دهم السيول له. وتكررت الحال في مستشفى الولادة والأطفال، الذي شهد تسربات في المبنى الجديد. ولم تسلم المجمعات التجارية من المياه التي غمرتها وهدمت أجزاء من بعضها، وتحول مجمع شهير في مدينة بريدة إلى «بركة»، وهو ما أدى إلى إغلاق أبوابه أمام الزبائن. وتحول شارع الملك عبدالعزيز (الخبيب)، والذي يُعد أقدم شوارع القصيم وقلبها النابض، وأهم مكان اقتصادي في المنطقة، إلى وادٍ، فشُلت الحركة المرورية، وغرقت المحال التجارية والسيارات. ولم يستطع أحد الدخول إليه أو الخروج منه، إلا بقارب نجاة. وتسبب الأمطار والرياح الشديدة في سقوط أجزاء من محطات وقود، سواء بشكل جزئي أو كلي، وكذلك هي الحال للوحات الإرشادية في الشوارع والميادين. وتحولت مجمعات صيانة السيارات إلى مستنقعات مائية غمرت الورش بالماء الكثيف. وحرمت العمال من مواصلة أعمالهم بعد الأضرار الكبيرة التي لحقت في موادهم، وفي السيارات التي جرفتها السيول. وكشفت الأمطار التي هطلت مساء أمس (الأربعاء) سوء التصريف في الأحياء والشوارع والأنفاق التي أغلقت تماماً، سواءً على الطريق الدائري الرابط بين مدينة بريدة وبقية المحافظات، أو في أنفاق بريدة، سواءً طريق الملك فهد أو طريق الملك عبدالله، إضافة إلى الانهيارات في الشوارع الرئيسة بداية من طريق عمر بن الخطاب، مروراً في شوارع رئيسة وفرعية داخل الأحياء. كما أغلقت شوارع أخرى، بسبب سقوط الأشجار وأعمدة الإنارة، والتي لم تقاوم شدة الرياح. وتسببت الأمطار في تلفيات كبيرة للمنازل التي دهمتها في ساعات الصباح الأولى أمس. وأفسدت كل ما هو صالح للاستعمال من أثاث ومواد غذائية، وتسببت في تماسات كهربائية، وسببت حرائق، وفرت العائلات هرباً من مصيرها المجهول من هذه الأحياء إلى الفنادق والشقق المفروشة في أحياء لم تتضرر من السيول. وتنبهت بريدة في منتصف الليل على دوي سيارات الإسعاف والأجهزة الأمينة التي انتشرت في كل مكان من المدينة، لإنقاذ المحتجزين في سياراتهم ومنازلهم، من المواطنين والمقيمين. وهو ما دعا أمير المنطقة الدكتور فيصل بن مشعل مساء أمس (الأربعاء) إلى قيام بجولة ميداينة، وبمعيته جميع مديري الإدارات الحكومية؛ للوقوف على الأضرار الناتجة عن السيول. إلى ذلك، حول أمير منطقة القصيم رئيس مجلس المنطقة الدكتور فيصل بن مشعل، جلسة مجلس المنطقة أمس، من جلسة «اعتيادية» إلى «طارئة»، استمع خلالها إلى إفادات قدمها قادة أجهزة خدمية، عن تداعيات السيول والأمطار، التي هطلت على المنطقة وآثارها على خدمات كل من الدفاع المدني والبلديات والمياه والمرور والكهرباء والخطط العاجلة للتخفيف من تبعاتها، إضافة إلى الإجراءات الاحترازية المتخذة في مثل هذه الظروف. وشدد على ضرورة تكاتف الجميع والتنسيق المتبادل بين القطاعات الحكومية كافة، ومضاعفة الجهود للعمل على حماية الأرواح والممتلكات وتقديم العون والمساعدة للمتضررين، جراء السيول التي شهدتها بريدة. وجال أمير القصيم، برفقة أعضاء مجلس المنطقة، في المواقع التي تأثرت بسبب هطول الأمطار. ووجه الجهات المختصة كافة بالتنسيق ومباشرة الأعمال الإسعافية واتخاذ الحلول السريعة لعلاج الكثير من الحالات بشكل فوري، قبل أن يعود ثانية إلى مقر الإمارة، لمناقشة ما تم رصده ميدانياً وفي المواقع الأكثر تأثراً، إذ تم تحديد المشكلات والاستراتيجية والمقترحات والبدائل للمعالجة، وسيتم الرفع بها إلى المقام السامي بتقرير مفصل عن ما تم عمله خلال هذه الجلسة الطارئة. وبين أمير القصيم أنه تم إخلاء أكثر من 1200 شخص من أحياء متفرقة في بريدة، وإيواء وإسكان 90 عائلة، تضم 653 فرداً، ولا يزال الإيواء مستمراً بحسب الحاجة، لافتاً إلى تشكيل لجان لحصر الأضرار الناجمة عن الأمطار، مؤكداً عدم وجود أضرار بشرية (وفيات وإصابات). وأوضح الأمير فيصل بن مشعل أنه تم خلال الجولة الوقوف على عدد من المواقع، التي كشفت عن توقف محطات السيول في كل من طريق الملك عبدالعزيز، وحي الشماس، وحي العجيبة، إضافة إلى تعطل العمل في المقر الرئيس لمديرية المياه في المنطقة، وتوقف أجهزة التصريف، لعدم استيعاب مياه الأمطار، وذلك تضرر سور مستشفى الملك فهد التخصصي الجنوبي، وأيضاً تضرر سكن الممرضات في المستشفى، وتعطل ثمانية خطوط رئيسة للكهرباء.