اتخذ الاتحاد الأوروبي ثلاثة اجراءات صارمة ضد سياسة الاستيطان الإسرائيلي، وكان آخرها تمييز منتجات المستوطنات قبل أسبوعين، ومن ضمن هذه الاجراءات شطب منظمة «حماس» من لائحة الإرهاب، بالإضافة إلى اعتراف السويد رسمياً بالدولة الفلسطينية، وأيضاً اعتراف رمزي من بعض الدول الأوروبية في العام الماضي، الأمر الذي واجه معارضة وتنديداً من قبل إسرائيل، وبخاصة من رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو. وكان آخر الإجراءات قبل أسبوعين، حين أصدر الاتحاد الأوروبي بياناً أقر فيه وضع ملصقات لتمييز المنتجات الآتية من المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة منذ العام 1967، القرار الذي واجه رفضاً إسرائيلاً، واستدعي على إثره ممثل الاتحاد الأوروبي لدى إسرائيل. ولقي القرار الذي تم تأجيله مرات عدة، تبنياً من قِبل المفوضين الأوروبيين خلال اجتماعهم في بروكسيل، إذ أكد الاتحاد الاوروبي أن الهدف من القرار تزويد المستهلكين الاوروبيين بالمعلومات الخاصة بالمنتج، ولا يحمل في طياته أي أهداف سياسية، ورحب الفلسطينيون بقرار الاتحاد الأوروبي واعتبروه ايجابياً. وأفاد مكتب الإحصاء الإسرائيلي أن «صادرات إسرائيل إلى الإتحاد الأوروبي، تراجعت بنسبة 2.6 في المئة خلال الشهور التسعة من العام الحالي 2015، بالمقارنة مع الفترة ذاتها العام الماضي». وتزامن هذا التراجع مع تصاعد حملات المقاطعة ضد منتجات وبضائع المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي الضفة الغربية منذ العام 2014. وكانت مجموعة «أورانج» الفرنسية، أكدت رغبتها في إنهاء عقد ترخيص العلامة مع شركة «بارتنر» الإسرائيلية للاتصالات، ورفضت الدخول في أي نقاش سياسي على خلفية هذا القرار. وفي سياق متصل، قام الاتحاد الاوروبي بمنع استيراد الدواجن والبيض من المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربيةالمحتلة والقدس الشرقية، إذ أنها لا تعترف بالإشراف البيطري خارج حدود اسرائيل ما بعد العام 1967. وفي 17 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ألغت ثاني أعلى محكمة في الاتحاد الأوروبي، قرار الاتحاد الذي يعتبر حركة «حماس» ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، مع الابقاء على وضعها الحالي مؤقتاً لفترة ثلاثة أشهر أو لحين البت في الاستئناف. وقالت المفوضية في بيان إن هذا الشطب «قرار قانوني وليس قراراً سياسياً تتخذه حكومات الاتحاد الأوروبي، والذي سيتخذ في الوقت المناسب الخطوات التصحيحية المناسبة، بما في ذلك احتمال الطعن». وأكدت الناطقة باسم المفوضية المكلفة الشؤون الخارجية مايا كوسيانسيتش أن «القرار القانوني يستند بوضوح إلى مسائل إجرائية ولا يتضمن أي تقييم من قبل المحكمة للحجج الجوهرية لتصنيف حماس منظمة إرهابية». وسارعت «حماس» إلى الترحيب بالقرار واعتبرته «انتصاراً للقضية الفلسطينية»، فيما طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الاتحاد الأوروبي ب«إعادة إدراجها فوراً على اللائحة». ويأتي ذلك في أعقاب اعترافات البرلمانات الغربية بالدولة الفلسطينية، التي اعتبرت عملية البناء الاستيطاني التي تمارسها إسرائيل غير قانونية، وتتعارض مع مواثيق ومعايير القانون الدولي، كونها تهدّد الحل القائم على فكرة الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية. ورداً على وحشية آلة القمع الإسرائيلية ضد أهالي غزة في العملية الأخيرة المعروفة ب«الجرف الصامد»، نادت نقابات عمالية وأحزاب سياسية أوروبية بتعليق الشراكة التي تربطها مع إسرائيل. وكان الإتحاد الأوروبي أكثر جرأة حين أكد أنه لن يعترف بأي تغييرات على حدود ما قبل 1967، بما في ذلك ما يتعلّق بالقدس، غير تلك التي اتفق عليها الطرفان فضلاً عن أن تطوير العلاقات مع إسرائيل يرتكز إلى انخراطها في سلام دائم على أساس حلّ الدولتين. وفي تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، افتتح مجلس العموم البريطاني مسيرة الإعتراف الرمزي بالدولة الفلسطينية، إذ صوّت بغالبية 274 مقابل 12 صوتاً لمصلحة مشروع قانون يقضي بدعوة الحكومة البريطانية إلى الاعتراف بدولة فلسطينية تقام إلى جانب دولة إسرائيل. وفي السويد، ومع عودة الحزب الاشتراكي الديموقراطي إلى سدّة السلطة، أعلنت الحكومة السويدية في 29 تشرين الأول (أكتوبر) 2014، رسمياً اعترافها بدولة فلسطين. ويعتبر اعترافها الأول لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي. ودافعت السويد عن خطوتها في مواجهة ضغوط واشنطن وتل أبيب، وأعتبرت أن «لفلسطين أرضاً وشعباً وحكومة، ما يستدعي الاعتراف بها دولة بمقتضى القانون الدولي». وعلى الضفة الأخرى من النهر، تبنّى البرلمان الفرنسي في 2 كانون الأول (ديسمبر) الماضي قراراً رمزيّاً يدعو الحكومة إلى الاعتراف بدولة فلسطين. وصوّت على القرار الذي طرحه الحزب الاشتراكي 339 صوتاً مقابل 51 صوتاً رفضوا القرار. في المقابل، صوّت البرلمان الإسباني في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 على مشروع قرار يدعو الحكومة إلى الاعتراف الرمزي بالدولة الفلسطينية. وتعتبر أسبانيا واحدة من الدول الداعمة للقضايا العربية، فقد سبق لها انتقادها إسرائيل لبناء الجدار العازل والتوسّع في مصادرة الأراضي الفلسطينية وأيضاً رفضها المستوطنات باعتباره عملاً غير شرعي. يذكر أنه رداً على الإجراءات الأوروبية، صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر على قرار إقامة وزارة جديدة برئاسة وزير الداخلية جلعاد أردان تحت اسم وزارة «مواجهة مقاطعة إسرائيل» من أجل التصدي والوقوف بوجه عمليات المقاطعة.