بعد اعتداءات باريس الأخيرة، بات سؤال الإعلام وقادة الدول الأساسي حول فاعلية الحرب على تنظيم «الدولة الإسلاميّة» (داعش) أساسياً. وفي هذا الإطار نشرت «سي أن أن» تقريرا مفصّلاً عن دور الولاياتالمتحدة في الحرب على التنظيم في سورية والعراق، بالإضافة إلى الدور الروسي والإيراني والكردي. وذكر التقرير ان الرئيس الأميركي باراك أوباما، وعقب اعتداءات باريس، أبدى تساؤله عما اذا كانت الضربات التي تنفذها الولاياتالمتحدة ضد تنظيم «داعش» كافية ام لا، مشيراً إلى أنه قد يكون من الضروري تغيير الاستراتيجية المتبعة لمحاربة التنظيم. ويشن تحالف دولي ضربات جوية ضد التنظيم بقيادة الولاياتالمتحدة، ومشاركة فرنسا وبريطانيا، بالإضافة إلى مشاركة عربية وكردية، في شمال العراق وسورية. وأفاد التقرير أن الولاياتالمتحدة وشركائها في التحالف، شنوا حتى 16 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري ثمانية آلاف و833 غارة جوية، منها خمسة آلاف و383 في العراق، وألفين و833 في سورية، بحسب الأرقام الصادرة عن وزارة الدفاع الأميركية. وشنت الولاياتالمتحدة وحدها، حتى نهاية تشرين الأول (اكتوبر) الجاري، خمسة آلاف و473 ضربة جوية ضد التنظيم، فيما شنت الدول الأخرى (استراليا، بلجيكا، كندا، الدنمارك، فرنسا، الأردن، هولندا، وبريطانيا، البحرين، السعودية، تركيا والامارات) 1574 ضربة. وأشار التقرير إلى أن 66 في المئة من الضربات تمت ضد أهداف للتنظيم في العراق. وتنفذ جميع الضربات من خلال القيادة المركزية، المعروفة باسم القيادة المركزية الأميركية. ومن الصعب معرفة حجم مساهمة ومشاركة كل دولة في الضربات، باستثناء الولاياتالمتحدة التي تقود العمليات، وذلك لأن كل دولة تعلن على حدة عدد طلعاتها. وعلى سبيل المثال، تقوم كندا بإصدار تقرير يومي عن ضرباتها في سورية، فيما تصدر استراليا تقريراً شهرياً حول الأهداف التي حققتها في العراق. وفي بداية الحملة ضد التنظيم، في العام 2014، تعمدت فرنسا انتهاج استرتيجية شفافة نوعاً ما حول عملياتها الجوية. وكانت وزارة الدفاع الفرنسية تصدر تقريراً يومياً يتضمن تفاصيل الطلعات الجوية والاهداف التي حققتها. وقامت فرنسا، وتحديداً بعد اعتداءات باريس التي اودت بحياة 130 شخصاً، بالتاكد من ان جميع التقارير الإخبارية تشمل تفاصيل الطلعات الجوية التي تشنها ضد التنظيم في الرقة شمال سورية. وقام الأردن كذلك، وتحديداً بعد قيام التنظيم بحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة في شباط (فبراير) الماضي، ببث تقارير يومية على التلفزيون الرسمي حول الاهداف التي هاجمتها في سورية. وفي الشهر نفسه، وبعد قيام التنظيم بإعدام 21 مصرياً قبطياً في ليبيا، شنت الطائرات الحربية المصرية ضربات جوية ضد أهداف للتنظيم في ليبيا. وشنت تركيا في تموز (يوليو) الماضي، ضرباتها الجوية الأولى ضد التنظيم في سورية، بعد مقتل جندي تركي في عملية عبر الحدود، بالإضافة الى عملية انتحارية تبناها التنظيم وأسفرت عن مقتل 30 شخصاً في مدينة سوروتش جنوب البلاد. وفي خريف هذا العام، بدأت روسيا، وهي ليست عضواً في التحالف الدولي، تنفيذ ضربات جوية ضد التنظيم في سورية، كما نقلت دبابات وطائرات مروحية وغيرها من المعدات العسكرية إلى سورية في أواخر ايلول (سبتمبر) الماضي، وبدات البحرية الروسية بقصف اهداف في سورية في اوائل تشرين الأول (اكتوبر) الماضي. واوضح التقرير أن منتقدي الحملة التي يقوم بها التحالف يقولون إن تلك الضربات غير كافية لهزيمة التنظيم. وقال صحافي في شبكة «سي ان ان» إنه "من الحماقة الاعتقاد بأن هناك طريقاً واضحاً لهزيمة هذا التنظيم عسكرياً". وأضاف أن «الوقت الصحيح للتدخل كان في العام 2012 عندما لم يكن هناك داعش، ولم يكن هناك دعم عسكري ايراني وروسي للأسد»، وتابع: «الأمور الآن تغيرت، فات الأوان». وانتقد العديد من الجمهوريين في الولاياتالمتحدة سياسة الرئيس أوباما ضد التنظيم، ووصفوها بغير الفاعلة، مشيرين إلى ان الضربات الجوية وحدها غير كافية لهزيمة الإرهابيين. وكانت الولاياتالمتحدة تصر ولعدة شهور أنها لن ترسل قوات برية إلى سورية، إلا ان هذا الموقف تغير في نهاية تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، عندما قال الناطق باسم البيت الأبيض جوش ارنست، ان على واشنطن نشر قوات على الأرض في سورية لمساعدة الفصائل المعارضة، وان تقتصر هذه القوات على 50 جندياً من القوات الخاصة. كما تستطيع أن تقدم هذه القوات الدعم للقوات الكردية والعربية التي تحارب التنظيم شمال سورية. وأشار التقرير إلى ان لدى الولاياتالمتحدة مخاوف من مشاركة ايرانية لمحاربة التنظيم، لأن ذلك قد يزيد من تعقيدات الأزمة السورية، فيما تقوم قوات البيشمركة الكردية والقوات العراقية، بالإضافة إلى متطوعين ايزيديين، بالقتال فعلياً شمال العراق.