كان العام الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في الحكم كافياً لكشف سياسته القائمة على وقف المفاوضات مع الفلسطينيين، ورسم حدود دولة اسرائيل على الأرض الفلسطينية بواسطة البناء الاستيطاني. ففي العام الحالي، كثّفت حكومة نتانياهو من إقرار مشاريع التوسع الاستيطاني في الأراضي التي تتطلع الى ضمها الى الدولة العبرية في اي حل سياسي مقبل، مثل القدس والتجمعات الاستيطانية الواقعة خلف الجدار، والحدود الشرقية للضفة مع الأردن. وانصب الجزء الأكبر من مشاريع التوسع الاستيطاني في مدينة القدسالشرقيةالمحتلة عام 1967، وشمل المستوطنات والبلدة القديمة والأحياء العربية. ويقول الخبير في شؤون الاستيطان خليل توفكجي: «نتانياهو ينفذ مشروعه الاستيطاني الرامي الى السيطرة على ثلث الضفة»، مضيفاً: «المشروع واضح ويتركز في القدس وفي الكتل الاستيطانية الواقعة خلف الجدار وفي غور الأدرن، وهذه معاً تشكل ثلث الضفة... واذا ما اضفنا الى ذلك المناطق الواقعة خلف الجدار، والمستوطنات في الضفة، والشوارع الاستيطانية، فإنه عملياً يسطير على 58 في المئة من الضفة». واعلن نتانياهو عقب توليه رئاسة الحكومة قبل عام عن خطته للحل السياسي القائمة على ضم القدس وعدم الاعتراف بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة. ويقول توفكجي ان نتانياهو ينفذ مشروع القدس عام 2020 الذي يهدف الى فرض سيطرة اسرائيلية شاملة على القدس بحلول العام المذكور، وتحويلها فعلياً الى عاصمة اسرائيل الأبدية، وتحويل سكانها العرب الى أقلية». وأضاف: «الخطة تتضمن اقامة 50 الف وحدة سكنية للمستوطنين في القدسالشرقية، والاستيطان في قلب الأحياء العربية للحؤول دون نقلها الى السيادة الفلسطينية مستقبلاً، وقلب الميزان الديموغرافي في المدينة لصالح اليهود». ويبلغ عدد المستوطنين في القدسالشرقية اليوم 200 الف في مقابل سكان المدينة العرب البالغ عددهم 280 الفاً. وبحسب خطة القدس عام 2020، فإن عدد المستوطنين سيرتفع الى مليون مستوطن. وأقرت حكومة نتانياهو في عامها الأول بناء آلاف الوحدات السكنية في مستوطنات القدس. وأقرت ايضاً اقامة بؤراً استيطانية في قلب الأحياء العربية، مثل البلدة القديمة وسلوان والشيخ جراح ورأس العمود وجبل المكبر وغيره. وتسيطر اسرائيل اليوم على مئة بيت في البلدة القديمة يقطنها أربعة آلاف مستوطن. وافتتح نتانياهو أخيراً كنيساً في البلدة على بعد عشرات الأمتار من المسجد الأقصى يحمل اسم «كنيس الخراب». وأقرت حكومته اقامة وحدات سكنية في سبع بؤر اسيتطانية في قلب الأحياء العربية. وأدت سياسة نتانياهو الاستيطانية الى وقف العملية السلمية التي بدأت في مؤتمر مدريد عام 1991. وتمارس الإدارة الأميركية ضغوطاً على نتانياهو لوقف الاستيطان ولو بصورة موقتة بهدف تهيئة الأجواء لإعادة اطلاق المفاوضات. لكنه اتبع ازاء هذه الضغوط سياسية مراوغة تقوم على تجميد البناء بصورة موقتة لمدة عشرة اشهر في الضفة، مع ابقاء الباب مفتوحاً للتوسع الاستيطاني غير المحدود في القدس. وحتى في الضفة، ابقى الباب مفتوحاً للبناء الاستيطاني تحت عناوين أخرى، مثل استكمال بناء عطاءات سابقة، او اقامة مباني للمنفعة العامة. ويقول المسؤولون الفلسطينيون ان لا امل لديهم في التوصل الى اي اتفاق من اي نوع مع نتانياهو الذي لا يخفي اهدافه في ضم القدس وإسقاط حق اللاجئين وتوسيع الاستيطان في اجزاء من الضفة، خصوصاً في غور الأردن. وقال رئيس مكتب الصحافة الحكومي الدكتور غسان الخطيب: «نتانياهو وائتلافه الحاكم لم يأتيا إلا بالعراقيل للعملية السلمية». وأضاف: «في عامه الأول، نجح نتانياهو في تعزيز الاستيطان، وقتل العملية السلمية، وتعزيز الاحتلال، وتعزيز اليمين في اسرائيل». وأضاف: «أولوية نتانياهو وحكومته هي الاستيطان وليس المفاوضات». وحدد الفلسطينيون وجهتهم للمرحلة المقبلة بعد فشل إعادة اطلاق مفاوضات جدية في العمل على اقامة مؤسسات الدولة، والتوجه الى المجتمع الدولي للاعتراف بهذه الدولة على خط الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967، والضغط على اسرائيل لإنهاء احتلالها أراضي هذه الدولة. وقال مسؤول فلسطيني رفيع: «المقاومة المسلحة لم تنجح، والمفاوضات لم تنجح، والخيار الآن هو خيار البناء». وأضاف: «مشروعنا الوطني الآن هو مشروع بناء الدولة، وعلى العالم ان يقرر مصير هذا الصراع ومصير هذه المنطقة».