استضاف المركز الثقافي الإسباني (معهد ثربانتس) في القاهرة أخيراً الكاتب المصري جمال الغيطاني في لقاء حول تجربته الإبداعية وعلاقته بالثقافة الإسبانية وأدب أميركا اللاتينية. في البداية قال الغيطاني: «تربطني بالأدباء الإسبان علاقة قوية، خصوصاً أنني أرى أن إسبانيا هي أقرب بلد أوروبي الى الثقافة العربية، وهناك ست روايات لي مترجمة إلى اللغة الإسبانية». واستطرد قائلاً: «كلما دخلت مركزاً ثقافياً مرموقاً أو جامعة عالمية أفكر مباشرة في ظروف حياتي، فالمسافة بين نشأتي وترجمة أعمالي أو الاحتفاء بي أعتبرها معجزة». وأضاف: «نشأت في منطقة مثقلة بالتاريخ وهي القاهرة الفاطمية، وهذا نبهني إلى أمرين: الأول فكرة الاستمرارية في الثقافة المصرية، والثاني هو الجامع الأزهر الذي شكل حالة ثقافية، فحوله كانت توجد مكتبات ومطابع تطبع كتباً بلغات مختلفة منها الكردية والأمهرية والأوردو وغيرها، لترسلها الحكومة المصرية إلى بلاد مختلفة». وتابع الغيطاني: «كنت أتساءل: أين ذهب الأمس؟ اكتشفت أن الحياة ذاكرة والنسيان ذاكرة مضادة، فحتى تنسى شيئاً لا بد من أن تتذكر شيئاً آخر، ومع تقدمي في العمر وجدت أن شهيتي للقراءة في ازدياد مطرد». ويرى صاحب «الزيني بركات» أن نجيب محفوظ كان مشغولاً بفكرة الأصل... «أما أنا فشُغلت بفكرة الزمن وأعرف أنني لن أصل أبداً إلى أجوبة شافية عن الأسئلة التي يطرحها انشغالي بتلك القوة التي نرى أعراضها ولا ندرك جوهرها». وأضاف: «كنت أقرأ في التاريخ وبخاصة العصر المملوكي، فانتبهت إلى أساليب سرد مهجورة. قرأت النصوص القديمة ووجدت أنها تتيح لي حرية في السرد أكثر من الروايات المترجمة. وأرى أننا ما لم ندرس التراث الصوفي، فإن المعرفة بالأدب العربي ستظل ناقصة». وقال الغيطاني: «لتحقيق الخصوصية اهتممت بالعمارة، فأنا أحب القاهرة القديمة، وأرى أن الكاتب الذي لا يضيف إلى التراث الإنساني هو مجرد ناسخ وليس مبدعاً». وتعلم الغيطاني من نجيب محفوظ أمرين: «الأول أن الأدب لا يقبل إلا الإخلاص الكامل حتى يكتب الإنسان نصاً صادقاً يعبّر عما يراه، والثاني إخضاع لحظة الكتابة لظروف الحياة وليس للمزاج. كتبت «الزينى بركات» في ظروف صعبة للغاية. كانت أمامي طرق عدة يمكنني السير في أي منها، ولكنني في النهاية اخترت الطريق الذي يجعلني متسقاً مع ذاتي».