لا تزال وفاة الشاعر السياسي التشيلي بابلو نيرودا في أيلول (سبتمبر) 1973، محاطة بكثير من الإشاعات والنظريات التي ترفض السبب المعلن لوفاته، وهو إصابته بمرض سرطان البروستات. وعادت هذه الأقاويل إلى الظهور مجدداً بعدما أعلنت وزارة الخارجية التشيلية في بيان صدر في الخامس من الشهر الجاري، أن وفاة أحد أعظم شعراء أميركا اللاتينية «ربما يكون بسبب طرف ثالث». وأقر بيان الخارجية بصحة وثيقة لوزارة الداخلية نُشرت في آذار (مارس) الماضي، ذكرت أن «هناك احتمالاً كبيراً في أن يكون طرف ثالث هو المسؤول عن وفاة نيرودا». لكنها نبهت إلى أن لجنة الخبراء المكلفة تقصي الموضوع المتنازع عليه بشكل كبير، لم تتوصل إلى نتيجة حول سبب وفاة الشاعر التشيلي. وكان سائق نيرودا السابق صرح في 2011 أن الشاعر ربما يكون مات مسموماً، وطلب من القضاء التحقيق في الأمر. وزعم السائق أن نيرودا حقن بمادة ما في صدره، وأن وفاته حدثت قبل ساعات فقط من توجهه إلى المكسيك لتعبئة المعارضة التشيلية هناك ضد نظام حكم الجنرال أوغستو بينوشيه. ووفقاً لتلك الشهادة، فُتح تحقيق في وفاة نيرودا وأخرجت رفاته في نيسان (أبريل) 2013 لإجراء تحليلات، لكن القاضي المحقق في القضية أمر بإرجاع رفاة الشاعر إلى مثواها في شباط (فبراير) من العام الحالي. ويعد نيرودا الحائز جائزة «نوبل»، من أشهر الشعراء وأكثرهم تأثيراً في عصره، وعرف بتبنيه التوجه الشيوعي. وتقول روايات أنه اغتيل قبل مغادرته البلاد بأمر من بينوشيه، حتى لا يتحول إلى رمز للمعارضة في الخارج. وفي حال ثبت صحة ذلك، فإنها لن تكون المرة الأولى التي أمر فيها الديكتاتور التشيلي باغتيال شخصيات تهدد سلطته، إذ أفادت تقارير أن أكثر من ثلاثة آلاف شخص قتلوا أو اختفوا خلال فترة حكمه العسكري. ومن هؤلاء الضحايا، الديبلوماسي التشيلي أورلاندو ليتيلير الذي أمر الجنرال بيونشيه باغتياله عام 1976. وذكرت صحيفة «تليغراف» البريطانية في تشرين الأول (أكتوبر)، أن ليتيلير كان مسؤولاً كبيراً في عهد الرئيس التشيلي الاشتراكي سلفادور أليندي، وتعرض إلى التعذيب والسجن بعد انقلاب بيونشيه في 1973، فهرب إلى الولاياتالمتحدة ليعمل في معهد الدراسات السياسية بواشنطن، قبل أن يُقتل في انفجار سيارة مفخخة.