تستعيد بروكسيل نشاطها اليوم، بعدما قضت نهاية أسبوع شبه مشلولة، إذ لازم السكان منازلهم وبقيت المحال التجارية والمطاعم مقفلة، وأُلغيت كل الفاعليات الاجتماعية والثقافية، تنفيذاً لتوصيات السلطات الأمنية. وتوقفت حركة مترو الأنفاق طيلة نهاية الأسبوع، فيما استمرت حركة القطارات الدولية وخطوط النقل بين بروكسيل والمدن البلجيكية. واتخذت المؤسسات الكبرى تدابير احترازية وبدائل، لاستئناف نشاطها في مطلع الأسبوع. وأعلنت مؤسسات مصرفية، مثل بنك «باريبا» و»بي آن جي» و»بيلفوس»، اتخاذ تدابير تمكّن أكثر من 10 آلاف موظف من مزاولة عملهم من بُعد، من خلال أنظمة المعلوماتية وشبكات الإنترنت. واستعدت مؤسسات تربوية لإلغاء الدروس اليوم، مع معلومات عن إمكان دعوة 420 مدرسة الى إبقاء أبوابها مغلقة. ويعقد «مركز الأزمة وتقويم الأخطار» اجتماعات على مدار الساعة، لمراجعة الإجراءات الأمنية وفق نتائج حملات الدهم والتحقيقات التي تجريها أجهزة الأمن والقضاء مع ثلاثة مشبوهين، تقرر تمديد حبسهم في نطاق التحقيقات في مجزرة باريس. وتواصل قوات الأمن حملات الدهم في البلاد، خصوصاً في اقليم بروكسيل، بحثاً عن المطلوب الرقم واحد صلاح عبد السلام، وعن مشبوهَين آخرَين أحدهما قد يحمل قنبلة شبيهة بالمتفجرات المُستخدمة في اعتداءات باريس. وأشار وزير الداخلية البلجيكي يان جامبون الى «تهديد حقيقي»، لافتاً الى أن الأمر «لا يقتصر على مشبوه وحيد» هو صلاح عبد السلام. وتشتبه السلطات الأمنية بأن الأخير شارك في شكل مباشر في مجرزة باريس، اذ اشترى سيارة من نوع «بولو» استُخدمت في تنقل انتحاريّين. كما استخدم بطاقته المصرفية في سداد ثمن الإقامة في غرفتين في فندق باريسي، ربما سكنهما مدبرو الهجمات قبل تنفيذها. ورصدت أجهزة الأمن إشارة هاتفه الخلوي في الدائرة ال 18 الباريسية ليل الجمعة 13 الشهر الجاري، الذي شهد تنفيذ المجزرة. لكن صلاح عبد السلام عاد من باريس الى بروكسيل صباح السبت التالي، بمساعدة من حمزة عطو ومحمد عمري اللذين سافرا من العاصمة البلجيكية فجر السبت الى العاصمة الفرنسية، حيث نقلا عبد السلام في سيارة هي الآن في عهدة المحققين. واعتقلت السلطات حمزة وعمري قبل أسبوع، فيما عبد السلام ما زال متوارياً. ونقلت المحامية كارين كوكيلي عن موكلها حمزة إبلاغه قاضي التحقيق أن «صلاح عبد السلام كان متوتراً خلال رحلة العودة من باريس، اذ لم يكن مسلحاً، ولكنه كان يرتدي لباساً خشناً قد يخفي حزاماً ناسفاً». واعتقلت قوات الأمن مشتبهاً ثالثاً يُدعى أ. لعزاز، قد يكون من دائرة أصدقاء صلاح. وتثير عودته من باريس سؤالين مهمين: هل غيّر صلاح رأيه في باريس وتراجع عن تفجير حزامه الناسف في آخر لحظة؟ أم أنه عاد الى بروكسيل لتنفيذ مهمته فيها؟ ولم يتصل صلاح بشقيقه محمد عبد السلام الذي أفرج عنه قاضي التحقيق بعد احتجاره يوماً مطلع الأسبوع الماضي. ورجّح الأخير أن يكون شقيقه صلاح تراجع عن المشاركة في مجزرة باريس. وقال للتلفزيون البلجيكي إنه «مقتنع بأن صلاح غيّر رأيه في آخر لحظة»، مستدركاً أنه «لا يعرف هل تواجد صلاح في مسرح الاعتداءات». وأثبتت التحقيقات الجنائية أن الأخ الثالث، ابراهيم عبد السلام، قد يكون الانتحاري الذي فجّر حزاماً ناسفاً في مطعم «كونتوار فولتير».