دخل تنظيم «داعش» بقوة على الساحة اليمنية بعد هجوم عنيف شنّه أمس، من داخل معقل غريمه تنظيم «القاعدة» في حضرموت، مستهدفاً ثكنات عدة للجيش اليمني الموالي للشرعية. وأسفر الهجوم عن مقتل 50 جندياً على الأقل، بحسب بيان أصدره التنظيم المتشدد أمس، الذي أكد أن «50 جندياً يمنياً قتلوا في هجمات عدة، من بينها تفجير انتحاري عبر سيارة مفخخة واشتباكات في محافظة حضرموت». واتهم الجيش اليمني أمس، أن تنظيم «القاعدة» هو من شن الهجمات على ثكنة عسكرية تابعة له عند المدخل الغربي لمدينة شبام التاريخية في وادي حضرموت (شرق اليمن)، وأن 12 جندياً نظامياً، و19 عنصراً تابعاً للتنظيم قُتلوا. فيما أوضحت مصادر محلية أن «مسلحين مجهولين بدأوا بتفجير دورية للجيش بالقرب من تجمع للجنود، ثم حدث تبادل إطلاق نار بين المسلحين وأفراد الموقع العسكري في نقطة القارة غرب المدينة، لحقه تفجير انتحاري بسيارة مفخخة، ما تسبب في سقوط قتلى وجرحى من الجنود والمدنيين». وتعد محافظة حضرموت هي معقل تنظيم «القاعدة»، الذي يسيطر على عاصمتها المكلا. كما يوجد تنظيم «داعش» في اليمن، مستفيداً من الفوضى التي تسود البلاد. ويأتي هجوم «داعش» في وقت رأى محللون، أنه يحاول التغلغل في اليمن، نظراً للأهمية الدينية التاريخية لليمن لدى المسلمين، إلى جانب كثرة المقاتلين من دول عربية وإسلامية، الذين توجهوا نحو اليمن، للقتال ضمن صفوف الجماعات المسلحة، ما يمنحه فرصاً كبيرة للتجنيد. فيما رأى مسؤولون أميركيون أن «داعش» يحاول تجنيد عناصر في اليمن، ولكن «القاعدة» تبقى القوة المهيمنة في صفوف الجهاديين بذلك البلد. وبحسب وزارة الخزانة الأميركية فإن السعودي ناصر محمد الحربي، الذي فرضت أميركا حظراً على أمواله، يُعد أحد قادة «داعش» في اليمن، ويعمل على تجنيد عناصر للقتال هناك، وتسلّم تمويلاً مالياً كبيراً لتنفيذ استراتيجية «داعش» في اليمن. كما سهَّل الحربي أواخر 2014 نقل أشخاص ومواد لعمليات «داعش» في السعودية، وهو ضمن مجموعة في اليمن بايعوا التنظيم، وتلقوا تمويلاً كبيراً، سواءً من «داعش»، أم من طريق متبرع مجهول. أما في أيلول (سبتمبر) 2014، فأجرى الحربي وآخرون اتصالات مع «داعش» وسعوا إلى جمع عهود الولاء لمصلحة التنظيم، إذ تم تفويض الحربي من «داعش» في سورية لجمع عهود الولاء في اليمن. ورفض الحربي تجنيد وتسهيل الجهود المبذولة لمصلحة تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، وفي المقابل نسَّق مبايعة أربعة آلاف من مقاتلي «القاعدة في المغرب الإسلامي» لتنظيم «داعش»، بالتعاون مع زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي، المصنف «إرهابياً عالمياً» من الولاياتالمتحدة والأمم المتحدة. وصعدت «داعش» في المشهد اليمني، في وقت تواجه الحكومة الشرعية في اليمن والتحالف العربي الداعم لها تحديات عدة، أبرزها تمدد التنظيمات الإسلامية المتشددة، وعدم تجانس المقاومة الشعبية على خلفية انقلاب مسلح نفذته ميليشيا الحوثي والرئيس السابق علي عبدالله صالح، ما أدى إلى انزلاق البلد إلى حرب أهلية. ونفذ تنظيم «داعش» منذ ظهوره في اليمن العام الماضي، عدداً من العمليات الانتحارية، استهدفت دور عبادة للحوثيين في صنعاء. كما أعلن مسؤوليته عن عمليات انتحارية متزامنة استهدفت مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي فندق القصر في عدن مقر الحكومة اليمنية، ومقر العمليات العسكرية الإماراتية والسعودية في عدن. وقالت منظمات حقوقيه يمنية إن «داعش»، الذي يقوم التحالف الدولي بضرب معاقله عبر غارات جوية منذ أشهر في سورية والعراق، بات موجوداً في ثلاث محافظاتجنوب اليمن ووسطه. وبدأت المنافسة تشتد بينه وبين الفرع المحلي لتنظيم «القاعدة»، المعروف باسم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب». إلى ذلك، أعلنت «المقاومة الشعبية» والجيش الموالي للحكومة اليمنية السيطرة أمس على منطقة «الشريجة» وتقدمت في جبال «القبيطة»، بين محافظتي تعز ولحج، في سياق العملية العسكرية التي بدأتها قبل أيام على أكثر من جبهة لتحرير تعز من قبضة مسلحي جماعة الحوثيين والقوات الموالية لهم وفك الحصار عنها، فيما أكدت مصادر عسكرية قتل 15 جندياً وجرح 20 آخرين في هجمات متزامنة شنها «داعش» بسيارة مفخخة وأسلحة متوسطة وقذائف صاروخية على ثكنات للجيش ونقاط تفتيش في وادي حضرموت. وتزامن تقدم القوات المشتركة في مختلف الجبهات مع غارات لطيران التحالف استهدفت مواقع الجماعة وقواتهم في مناطق «الوازعية والبرح وخدير والمخا» كما امتد القصف إلى مخازن أسلحة، غرب صنعاء، في جبل «عيبان» وإلى مواقع للحوثيين في محافظات صعدة وعمران ومأرب والبيضاء. وكان مسلحو الجماعة شنوا قصفاً مدفعياً وصاروخياً عشوائياً ليل الخميس على أحياء تعز التي يحاصرونها من مختلف الجهات، وقالت مصادر طبية وشهود إن القصف أدى إلى قتل ثمانية مدنيين، خمسة منهم من أسرة واحدة، سقط أحد الصواريخ فوق منزلهم. وفي مديرية بيحان التابعة لمحافظة شبوة الجنوبية، أفادت مصادر «المقاومة» أمس أنها هاجمت مسلحين حوثيين حاولوا التمركز في مدرسة في منطقة «الجدفرة»، ما أدى إلى قتل وجرح 35 منهم، بالتزامن مع استمرار المواجهات في القرى المحيطة التي يحاول الحوثيون التقدم عبرها نحو عاصمة المحافظة عتق. وفي عدن التي شهدت اضطراباً أمنياً وانتشاراً للمسلحين عقب طرد الحوثيين منها، بثت مصادر حكومية أمس صوراً للرئيس عبدربه منصور هادي وهو يؤدي صلاة الجمعة في أحد المساجد، في إشارة إلى تحسن الوضع الأمني بعد عودته إلى المدينة قبل أيام. إلى ذلك، أفاد شهود أن مسلحين مجهولين اغتالوا فجر أمس في حي كريتر (عدن القديمة) مواطناً يملك متجراً منذ سنوات وينتمي إلى محافظة تعز الشمالية، من دون أن تعرف الجهة التي تقف خلف العملية. وتسعى الحكومة الشرعية وقواتها مدعومة بقوات التحالف جواً وبراً لتحرير محافظة تعز ونواحيها المطلة على باب المندب والمحاذية لمحافظة لحج الجنوبية (شمال عدن) من قبضة الحوثيين كما تسعى إلى طردهم من آخر معاقلهم في محافظتي شبوة ومأرب وتضييق الخناق عليهم في الجوفوصنعاء تمهيداً لتحريرهما واستعادة مؤسسات الدولة وإنهاء الانقلاب على السلطات الشرعية.