على رغم أن المخ لا يزن سوى 1 إلى 50 من إجمالي وزن الجسم، إلا أنه يستهلك خمس الأوكسجين الذي يستهلكه الجسم إجمالاً. ويتوقع الناس أن إثقال كاهل المخ في الأنشطة الفكرية قد يسبب إرهاقاً. وفي التراث العربي تشتهر نبوء الفيلسوف الكندي في الشاعر أبو تمام، حينما أعجب بذكائه، وقال إنه لن يعمر طويلاً لأن عقله يأكل من جسده. لكن يبدو أن هذا الاعتقاد الشائع غير مسلم به، فمعظم الطاقة التي يستهلكها المخ تذهب لإبقائه مستعداً طوال الوقت. ويذهب عشر طاقتنا في عمل المخ على ضخ أيونات الصوديوم والبوتاسيوم عبر أغشية خلايا الدماغ. أما الأنشطة الذهنية مثل الحديث مع الأصدقاء أو حل الكلمات المتقاطعة لا تمتص فعلياً طاقة كثيرة. وبحسب موقع «بابيولر ساينس» فإن دراسات تشير إلى أن الناس يخملون بعد العمليات الذهنية المجهدة. الباحث في جامعة كينت البريطانية صامويل ماركورا قسم عدداً من الأفراد إلى مجموعتين، طلب من الأولى لعب لعبة حاسوبية فيها تحد ذهني، وطلب من الأخرى مشاهدة فيلم وثائقي عن القطارات أو السيارات الرياضية. بعد ذلك طلب صامويل من أفراد المجموعتين تجربة قيادة دراجة. بعد ذلك وجد الباحث أن أفراد المجموعة الأولى الذين استهلكوا ذهنياً توقفوا خلال فترة قصيرة من بدء قيادة الدرجة مقارنة بالمجموعة التي شاهدت فيلماً وثائقياً. في الوقت نفسه، وجد صامويل أن الإنهاك الذهني الذي واجهته المجموعة الأولى، لم يؤثر فعلياً على أداء الجسم في استهلاك الأوكسجين أو ارتفاع ضغط الدم أو أية تغيرات في القلب أو الأوعية الدموية. بعبارة أخرى فإن الناس يعتقدون أن الجسم ينهك فعلياً خلال أداء الأعمال الذهنية، أما في حقيقة الأمر فإن أداء الجسد يخالف هذا الاعتقاد، وأن الجسم لا يستهلك مع أداء الأعمال التي تحتاج إلى جهد ذهني.