1 كان بحق أسبوع التنوع والتعددية، تنوع ديني وطائفي وعرقي ولغوي، في قاعة واحدة .. فأين صراع الحضارات؟! على منصة اليونسكو بباريس، في ندوة عن «تقارب الثقافات»، بحضور مؤسسة الفكر العربي، كان جمهور المنظمة أمام منصة يعتليها مسيحي ومسلم، سني وشيعي، عربي وإيراني وأوروبي، باللغة العربية والإنكليزية والفرنسية. ثم على منصة الجنادرية، في المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالرياض، كان جمهور الجنادرية، في ندوة عن «السلفية»، أمام منصة يعتليها سني وشيعي، إسلامي وليبرالي، سلفي وإخواني. ومن الغد وعلى منصة الجنادرية نفسها، في ندوة عن «معوقات الحوار والسلام بين الشعوب»، كان ثمة مسلم ومسيحي، شيوعي وامبريالي، إسلامي وعلماني. وفي مساء اليوم نفسه، جمعنا في بيت سعودي، كل الأطياف والطوائف والأديان والأعراق، في مجلس مفتوح يكون متاحاً فيه عادة التخفف من المجاملات وضبط المشاعر أو تصنيعها. كان ضيف الشرف في كل تلك اللقاءات، هو: الإبتسامة. 2 من السذاجة بالطبع، أن نقول إزاء تلك اللوحات الوردية من الحوار: أين صراع الحضارات؟! لكن أيضاً من السوداوية أن تمر علينا تلك اللوحات الجميلة من دون أن تترك أثراً إيجابياً متفائلاً في نفوس مشاهديها. ليس بالأمر الهين أن ترى الشيخ صالح بن حميد، إمام الحرم المكي ورئيس القضاء، جالساً بجوار المشارك الآخر في ندوة السلفية، السيد المعمم محمد حسين الأمين، لولا أن كليهما لديه القابلية للآخر. لم يتوقف ابن حميد عند هذا، بل كان أشد تألقاً حين ردد على مسامع الحضور، وهم من هم!، واصفاً رئيس الندوة (الحليق / ذي العقال!) بأنه شيخه وأستاذه، وأنه لا يملك إذ تتلمذ على يديه أصول الفقه إلا السمع والتوقير لضوابط رئيس الجلسة: الشيخ د. عبدالوهاب أبو سليمان. وفي ندوة عن معوقات الحوار والسلام بين الشعوب، لا ترى عائقاً أو حاجزاً على المنصة بين سلمان العودة وكلوفيس مقصود وفيتالي نعومكين. يتحدثون بوجهات نظر مختلفة ورؤى متغايرة، لكنهم ماكثون على منصة واحدة .. غير مفخخة! 3 ليست الجدوى هي في جلوس الشيخ السني بجوار السيد الشيعي، ولا بجلوس الداعية الإسلامي بجوار المحلل المسيحي، الجدوى هي أن يشاهد الجمهور الحاضر، بمختلف عقلياته وانتماءاته، هؤلاء الكبار وهم يتحاورون بكل سكينة، ويختلفون بلا خلاف. وددت لو أن صورة المنصة «الملونة» نقلت أمام جماهير تكتظ بها مدرجات أكبر ملعب عربي، حتى يروا ما لا يظنون .. أو ما يريد لهم البعض أن لا يظنوه! 4 شكرا ً للكبار .. وعفوا للصغار! * كاتب سعودي [email protected]