انتهى شهر العسل بين مكونات تحالف «فجر ليبيا» المسيطر على العاصمة طرابلس ومدن الغرب، إذ شهدت العاصمة الليبية في الساعات ال24 الأخيرة اشتباكات عنيفة وتوتراً بلغ ذروته بين مجموعات من المسلحين الإسلاميين المنضوين في «تحالف ثوار طرابلس»، وآخرين تابعين لما يعرف ب»الغرفة الأمنية المشتركة» التي تسيطر عليها كتائب مصراتة (شرق العاصمة). ووصل الأمر إلى حد انتشار حواجز في جنوبطرابلس وخطف مواطنين على الهوية، فيما فشلت كل المساعي للتهدئة بين الطرفين المتحاربين. واستخدمت خلال الاشتباكات أسلحة ثقيلة، فيما طاولت عمليات خطف على الهوية عشرات معظمهم من أصول مصراتية. ومن شأن هذا التطور أن يخدم أنصار قائد الجيش الليبي اللواء خليفة حفتر الذي تخوض قواته منذ 18 شهراً صراعاً مع «فجر ليبيا»، لم ينجح حوار برعاية الأممالمتحدة في وضع حد له. وأبلغت مصادر مطلعة في طرابلس «الحياة» أن الاشتباكات بدأت حين دهم أفراد من «الغرفة المشتركة» فيلا يحتجز فيها ستة رهائن، بينهم مواطن تركي، ليتبيّن أن الخاطفين يتبعون المدعو عبد الغني الككلي آمر «كتيبة أبو سليم» في طرابلس. كما تبين أن بين الرهائن مدير مستشفى طرابلس المركزي عبد الجليل الغريبي الذي خطف منذ أسابيع. وعلى أثر تحرير الرهائن، أقدم الككلي والذي يتولى أيضاً قيادة «إدارة الأمن المركزي» على نشر دبابات وآليات ثقيلة ونصب حواجز خصوصاً على الطريق السريع المعروف بطريق المطار جنوب العاصمة، وخطف حوالى مئة مواطن من أصول مصراتية، مطالباً باسترجاع رهائنه الستة لقاء إطلاق سراح المخطوفين الجدد. وأبلغ سكان في العاصمة «الحياة» أن عناصر «الغرفة المشتركة» تدخلت لإزالة الحواجز بالقوة أكثر من مرة، ما تسبب في اشتباكات بين الجانبين منذ بعد ظهر الثلثاء واتسعت ليلاً لتستمر أمس. وسجل تجمع لمسلحين من مصراتة في منطقة صلاح الدين وحشد في مقارهم في ضواحي طرابلس، فيما أفادت تقارير أن مواطنين من ككلة (الجبل الغربي) تعرضوا للتوقيف في إطار عمليات خطف متبادلة. وهددت كتائب من مصراتة بهجوم واسع على مقار الككلي في طرابلس، ما لم يطلق الموقوفين لديه. وفي وقت سجل وصول تعزيزات من مصراتة إلى العاصمة الليبية، حصل الككلي على دعم تحالف «كتائب وسرايا الثوار» في طرابلس (المحسوب على التيار الإسلامي)، إذ أصدر عدد من قادتها وأبرزهم هيثم التاجوري، آمر «كتيبة ثوار طرابلس»، بياناً اثر اجتماع عقدوه أمس، أكدوا فيه رفضهم ما وصفوه ب»سيطرة مسلحي مصراتة على العاصمة». وتعهد الموقعون على البيان التصدي ل»الذين حسبوا أنفسهم على عملية فجر ليبيا ونصبوا أنفسهم شرطة على طرابلس وليبيا... وتناسوا أفعال أبنائهم وغضوا البصر عن أعمالهم المشينة في بعض من المناطق التي عرفت بالخطف والسطو والقتل والابتزاز في كل من طريق المطار وصلاح الدين والمنطقة المحصورة بينهما مشروع الهضبة الزراعي»، في إشارة إلى مناطق انتشار مسلحي مصراتة. وأبلغ «الحياة» مصدر في «الغرفة الأمنية المشتركة» أن حكماء من الجانبين تدخلوا لنزع فتيل الاقتتال بين «الحلفاء» والبحث عن تسوية للخلاف. لكن مصادر أخرى أشارت إلى مغزى قيام تحالف بين الككلي وعشرة آخرين من أبرز قياديي الكتائب المسلحة في طرابلس، بينهم التاجوري، النقيب في الاستخبارات سابقاً والذي أصدرت حكومة طرابلس قراراً بحل كتيبته لكنها فشلت في تنفيذ أمر باعتقاله. وفي وقت علت أصوات مطالبة بانسحاب مسلحي مصراتة من طرابلس وعودتهم إلى مدينتهم، قالت مصادر قريبة من حفتر الذي يخوض حرباً في بنغازي مع تنظيمات إسلامية متحالفة مع «فجر ليبيا»، أن «الاقتتال بين الميليشيات في طرابلس سيؤدي إلى تشتتها، وإلى مزيد من سفك الدماء وترويع المدنيين، ما يعتبر دليلاً على أن لا بديل من الجيش الليبي لإحلال الأمن في البلاد».