برز اختلاف بين وكالات التصنيف الائتماني حول الاقتصاد السعودي، إذ أعلنت وكالة «موديز» الإبقاء على تصنيف السعودية السيادي عند «AA3»، بعد أيام من تخفيض وكالة «ستاندرد آند بورز» تصنيفها الائتماني. وأكدت «موديز» أن «تصنيف السعودية الائتماني أتى بفضل قوة الوضع المالي»، مضيفةً أنها صنّفت إصدارات المملكة الطويلة الأجل «aa3 مع نظرة مستقبلية مستقرة». وتابعت الوكالة أن «التصنيف يعكس الأصول المالية الوفيرة للسعودية، والتي ستمكّنها من تحمّل فترة هبوط إيرادات النفط والحفاظ على الوضع المالي الذي يتناسب مع التصنيف الحالي»، موضحة أن «الوضع المالي للمملكة سيظل قوياً خلال السنوات المقبلة، وسيفوق الأثر السلبي لهبوط أسعار النفط. السعودية لديها موارد مالية كبيرة جداً ستدعم فترة عجز الموازنة». وتوقعت الوكالة ارتفاع عجز موازنة حكومة أكبر مصدّر للنفط في العالم إلى 12 في المئة خلال العام الحالي، بفعل الهبوط الحاد في أسعار النفط الذي مثل نحو 87 في المئة من إيرادات المملكة عام 2014، لكنها قالت أنه «حتى مع بقاء أسعار النفط عند المستويات الحالية على مدى العامين المقبلين، ستظل الموارد المالية للحكومة قوية وستمكّنها من تمويل العجز من دون زيادة كبيرة في الدين الحكومي». ويأتي تصنيف «موديز» بعد أربعة أيام من خفض مؤسسة «ستاندرد آند بورز» العالمية تصنيف السعودية إلى «+A» مع نظرة مستقبلية سلبية، من تصنيف «-AA» مع نظرة إيجابية، وهو ما انتقدته وزارة المال السعودية. وأشارت الوزارة إلى عدم اتفاقها مع المنهجية المتبعة في هذا التقييم من جانب المؤسسة، وأنه «عبارة عن ردة فعل متسرّعة وغير مبررة ولا تسندها الوقائع، بسبب استناد الوكالة في تقييمها إلى عوامل وقتية وغير مستدامة، إذ لم يكن هناك تغيّر سلبي في العوامل الأساسية التي تستوجب عادة تغير التقييم». وأكدت أن «قرار الوكالة يتعارض وفي شكل جوهري مع فكرة التصنيف وأساسياته الفنية، والتي تقتضي أن يأخذ التصنيف المتجرد بالاعتبار جميع الأبعاد المؤثرة في الجدارة الائتمانية للمصنف». وقالت «ستاندرد آند بورز» في بيان أصدرته، أن قرارها «ارتكز على التحديات التي تواجه المملكة في إيقاف الارتفاع في عجز الموازنة المالية». ولم تستبعد الوكالة تخفيضاً إضافياً للتصنيف الائتماني للسعودية في العامين المقبلين، في حال عجزت عن تخفيض العجز في الموازنة في شكل كبير وقابل للاستمرار. وذكرت الوكالة أن «العجز في موازنة السعودية بلغ 16 في المئة من الناتج القومي الإجمالي للعام الحالي، بالمقارنة مع 1.5 في المئة العام 2014، بسبب الهبوط الحاد في أسعار النفط الذي يشكل المصدر الرئيس لعائدات المملكة»، مقترحة لتخفيض العجز «تقليل الاستثمارات وإلغاء دعم أسعار الطاقة والماء والوقود». وكانت الوكالة حذرت في شهر شباط (فبراير) الماضي، من وجود مؤشرات الى تزعزع وضع السعودية الائتماني، بسبب «الاعتماد الرئيس على عائدات النفط فقط». وبلغ إجمالي الأصول الاحتياطية للمملكة 2678.571 بليون ريال (714.28 بليون دولار) في شباط الماضي. ووفقاً لموازنة 2015 التي أعلنت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، تتوقع الحكومة السعودية أن تبلغ النفقات العامة 860 بليون ريال (229.3 بليون دولار) في العام الحالي، ارتفاعاً من 855 بليون في الموازنة الأصلية لعام 2014، الذي شهد الخفض الأول في الإنفاق منذ 2002. ومن المتوقع أن تبلغ الإيرادات 715 بليون ريال في 2015، الأمر الذي يجعل المملكة تسجل عجزاً في الموازنة للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية في 2009، بقيمة 145 بليون ريال. ومنذ حزيران (يونيو) الماضي، تراجع خام القياس العالمي «مزيج برنت» من نحو 115 دولاراً للبرميل، وهو مستوى ساعد المملكة على تسجيل فوائض متوالية في الموازنة، ليصل إلى نحو 55 دولاراً للبرميل.