حذّر خبير بيئي سعودي المواطنين الذين توجد مساكنهم أو استراحاتهم في بطون الأودية في المملكة، من الاعتماد على السدود لحماية المكان من فيضانات الأمطار، لافتاً إلى «ضعف قدرتها الاستيعابية على حجز كميات وفيرة من مياه الأمطار الغزيرة نتيجة ارتفاع مستوى الطمي في معظم أحواضها». ودعا المشرف على معهد الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء في جامعة الملك سعود الأمين العام لجائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه الدكتور عبدالملك آل الشيخ الجهات المعنية بالسدود إلى «توفير أجهزة الإنذار المبكر على السدود، خصوصاً في المواقع المهددة بفيضانات الأمطار، والتأكد من قدرة أحواض السدود على استيعاب كميات الأمطار المتوقعة، مع تفعيل برامج مستمرة لصيانة السدود من تراكم الطمي، خصوصاً في المناطق المأهولة بالسكان». ودعا من يسكنون المناطق المنخفضة داخل المدن إلى أن يحذروا من خطر التعرض إلى السيول خلال هطول الأمطار الغزيرة في الأيام المقبلة، بحسب توقعات المناخ، مشدداً على ضرورة «اتباع إرشادات السلامة التي تذيعها الجهات المختصة في مثل هذه الحالات، أو سرعة إخلاء المكان فور بدء هطول الأمطار بسبب ما يصحبها عادة من عواصف مطرية، قد تتسبب في غرق المكان قبيل مغادرته». وأكد الدكتور عبدالملك آل الشيخ في تصريحه في هذا الصدد أهمية إقامة السدود الصغيرة على الروافد المتعددة التي تغذي الأودية ذات المساقط الواسعة، لأجل حجز كمية من مياه السيول، والحد من التدفق الغزير في الأودية التي توجد بها تجمعات سكانية. واستحضر ما أشار إليه علماء الجغرافيا في بحوثهم العلمية من أن تشكيل «أديم الأرض» بما فيها من شعاب ووديان وواحات وهضاب وسهول، وغيرها يعود إلى قدرة الله عز وجل ثم إلى هطول الأمطار الغزيرة على الجزيرة العربية عبر العصور القديمة، التي تسببت في إحداث تغيّرات مناخية في الأرض مرّت خلالها بمواسم أمطار شديدة في تسعة آلاف عام، ثم ثلاثة آلاف عام جفاف. وتوقّع أن يزداد معدل الأمطار السنوي على المملكة هذا العام من 25 إلى 30 في المئة «وذلك بقدرة الله عز وجل ثم بسبب ما أحدثه الاحتباس الحراري على إيجاد جيوب من منخفضات في حزام الضغط الجوي العالي السائد بين خطي عرض 15 درجة و30 درجة شمال خط الاستواء». وأفاد أن حزامي الضغط الجوي العالي الموجودين شمال وجنوب خط الاستواء ما بين خطي عرض 15 درجة و30 درجة لكل منهما كان سبباً رئيساً في قلة الأمطار على هذه المناطق، بخلاف أحزمة الضغط المنخفضة التي تكون غالباً حركية. وبيّن أن وجود بخار ماء يساعد على ارتفاع هذا البخار في الطبقات الباردة فتزداد رطوبته النسبية ويكون سبباً في تكوّن السحب الممطرة، مستشهدا بتأثير المنخفضات والعواصف في بحر العرب الذي امتد في مطلع شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري إلى أجزاء من الجزيرة العربية، ونجمت عنه عاصفتا «تشابالا» و«ميغ». وعزا آل الشيخ حدوث بعض التقلبات المناخية في أجزاء مختلفة من كوكب الأرض وما نجم عنها من فيضانات وجفاف لم يُعهد من قَبل إلى ما يعرف بظاهرة «التغير المناخي» التي أصبحت محل نقاش عدد من خبراء المناخ في العالم. وناشد في ختام تصريحه مخططي المناطق الحضرية أن يستخدموا التقنيات الحديثة مثل: نظم المعلومات الجغرافية، وصور الأقمار الاصطناعية في تخطيط المدن، والقرى، والهجر، لتوضّح بدقة متناهية مستوى الأرض المراد تخطيطها للأغراض السكنية وغيرها، بغية تلافي غمرها بالمياه أثناء العواصف المطرية.