توقع خبراء عقار أن تصل إيرادات رسوم الأراضي في السعودية في المرحلة الأولى، إلى نحو 15 بليون ريال، ترتفع إلى 75 بليون ريال في حال تنفيذ التطبيق الكامل، مبدين تفاؤلهم بقرار مجلس الشورى الموافقة على مشروع نظام رسوم الأراضي البيضاء، مطالبين بأن يتم الإسراع في تنفيذه، وتحديد عقوبات مشددة على المتهربين من النظام أو المتلاعبين به. وإذا كانت المطالبة برسوم الأراضي البيضاء، الذي بدأ قبل نحو سبع سنوات، وصل إلى محطته ما قبل الأخيرة، فإن العقاريين يتمنون أن تنجح هذه الرسوم في خفض أسعار الأراضي في المملكة، التي بلغت من الارتفاع حداً جعل أزمة الإسكان «متفاقمة»، وعجزت عنها جميع الحلول التي طرحت خلال عقد، مشيرين إلى أن تنفيذ النظام بحاجة إلى «عدالة وحزم يلزم الجميع بالتنفيذ، ويفرض عقوبات صارمة على من يتلاعب أو يتهرب من الرسوم المفروضة». ووافق مجلس الشورى أمس، خلال جلسة عادية على مشروع نظام رسوم الأراضي البيضاء. وكان المقام السامي أمهل المجلس 30 يوماً لإنهاء الموضوع، وشملت الموافقة على تحويل مسمى مشروع الترتيبات التنظيمية لفرض رسم على الأراضي البيضاء إلى مشروع نظام، الذي سيعمل على تحقيق التوازن بين العرض والطلب. وأكدت مداولات المجلس أمس أن «المشروع لا يهدف من خلال فرض الرسم على الأراضي البيضاء إلى جباية الأموال، أو دعم موارد الدولة المالية، وإنما هي من بين الإجراءات المتخذة لمعالجة أزمة السكن». وأجرى المجلس بعض التعديلات على بنود المشروع، ومنها «أن يتم تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء على مراحل، وبشكل تدريجي وفق برنامج زمني، بما يسهم في تحريك الجمود في بيع الأراضي وزيادة المعروض منها، إضافة إلى أن البرنامج الزمني والمرحلي لتطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء ستحدده اللائحة التنفيذية». كما ستتضمن اللائحة التنفيذية القواعد والأحكام الموضوعية للمشروع. و أكد العقاري محمد الفرج أن ارتفاع أسعار الأراضي يمثل المشكلة الرئيسة التي تحول دون امتلاك المساكن للمواطنين، عازياً هذا الارتفاع إلى احتكار التجار. ودعا إلى سرعة تطبيق نظام الضريبة على الأراضي البيضاء من دون تأخير، وبخاصة بعد موافقة مجلس الشورى التي صدرت أمس، مبيناً أن «تطبيق القانون بشكل صحيح سيجبر ملاك الأراضي على دفع الرسوم نقداً، فكثير منهم لن يتحمل هذه الكلفة، وسيبدأ ببيع الأراضي، وبمجرد انطلاق هذه الموجة من البيع ستعود الأراضي إلى أسعارها المنطقية اقتصادياً». وأوضح الفرج أن سن القوانين التي تمنع احتكار الأراضي البيضاء أمر بات ضرورياً، وأن خيار ضريبة الأراضي البيضاء هو «أسهل الطرق للحد من الاحتكار». وأشار إلى أن 49 في المئة من النطاق العمراني في مدينة الرياض أراض بيضاء، وترتفع النسبة إلى 50 في المئة في حاضرة الدمام. فيما تصل إلى 40 في المئة في مدينة جدة، وهي أرقام «مهولة»، وإذا تمكنت الحكومة من حل مشكلتها فإنها ستنهي مشكلات الإسكان في هذه المدن، وتكون المهمة أسهل في المدن الأصغر، مبيناً أن فرض الرسوم يجب أن يشمل جميع أراضي المملكة من دون استثناء، وأن يطبق في المدن والقرى على حد سواء، حتى تعود أسعار الأراضي إلى وضعها الطبيعي، وتكون هناك تنمية متوازنة. من جانبه، توقع العقاري محمد الدوسري أن تنخفض الأسعار بصورة سريعة بعد تطبيق الضريبة المقترحة على الأراضي البيضاء، مستبعداً أن يستطيع قطاع ملاك العقار في الوقت الراهن تحمل الضريبة التي سيتم فرضها، التي تصل إلى 50 بليون ريال سنوياً. وقال: «بيع 10 في المئة فقط من الأراضي البيضاء سنوياً سيحل مشكلة الأراضي». وأشار الدوسري إلى أن مشكلة ارتفاع أسعار الأراضي عامة في المملكة، فالمدن الرئيسة تعاني من المشكلات نفسها التي تعاني منها المدن الصغيرة، وحتى القرى، مضيفاً أن «قطاع محتكري الأراضي انتقلوا قبل سنوات بسيطة إلى هذه المدن، ومارسوا الاحتكار فيها بالأسلوب نفسه، حتى إن الأسعار ارتفعت بصورة خطرة في هذه المدن»، مؤكداً أن مراجعة بسيطة لعقود شراء الأراضي تكشف هذه الحقيقة المؤلمة التي دفعت بتجار الأراضي إلى ممارسة الاحتكار في جميع المدن من دون استثناء، وأصاب البلاد بأزمة سكن عامة لا تقتصر على منطقة من دون أخرى.