أكد اقتصاديون أن قطاع التعدين في السعودية أصبح مفتوحاً أمام الاستثمار الأميركي، مبينين أنه يقدر بنحو 200 بليون دولار، وسيشمل مشاريع في مجالات عدة، أبرزها التنقيب عن الفوسفات والألومنيوم، مشيرين إلى أن قطاع التعدين في المملكة من القطاعات الواعدة التي يمكن أن تسهم في زيادة الدخل الوطني والمشاركة في بناء قاعدة صناعية تقوم عليها مشاريع تنويع مصادر الدخل، مستبعدين أن تشكل على المستوى المنظور منافساً لقطاع الطاقة (النفط والغاز)، مبينين أن تحديث الأنظمة لجذب المستثمرين يتم باستمرار. وأكدوا أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى الولاياتالمتحدة أخيراً، حملت في جانبها الاقتصادي مجموعة من المشاريع الاستثمارية في مجال التعدين، ودعوة الشركات الأميركية إلى المساهمة في تطوير قطاع التعدين في السعودية، والاستفادة من التسهيلات التي تقدم إلى المستثمرين فيه. وأشار كبير المستشارين الماليين في البنك الأهلي الدكتور سعيد الشيخ، إلى أن قطاع المصارف السعودي سيدعم قطاع التعدين إذا قدمت له دراسات الجدوى الاقتصادية، مبيناً أن المصارف تسهم في دعم جميع المشاريع الاقتصادية ذات الجدوى الاقتصادية التي تسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني. وأوضح أن قطاع التعدين من القطاعات الواعدة في المملكة، وأنه يشكل إضافة إلى القطاعات المنتجة، مضيفاً أنه بحاجة إلى المزيد من الدراسات المتخصصة التي تدعم وتوجه أنظار المستثمرين إليه، مردفاً بأن السعودية غنية بالكثير من المعادن المهمة التي هي بحاجة إلى استثمار. من جانبه، أشار أستاذ الاقتصاد الدكتور محمد القحطاني إلى أن قطاع التعدين من القطاعات التي لم تحظ بالكثير من الدعم خلال العقود الماضية، موضحاً إلى أن الأنظار كانت متجهة إلى قطاع النفط والغاز، مبيناً أن المملكة تتطلع لأن يكون قطاع التعدين الركيزة الثالثة للصناعات السعودية بعد قطاعي النفط والبتروكيماويات، وقال: «أرقام وزارة البترول والثروة المعدنية، تشير إلى نمو مطرد في قطاع التعدين، وأن عدد الرخص التعدينية بلغ أكثر من 1700 رخصة استخرج حاملوها ما يزيد على 420 مليون طن من مختلف أنواع الخامات المعدنية، فيما بلغ عدد المجمعات المخصصة للاستثمار التعديني أكثر من 320 مجمعاً بمساحة تتجاوز 65 ألف كيلومتر مربع». وأوضح أن البيانات والإحصاءات الواردة في التقرير الأخير (2013) لوزارة البترول والثروة المعدنية قدرت كميات الخامات المستغلة «ما يزيد على 420 مليون طن وبلغ عدد الرخص التعدينية 1792 رخصة، وبلغت الإيرادات المالية التي تحصلت عليها وكالة الوزارة للثروة المعدنية من الرسوم والمقابل المالي للاستغلال والغرامات ما يزيد على 556 مليون ريال. كما تم تقدير إيرادات المستثمرين القائمة صناعاتهم ومنتجاتهم على استغلال الثروات المعدنية المحلية نحو 18 بليون ريال، وأرباحهم ما يزيد على 8.03 بليون ريال، وتقدر استثماراتهم بما يزيد على 150 بليون ريال وشهدت الصناعات القائمة على استخراج الخامات المعدنية المحلية ارتفاعاً في الكميات المنتجة خلال 2013، حيث بلغ الإنتاج الأسمنت أكثر من 53.5 مليون طن، والكلنكر أكثر من 48 مليون طن، وللسيراميك 67.5 مليون متر مربع، و3.78 مليون قطعة من الأدوات الصحية، و12 مليون متر من الألواح الجبسية، وبالنسبة إلى المعادن النفيسة ومعادن الأساس فتم إنتاج 4157.83 كيلو جرام من الذهب، و41.332 طن من مركزات النحاس، و39.813 طن من مركزات الزنك. وقال: «هذه الأرقام مشجعة للمستثمرين الأجانب للدخول في هذا القطاع، بخاصة أن الأرباح المقدرة أكثر من 8.5 بليون ريال». وحول أنظمة الاستثمار في مجال الصناعات التعدينية، أوضح الأكاديمي الدكتور عبدالله الحربي أن النظام يتيح للمستثمر الأجنبي بضوابط معينة الاستثمار في قطاع التعدين، سواء بطريقة مباشرة أم عبر المشاركة مع مستثمر سعودي، وهذا الأمر معلن منذ سنوات، مؤكداً أن الأنظمة الخاصة بالتعدين تشهد تطوراً مستمراً؛ لأن النجاح في هذا القطاع يرتكز على توافر الخامات المعدنية ونجاح استكشافها وتحديد وجودها، وإتاحة البيانات والمعلومات للمستثمرين والشفافية في الأنظمة والقوانين، مع تنظيم وسهولة الوصول إلى قواعد البيانات، وتقديم الحوافز والتسهيلات، إضافة إلى توفير الدعم من المصارف. وذكر أن المملكة أصدرت أخيراً، نظاماً شفافاً للتعدين وآليات جاذبة شجعت الاستثمار، بحيث أصبح استغلال الثروات المعدنية وتصنيعها جزءاً من منظومة التنمية الوطنية بمعناها الكامل، وأن وزارة البترول والثروة المعدنية عملت على تحقيق أهدافها في هذا القطاع من خلال اتباع سياسات تعتمد على توفير بيئة استثمار آمنة وجاذبة، تتسم بالكفاءة والشفافية، وإعداد الدراسات الجيولوجية والاقتصادية وقواعد البيانات، وجعلها متاحة للقطاع الخاص. وأكد أن المملكة تسعى إلى عدم تصدير أي معدن في شكله الخام، من خلال إيجاد صناعة لهذه الخامات حتى تكون هناك قيمة عالية لها، بحيث يتم استغلال المعادن في تحقيق مردود اقتصادي يكون ذا قيمة مضافة كبيرة من خلال استغلال هذه الخامات والثروات المعدنية في صناعات ثانوية أو لمواد أكثر ربحية كما هو حاصل لصناعة الألومنيوم والحديد. وأضاف أن نقل التقنية في مجال التعدين أمر ليس سهلاً، ويستغرق عشرات السنين، وزيارة خادم الحرمين الشريفين إلى الولاياتالمتحدة، أخيراً، حملت في شقها الاقتصادي دعوة الشركات الأميركية إلى الاستثمار في قطاع التعدين، وأن أمامهم استثمارات بأكثر من 200 بليون ريال فيها، وكذلك للاستفادة من التقنية المتطورة التي تمتلكها هذه الشركات لتطوير قطاع التعدين في السعودية، ولنقل التكنولوجيا التي بحوزتها إلى أرضي المملكة. يحل ثالثاً بعد النفط والبتروكيماويات تتجه بوصلة التنوع في الاقتصاد السعودي إلى قطاع التعدين بعد قطاعي النفط والبتروكيماويات، إذ أضحى يشكل الركيزة الثالثة للصناعات السعودية، وعمدت المملكة خلال الأعوام الثلاث الماضية إلى تشجيع الاستثمار التعديني في الكشف والاستغلال لمواقع الخامات المعدنية المحلية من خلال المشاركة في المؤتمرات والملتقيات المتخصصة خارج المملكة وداخلها، والقيام بخطوات كبيرة في تطوير الأنظمة الخاصة بها. وقامت وزارة البترول والثروة المعدنية بتحديد مواقع المجمعات التعدينية في مختلف مناطق المملكة، وتم حجز 16 موقعاً لأنشطة التعدينية في الرياض والمدينة المنورة ونجران والجوف وحائل والمنطقة الشرقية، لاستغلال خامات الجرانيت وكتل الحجر الجيري ومواد الكسارات والرمل، وبلغت مساحاتها نحو 493 كم2 ليصبح إجمالي عدد المجمعات التعدينية 335 مجمعاً في مختلف مناطق المملكة بإجمالي مساحات تزيد على 65 ألف كم2، كما قامت بأعمال تخطيط وحماية وترسيم 22 مجمعاً تعدينياً شملت مواقع الجرانيت وخام رمل السيليكا والذهب والزنك والنحاس والجرانيت ومواد الكسارات ومواد الردميات في الريا ض والقصيم والجوف والباحة، كذلك قامت الوزارة بدرس 14708 طلب حجة استحكام موزعة في مناطق المملكة؛ لضمان المحافظة على المواقع المتمعدنة.