على رغم صعوبة الوصول إليها بسبب طبيعتها الجغرافية، إلا أن صحراء الربع الخالي في السعودية، لا تخلو من السكان أولاً، والمشاريع التنموية ثانياً، إذ تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من البلاد، وتغص بالصحارى الهائلة، تزداد معها صعوبة الحياة فيها واستحالة التوطين، غير أن هناك مدينة تقبع في أعماق تلك الصحراء الشاسعة، اسمها «الخرخير» مشكلةً تحدياً كبيراً أمام خطة التنمية في البلاد. بعد ترسيم الحدود السياسية بين السعودية واليمن، كان الاتفاق وهب جزءاً من مساحة «الخرخير» إلى الدولة اليمنية، ضمت في جوانبها مطار السلام وبعض المشاريع التنموية الصغيرة، وانفصلت عن بعضها البعض ببناء الحدود فأسدل الستار، وبدأت قصة «الخرخير» في فصلها الآخر داخلياً، لتتوقف عنها المشاريع التنموية التي شملت المجال الصحي والسكني والتعليمي لأجل غير مسمى، في ظل توارد الإشاعات بين سكانها حول نقلها عن حرم الحدود داخل الصحراء، غير أن تكهنات أخرى تؤكد بقاءها، لكن الإجابة تبقى حائرة لدى أهلها. في الوقت نفسه، دعت السلطات السعودية قبائل المهرة التي تعيش داخل اليمن، للدخول عبر الحدود السعودية، وتعهدت بتوفير الخدمات كافة لهم، وتأهيلهم للعيش داخل الحدود السعودية كما كانوا في السابق. على بعد 800 كيلو متر، شرق منطقة نجران تقع محافظة الخرخير التابعة لها إدارياً، وهي عبارة عن أرض صحراوية تشتهر بعروقها الرملية الكبيرة مع مساحة متوسطة تتمركز فيها قبائل تنتشر في صحراء الربع الخالي. من هذه القبائل المناهيل، الراشدي، المهري، وبعض القبائل الأخرى، ويعد الوصول إليها عبر منافذ رملية صعباً للغاية، وربما يؤدي إلى الموت، إذ كانت تشكل عقبة صلبة أمام مكتشفيها وقاصدي التنمية، نظراً إلى خطورة الطريق الذي يحتفظ بقصص مأسوية لا تنسى. طول المسافة وكثافة الكثبان الرملية المتحركة وابتعادها عن مناطق التنمية الرئيسية، عللت تأخر التنمية إليها، على رغم الجهود التي قامت بها إمارة المنطقة الشرقية قبل أن تصبح تابعة لمحافظة نجران. في العاشر من شوال العام الماضي اتصلت الخرخير بأجزاء المملكة عبر مشروع طريق شرورة - الخرخير الذي انتهى بعد أن استغرق تنفيذه أربع سنوات، واجهت فيه الشركة المنفذة صعوبات قاسية. لم تحرم الخرخير من الخدمات الأساسية حتى قبل وصول الطريق إليها، فعلى رغم صعوبة الوصول إليها طوال الأعوام الماضية، إلا أن الخدمات الأساسية ما فتئت تصل إلى هذه المنطقة البعيدة، إذ تم فتح مدرسة الخرخير الابتدائية في عام 1409ه، وتلتها بلدية الخرخير في عام 1413 والشرطة والدفاع المدني والبريد السعودي، وهي تقوم بجهودها الموكلة إليها من دون توقف وبدعم من إمارة منطقة نجران.