دعا مختصون في القطاع المعماري والعقاري، وزارة الإسكان إلى دراسة فكرة السماح ببناء مساكن على مساحة 150 متراً مربعاً، لافتين إلى أنها ستسهم في حل ما يراوح بين 5 و 10 في المئة من مشكلات الإسكان القائمة حالياً، مبينين أن هذا التوجه يتطلب موافقة وزارة الشؤون البلدية والقروية، موضحين أن ذلك سيسهم في زيادة المعروض من المباني السكنية، ويكون له أثر إيجابي في تراجع أسعار الإيجارات. وكانت وزارة الإسكان أوضحت أمس، أنها لم تصدر قراراً بالسماح بتقسيم الوحدات السكنية (الحكومية والخاصة) إلى مساحات تقل عن 150 متراً مربعاً، والبناء عليها. وقال المدير العام للعلاقات العامة في وزارة الإسكان محمد الدغيلبي، في تصريح نشرته «الحياة» أمس: «نُسبت أحاديث مكذوبة على لسان مدير الدراسات والتخطيط في الوزارة علي آل جابر، عن إلغاء شرط أن تكون الأرض لا تقل عن 300 متر مربع، وهو أمر عار من الصحة». وأشار المختصون إلى أن هذا التوجه سيجد إقبالاًً من أصحاب الدخلين المحدود والمنخفض، في الحصول على سكن لمرحلة انتقالية فيما بعد، خصوصاً أن مشكلة توافر المساكن لم تحل، وتتطلب بناء أكثر من 100 ألف وحدة سكنية سنوياً. وهو ما لن تستطيع وزارة الإسكان تنفيذه في ظل العقبات الكثيرة التي تعترضها. وقال الأكاديمي المتخصص في العمارة والتخطيط الدكتور عبدالله الفائز ل«الحياة»: «إن اتجاه وزارة الإسكان إلى السماح ببناء مساكن على مساحة 150 متر مربع يسهم في حل ما يراوح بين 5 و 10 في المئة من مشكلة الإسكان القائمة، على رغم أن مثل هذا التوجه يتطلب موافقة وزارة الشؤون البلدية والقروية، كونها الجهة المختصة في تخطيط المدن والأحياء، ولاسيما أن هذه المباني تحتاج إلى خدمات متعددة». وأكد الفائز أهمية هذا التوجه؛ لأنه «يسهم في توفر مساكن لأصحاب الدخلين المحدود والمنخفض»، متوقعاً اتجاه شريحة كبيرة من الباحثين عن سكن إلى البناء على هذه المساحات، ولن ترفض أو تحجم عن التملك، ولاسيما أن هناك من يخطط لتملك سكن على مراحل متعددة بحسب قدرته المالية»، مضيفاً: «إن السماح بالبناء على هذه المساحة لا يعني حل مشكلة الإسكان التي تعاني منها المملكة، ولكن ذلك سيسهم في تراجع الطلب على الفلل ذات المساحات الكبيرة، وسيكون هناك عرض أكبر من الطلب، وسيحدث أثراً إيجابياً على صعيد تراجع أسعار الإيجارات». ولفت إلى أن جميع الإجراءات التي تقوم بها وزارة الإسكان، سواءً من خلال هذا التوجه، أم من خلال فرض رسوم على الأراضي البيضاء، أو بناء مجمعات سكنية في بعض المدن، «لن تحل مشكلة الإسكان في الوقت القريب؛ كون المملكة بحاجة إلى بناء أكثر من 100 ألف وحدة سكنية كل سنة، حتى نستطيع حل جزء كبير من هذه المشكلة خلال سنوات عدة»، مطالباً بضرورة «بناء أحياء سكنية في ضواحي المدن، وتوفير فرص العمل فيها، من خلال إنشاء فروع للجامعات أو فروع للمصالح الحكومية فيها». من جهته، اعتبر الأكاديمي عضو اللجنة الوطنية العقارية في مجلس الغرف السعودية الدكتور أحمد باكرمان هذا التوجه «جيد». ولكنه قال ل«الحياة»: «إنه لن يحل مشكلة الإسكان، ولاسيما أن هناك عقبات عدة بحاجة إلى دراسة وحل»، متسائلاً: «هل ستوافق وزارة الشؤون البلدية والقروية على هذا التوجه، ويُطبق في جميع المناطق؟». وأكد باكرمان أن «كثيراً من الناس سيقبل بمساحة 150 متراً مربعاً، ولاسيما في ظل بحث كثير من أصحاب الدخل المحدود عن سكن»، مرجعاً ذلك إلى اختلاف إمكانات كل شخص عن الآخر، «فهناك من لا يستطيع شراء إلا شقة صغيرة، وهناك من يستطيع شراء فيلا صغيرة أو كبيرة بحسب ملاءته المالية». وأضاف: «إن هذا التوجه يسهم في توفر سكن لفئة من الناس، ويسهم في توفر سكن موقت لأخرى»، مطالباً وزارة الإسكان بالعمل على «تقليل العوائق التي تعترض بناء وتوفير مساكن لشريحة كبيرة من سكان المملكة». بدوره، اعتبر العقاري عبدالله المالكي توفير أراضي على مساحة 150 متراً مربعاً «مطلباً لشريحة كبيرة من السكان، ولاسيما أن بناء دورين وملحق يعني البناء على مساحة لا تقل عن 240 متراً مربعاً مع الأخذ في الاعتبار الارتدادات المطلوبة نظاماً»، مشيراً إلى أن هناك «شريحة كبيرة من السكان اتجهت إلى شراء شقق صغيرة وعلى مساحات أصغر، وهو ما يؤكد أن مثل مساحة 150 متراً مربعاً ستكون مطلباً لأكثر من 20 في المئة من الباحثين عن سكن، ومن أصحاب الدخل المحدود». وأشار إلى أن مثل هذه المساحات تحتاج إلى خدمات، وهو ما يتطلب التنسيق مع الجهات المعنية، لافتاً إلى أن «كثيراً من دول العالم يوجد فيها مثل هذه المساحات، وتقام عليها مشاريع سكنية لكثير من الأسر». وأكد أن ثقافة الأسر في المملكة تغيرت عن السابق، وبدأت تقبل بالسكن في أي مساحة، ويؤكد ذلك ما نشهده من إقبال كبير على شراء الشقق السكنية الصغيرة، والتي تعتبرها تلك الأسر «حلاً مرحلياً أو موقتاً، حتى يتوافر مبلغ مالي جيد، يستطيع من خلال شراء منزل على مساحة كبيرة».