عكست الهجمات التي تعرضت لها العاصمة الفرنسية باريس الجمعة الماضي وتبناها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) تحولاً في أسلوب التنظيم الإرهابي. وبحسب تقرير نشره موقع "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي)، كان "داعش" وما زال يركز على احتلال الأراضي في سورية والعراق، والتوسع بعد ذلك إلى باقي الدول العربية، في محاولة للسيطرة عليها، لكن المنتمين اليه يعلمون مدى الجاذبية التي يتمتع بها تنظيمهم في أوروبا. واضاف التقرير انه بينما يرزح التنظيم تحت وطأة الغارات الجوية اليومية التي يشنها التحالف الدولي في العراق وسورية، اعتبر انه صار مناسباً أن يشن هجمات في أماكن بعيدة من المنطقة. ولاحظ التقرير إن الحدود البالغ طولها 1600 كيلومترا مربعا بين تركيا وسورية أضحى الجزء الأكبر منها اليوم تحت سيطرة "وحدات حماية الشعب الكردية" المعادية للتنظيم، وبالتالي أصبح دخول المتطرفين الأوروبيين إلى سورية أمراً صعباً، خصوصاً وأن العراق لا يمثل منفذاً مناسباً لهم، والحدود بين الأردن وسورية مغلقة، ويواجهون خطر الاعتقال إذا حاولوا التسلل إلى سورية عبر لبنان. ولأجل هذا، بحسب التقرير، بدأ عناصر التنظيم المكلفون مهمة التجنيد عبر الإنترنت دعوة أتباعهم الى البقاء في بلدانهم، والتخطيط لتنفيذ هجمات فيها عوضاً عن المخاطرة بالتوجه إلى سورية. ويعني هذا زيادة احتمال وقوع هجمات إرهابية في دول أوربية، وهجمات باريس الأخيرة خير دليل على ذلك. وسبق ل "داعش" ان تبنى هجمات عدة خارج مناطق نفوذه، بينها الاعتداء على منتجع سوسة في تونس (38 قتيلاً أكثرهم بريطانيون)، وهجوم انتحاري في أنقرة (102 قتيل)، وإسقاط طائرة ركاب روسية (224 قتيلاً)، وتفجيران استهدفا الضاحية الجنوبية لبيروت (44 قتيلاً)، وأخيراً هجمات باريس التي راح ضحيتها أكثر من 120 قتيلاً و300 جريح. وعلى رغم البساطة النسبية لهذه العمليات، إلا أنها تطلبت الكثير من التخطيط والاستعداد والتدريب، وتطلبت أيضاً توفير أسلحة ومتفجرات، بالإضافة إلى تجنيد الانتحاريين وعمليات استطلاع الأهداف. ومنذ فترة قريبة، استنتجت أجهزة مكافحة الإرهاب في الدول الغربية أن الأشخاص الذين اصطلح على تسميتهم ب "الذئاب المنفردة" هم الخطر الأكبر على دولهم، لكن ما حصل في باريس وغيرها قد يجعل من هذه الاستنتاجات خاطئة.