طغى على قمة زعماء مجموعة العشرين في أنطاليا التركية أمس، ملفا محاربة «داعش» والأزمة السورية، وذلك في أعقاب صدمة مجزرة باريس نهاية الأسبوع الماضي. ولفتت على هامش القمة المحادثات «غير الرسمية» بين الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين، فيما أكد الأول خلال لقائه نظيره التركي رجب طيب أردوغان أولوية محاربة «داعش» وإنهاء الظروف التي أدت إلى ظهوره. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن أوباما وبوتين بحثا في الجهود المبذولة لإنهاء الصراع في سورية خلال لقائهما الأول منذ أيلول (سبتمبر) الماضي. وقالت مصادر روسية إن الرئيسين اجتمعا «على انفراد» ثلاثين دقيقة، من دون حضور مستشارين أو مساعدين. وكانت تقارير نقلت عن الكرملين أن لأميركا وروسيا أهدافاً استراتيجية متشابهة في الحرب على الإرهاب لكن هناك اختلافات في الأساليب. وقال مسؤول في البيت الأبيض للصحافيين عقب لقاء أوباما وبوتين إنهما «اتفقا على الحاجة إلى عملية انتقال سياسي يقودها السوريون تسبقها مفاوضات برعاية الأممالمتحدة بين المعارضة السورية والنظام، إضافة إلى وقف لإطلاق النار». واستبق الرئيس الأميركي لقاءه نظيره الروسي أمس، بالإشارة إلى اتفاق فيينا الذي حض على وقف النار في سورية بداية العام المقبل. وأضاف أوباما: «سنضاعف الجهود مع الأعضاء الآخرين في الائتلاف (ضد الإرهاب) لضمان انتقال سلمي في سورية والقضاء على داعش كقوة يمكنها أن تسبب الكثير من الألم والمعاناة للناس في باريسوأنقرة وأنحاء العالم». وبدا أن أنقرة لم تنجح في استغلال الجدل حول «أخطار» تدفُّق المهاجرين إلى أوروبا في ضوء اعتداءات باريس، لتسويق دعوتها إلى إقامة منطقة آمنة شمال سورية لإيوائهم، خصوصاً بعدما كشفت التحقيقات أن أحد منفذي مجزرة باريس نجح في التسلل بين اللاجئين إلى أوروبا. لكن قادة الدول العشرين اعترفوا بأن أزمة اللاجئين مشكلة عالمية تقتضي تعاوناً لمساعدة تركيا وأوروبا (راجع ص 6 و7). وأكد الرئيس الأميركي في مؤتمر صحافي مع نظيره التركي أن أنقرة شريك فاعل في التحالف لمحاربة التنظيم الإرهابي، فيما شدّد أردوغان على أن الإرهاب «خطر جماعي»، وزاد: «نواجه إرهاباً بلا وطن أو دين». وكشف أوباما أنه ناقش مع نظيره التركي مسألة تشديد الرقابة على الحدود السورية لمنع تسلُّل إرهابيين، فيما طالبت فرنسا خلال قمة أنطاليا ب «تدابير ملموسة» لوقف تمويل الإرهاب. وأجرى الرئيس التركي محادثات ثنائية مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، كما التقى بوتين والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل، وتناولت المحادثات الملف السوري. ودعا الرئيس الروسي إلى «توحيد جهود المجتمع الدولي لتعزيز فاعلية مواجهة التهديد الإرهابي ومساعدة اللاجئين». ووجّه رسالة إلى المجتمعين في أنطاليا ركّز فيها على «الهجوم المروع» في باريس، مُشدّداً على أن التغلُّب على الإرهاب ومساعدة ملايين من اللاجئين «ممكنان فقط إذا وحدنا الجهود في إطار ميثاق الأممالمتحدة وعلى أساس القانون الدولي مع احترام سيادة كل الدول ومصالحها». وحض نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف الحلف الأطلسي على «إعادة النظر في تحديد أولوياته بعد هجوم باريس، وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح عبر تقديم أولوية مكافحة الإرهاب في شكل جماعي».