تتعرض العملية السياسية في ليبيا إلى «تهديد جدي» قد «يعرقل» تطبيق ما أنجزته الأممالمتحدة حتى الآن من اتفاق على تشكيل حكومة وفاق وطني، وتوقيع «الترتيبات الأمنية» المتفق عليها بين الأطراف الليبيين، بسبب التشكيك الواسع النطاق في مصداقية المبعوث الخاص إلى ليبيا برناردينو ليون الذي يوشك على ترك منصبه خلال أيام. واعتبر عدد من الديبلوماسيين العرب والغربيين في نيويورك، أن «انزلاق ليون في مسألة تأمين فرصة عمل مع دولة مؤثرة في العملية السياسية في ليبيا أعطى فرصة للأطراف الليبيين المعنيين بأي عرقلة لتطبيق الاتفاق السياسي». ونقل ديبلوماسيون عن أوساط مكتب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن رئيس «المؤتمر الوطني العام» المنتهية ولايته ومقره العاصمة طرابلس نوري أبو سهمين، وجّه رسالة إلى الأمين العام «تطالب بإعادة صياغة اتفاق السلام» على خلفية أن «ليون أثبت عدم مصداقيته وحياديته». وأضافت المصادر ذاتها أن «الأمانة العامة للأمم المتحدة منشغلة في إيجاد مخرج لائق» يجنّب خلف ليون، الألماني مارتن كوبلر «تحمل تبعات تركة ليون، وفي الوقت نفسه الحفاظ على المنجزات المتمثلة في التوصل الى اتفاق الحكومة الوفاقية، والجدول الزمني الذي رافق مسار العملية السياسية برمتها». وقال ديبلوماسي معني إن كوبلر «سيخوض مهمة صعبة من اليوم الأول في منصبه الجديد تتمثل في الحفاظ على توازن دقيق بين الابتعاد عن ليون ومصداقيته الملطخة، والتمسك باتفاق السلام الذي تم التوصل إليه بعد سنوات من المحادثات الطويلة برعاية الأممالمتحدة». وأضاف أن «الأمانة العامة للأمم المتحدة ضغطت على ليون لإصدار بيانه مساء الخميس الذي طلب فيه إيضاحات في شأن تقارير إعلامية تحدثت عن إرسال دولة خارجية أسلحة الى أطراف ليبيين». وبرزت مسألة توقيع الترتيبات الأمنية التي كان يُفترض أنها ستوقَّع بين الأطراف الليبيين مع تشكيل حكومة الوفاق الوطني، إذ إنها تتعلق خصوصاً بوضع العاصمة. ووفق ديبلوماسيين، يجب أن توقع الميليشيات والحكومة على الترتيبات الأمنية بحيث تنسحب المجموعات المسلحة من طرابلس «لكن هذه المجموعات على صلة بدول أخرى في المنطقة وقد تتذرع بالتقارير الإعلامية الأخيرة لرفض توقيع الاتفاق». وكانت صحيفة النيويورك تايمز نشرت تحقيقاً قالت فيه إن مراسلات إلكترونية حصلت عليها تتحدث عن أن دولة عربية ترسل أسلحة الى ليبيا. وقال ليون في بيان أصدره مساء الخميس الماضي في هذا الشأن، إنه «مطّلع على التقرير الذي نشرته النيويورك تايمز حول ليبيا والادعاءات حول أنشطة تتعارض مع قرارات مجلس الأمن، وبناء على هذا التقرير قررت أن أطلب توضيحاً كاملاً حول هذه القضية، فيما أستغرق الوقت لتحديد الخطوات المقبلة في مسيرتي المهنية». وأضاف أنه عمل خلال السنة الماضية «من قرب مع معظم المسؤولين في دول كانت هناك ادعاءات سابقة بأنها منخرطة في النزاع الليبي»، وأنه كان مقتنعاً أن «دولاً مثل الإمارات وقطر وتركيا ومصر دعمت بشكل مستمر جهود الأممالمتحدة السلمية، وتفهمت قياداتها أن الخيار الوحيد لليبيا هو الاتفاق على حكومة الوحدة الوطنية». وقال إن «مواقف هذه الدول ومشاركتها البناءة والفاعلة في العملية السياسية هي محل تقدير من كل ممثلي الأطراف الليبيين». وتابع: «نظراً إلى عدم صحة المعلومات أو خطئها التي رأيناها في الأشهر السابقة بالنسبة إلى العملية السياسية في ليبيا ودور الأممالمتحدة ودوري فيها، أرى أنه من الضروري توخي الحذر الشديد حول التقارير الأخيرة المنشورة». واعتبر أن المرحلة الحالية هي «أخطر مرحلة للسلام في ليبيا»، داعياً الليبيين الى «مواصلة العمل وإنهاء جهودهم وعدم الانسياق بأي اعتبار ما عدا المصلحة الوطنية الليبية». وشدد ليون على ضرورة التقيد بقرارات الأممالمتحدة معتبراً أن «التقارير الإعلامية هي ادعاءات لم يتم التحقق منها». وختم بيانه بالقول: «أنهي حالياً دوري كممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة لكني سأبقى دوماً منخرطاً مع الأممالمتحدة ومبادئها وسأكون دوماً في تصرف المنظمة وأمينها العام لأي قضية متعلقة بهذا الملف أو سواه».