إنهم لا ينتمون إلى القبائل البدائية في أدغال الأمازون! هم مواطنون يرفضون أن ينتعلوا حذاءً! ويصُّرون على أن تلامس أقدامهم الأسفلت الحارق مباشرة، من دون أن يشعروا بألم. ويجد من يصادفهم في طرقات قرى الأحساء منظراً متناقضاً، إذ يرتدون الثياب النظيفة كبقية المواطنين إلا أنهم حفاة! ويفاجَأ من يلتقيهم من خارج قريتهم بأن أسفل الغترة والثوب النظيفين قدمين متسختين عاريتين! ويعتقد بأن ينتهي هذا الجيل مع رحيل الجيل الحالي منهم، إذ لم يمتد تأثيرهم لذويهم، على رغم وجود عامل وراثي في هذه الحالات، إذ يذكرون أن بعض أجداد هؤلاء كانوا حفاة، ولم يحبوا الأحذية، ولا يمكن أن تجبر أجواء الطقس القاسية، صيفاً وشتاءً، هؤلاء على التنقل من دون شعور بالألم. ويقول عبدالله سالم (في العقد السادس): «منذ كنت صغيراً وأنا حافي القدمين، واعتدت هذا الوضع، حتى إنني كنت أعاني من نظرات الناس لي، لكنهم تعودوا». فقد عبدالله بصره في بداية العقد الثالث من عمره، وهو ما أثر في تنقلاته. وأضاف: «حين أمشي لا أستطيع أن أتحاشى الأحجار أو الزجاج والمسامير. كان أمراً صعباً. لكن مع الوقت والإصابات الكثيرة اعتادت قدماي هذه العوائق، فلا أشعر بالألم الذي يشعر به الآخرون الذين ينتعلون الأحذية، فهي مجرد وخزة صغيرة، سرعان ما ينتهي ألمها». ويضطر حجي ناصر علي (في العقد السابع)، إلى نقع قدميه قبل أن ينام في ماء وملح، مضافة إليه أغصان الريحان، لتخفيف ثقل الطبقة السفلية لقدميه، التي تحولت مع مرور الزمن إلى ما يشبه خف الجمل! ويقول ابنه أحمد: «كنا نشعر بإحراج كبير حين نرى والدنا حافي القدمين، حتى إننا اتهمنا بعدم البر به، وشراء حذاء له، لكن مع الوقت أصبح الأمر معتاداً، بعدما يئسنا من إقناعه بأن يرتدي حذاءً». (للمزيد).