بدأت ميانمار بطيّ صفحة حكم عسكري دام أكثر من نصف قرن، بعدما فاز حزب زعيمة المعارضة أونغ سان سو تشي بالغالبية المطلقة في البرلمان، ما سيتيح له تشكيل أول حكومة مدنية، واختيار رئيس جديد للبلاد العام المقبل. وأفادت نتائج غير نهائية أعلنتها اللجنة الانتخابية، بأن حزب «الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية» بزعامة سو تشي، نال 348 مقعداً في مجلسَي البرلمان، في مقابل 40 مقعداً ل «حزب الاتحاد والتضامن والتنمية» الحاكم، علماً أن الدستور الذي صاغه المجلس العسكري السابق الذي حكم البلاد بين عامَي 1962 - 2011، منح الجيش ربع مقاعد البرلمان. كما أن لقائد الجيش سلطة تعيين وزراء بارزين، مثل وزيرَي الدفاع والداخلية. وبعدما حلّ المجلس العسكري نفسه عام 2011، شكّل حكومة شبه مدنية يديرها جنرالات سابقون. لكن قائد الجيش الجنرال مين أونغ هلينغ، والرئيس ثين سين، تعهدا تسليم السلطة و «التعاون» مع زعيمة المعارضة التي كانت دعتهما الى «حوار مصالحة»، علماً أنها خضعت نحو عقدين لإقامة جبرية في منزلها. وستزور سو تشي بعد غد نايبيداو، العاصمة الإدارية، لاستئناف جلسات البرلمان المنتهية. وقال ناطق باسم «الرابطة»: «طلبنا فتح حوار، وبعد اللقاءات (مع الجنرالات السابقين الممسكين بالسلطة) يمكن أن تتقدّم الأمور». وقال ريتشارد هورسي، وهو محلل مستقل في شؤون ميانمار: «البرلمان الجديد سيكون فعلياً خاضعاً لهيمنة الرابطة التي ستتمكّن من تبنّي كل القوانين التي ترغب فيها، ولن تُضطر الى تشكيل ائتلاف» حكومي. واعتبر أن سو تشي ستسعى خلال الفترة الانتقالية، الى إشراك الجميع في المسؤولية، وستعتمد «نهجاً ديبلوماسياً مع العسكريين». وتواجه زعيمة المعارضة تحدياً هائلاً، إذ عليها تأمين انتقال سلس للسلطة، وتشكيل مؤسسات رسمية ديموقراطية، بعد نصف قرن على الحكم العسكري. وحرص الدستور الذي صاغه الجيش، على منع سو تشي من تولّي الرئاسة، إذ إن زوجها الراحل بريطاني، كما أن ابنيها يحملان جنسيّته. لكنها اعتبرت أن فوزها في انتخابات يجعلها «أعلى من الرئيس». وسيبقى الرئيس ثين سين في منصبه حتى آذار (مارس) المقبل. وهنّأ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، سو تشي بالفوز، مشيداً ب «شجاعة ورؤية» الرئيس ثين سين الذي بدأ إصلاحات قبل أربع سنوات. واعتبر أن «دعم الجيش تنظيم انتخابات ذات صدقية وشفافة، وقبوله نتائجها» يشكّلان أمراً «مهماً وأساسياً». واستدرك أنه «ما زال هناك عمل كثير في ميانمار على خط الديموقراطية، ولعدم إقصاء أي شخص عن الانتخابات المقبلة»، في إشارة الى أقلية الروهينجا المسلمة. وأضاف: «على الشعب والقادة في ميانمار التعاون من أجل بناء مستقبل أفضل، حيث لا يبقى أي شخص مهمشاً أو ضحية تمييز». وحضّ «جميع أصحاب المصلحة الوطنية على الحفاظ على مناخ هادئ وحماية حقوق الإنسان وسيادة القانون».