لم يمرّ اليوم العالمي للصحة النفسية عابراً في السعودية، فثمّة مطالبات عدة دعا إلى تحقيقها مجموعة من المتطوعين الذين سعوا إلى إيصال رسائلهم إلى المجتمع، اتفقت بأكملها على ضرورة التعامل الأمثل مع المصابين بالأمراض النفسية وتوفير الحقوق الكاملة لهم. الحقوق الاجتماعية والمهنية وتغير النظرة من السلب إلى الإيجاب، دعوات أطلقها متطوعون من منبر اليوم العالمي «للصحة النفسية»، مجسّدين فيها حال بعض المرضى الذين وجدوا أنفسهم أسرى بين أفراد المجتمع أكثر من المرض ذاته، على رغم تحرّر غالبيتهم منه بعد خضوعهم إلى العلاج. وتطرّق المتطوعون خلال المناسبة إلى مدى حرمان المرضى النفسيين من أبسط حقوقهم المهنية والاجتماعية، إذ وصف أحدهم ألمه بعد أن وجد نفسه غير قادر على الزواج، بسبب رفض كثير من الأسر له. فيما وقف الثاني مكتوف اليدين أمام شهاداته العلمية التي تفوقت على الكثيرين إثر عدم تمكنه من الحصول على وظيفة. أما الآخر فكان متأثراً من خجل أهله الذين لا يحبذون وجوده معهم أمام المجتمع. قصص ترجمت معاناة ومطالب وحقوق المرضى النفسيين، على رغم تحديهم وإصرارهم على العلاج واللجوء إلى الاختصاصيين والاستشاريين. إلا أن بعض أفراد المجتمع لا يزالون ينظرون إلى المريض النفسي بنظرة سلبية وضعتهم داخل دائرة الحرمان من ممارسة أبسط حقوقهم. ولم يكتفِ المنظمون بالمطالبة بحقوق المرضى النفسيين فقط خلال الفعاليات، بل أثبتوا شرعية العلاج الذي يراه البعض أنه من الخرافات ولا صحة للعلاج النفسي، إذ تم تعليق فتوى شرعية تؤكد أن المرض النفسي أعظم أثراً من المرض الجسدي، وأن على المريض النفسي الأخذ بالأسباب والعمل بنصائح وإرشاد الأطباء. بدورها، أوضّحت الاستشارية النفسية وخبيرة الأممالمتحدة لعلاج إدمان النساء الدكتورة منى الصواف، أن الوصمة الاجتماعية في الأمراض النفسية بالسعودية باتت أقل مما كانت عليه في السابق، معتبرة أن الوضع النفسي في صعود إلى الأفضل بعد انتشار الوعي بين أفراد المجتمع. وترى الصواف حجم إقبال المرضى على العيادات النفسية في السعودية يعكس الاعتراف المُعلن بحق الإنسان في العلاج النفسي، فيما تنوّه بارتفاع نسبة الوعي بين أفراد المجتمع بحق العلاج، والجهود التي تُبذل لتخفيف الوصمة الاجتماعية في مجال الصحة النفسية. وأضافت الصواف: «إن انتشار الوعي أفضل بكثير عن السابق، والطب النفسي لم يعد مغلقاً في مستشفيات محددة، بل أصبح هناك عيادات في المستشفيات العامة ومراكز الرعاية الصحية الأولية ما سهل على المرضى الوصول للعلاج». من جهته، أكد استشاري الطب النفسي الدكتور نواف الحارثي، أن نسبة استجابة المرضى للعلاج النفسي تزيد عن 70 في المئة من خلال الجلسات الأولى، مطالباً كل من لديه معاناة نفسية أثّرت على حياته الوظيفية والاجتماعية والعائلية والاقتصادي باللجوء إلى الاستشارة النفسية.