مضت القاهرة أمس في طريق تطويق تبعات تعليق الرحلات إلى مطار شرم الشيخ على خلفية حادث سقوط الطائرة الروسية المنكوبة، لكنها انتقدت قرارات الشركاء «الأحادية»، واشتكت من عدم التعاون معها في التحقيقات. وجاء ذلك فيما أجرى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي محادثات هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في أعقاب اتخاذ الأخير قراراً بالموافقة على طلب الاستخبارات تعليق الرحلات الجوية الروسية الى مصر، حيث اتفق الجانبان على «تعزيز التعاون بين السلطات في البلدين بهدف ضمان أمن وسلامة السياح الروس وتعزيز الإجراءات الأمنية للطائرات الروسية، تمهيداً لاستئناف رحلات الطيران الروسية إلى مصر في أقرب وقت ممكن»، وفق بيان رئاسي مصري. وفيما استنفرت السلطات المصرية في شرم الشيخ لاستقبال الطائرات البريطانية والروسية لإجلاء رعايا البلدين، استنكر وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال مؤتمر صحافي مع نظيره المجري بيتر سيارتو، «عدم موافاة (مصر) حتى الآن بالمعلومات التي تحدث عنها البعض»، في إشارة إلى المعلومات الأميركية والبريطانية عن أن سقوط الطائرة كان نتيجة قنبلة زرعها تنظيم «داعش» في الطائرة الروسية المنكوبة. ولفت شكري، في هذا الإطار، إلى أن هناك «علامة استفهام لا بد أن تُطرح، فمصر الطرف الأكثر اتصالاً بالموضوع وكان من الأجدى أن المعلومات المتوافرة على المستوى الفني يتم موافاة مصر بها بدلاً من أن تُطلق على الساحة الإعلامية بهذه العمومية»، منبّهاً إلى أن «علاقات الشراكة والتعاون التي تربطنا بهذه الدول تقتضي أن يتم اتخاذ الإجراءات بتنسيق مع القاهرة، بعيداً من المصلحة الذاتية التي تفرغ العلاقة من عنصر التعاون والشراكة، وتقتصر على المصلحة الذاتية، وهذا ليس من الأسس التي تقوم عليها علاقات تعاون». وأضاف: «لم يتم إبلاغ مصر بما تردد عن وجود معلومات استخباراتية في شأن سقوط الطائرة الروسية. أسباب الحادث لا تزال مجهولة حتى الساعة»، لافتاً إلى أنه بالمقارنة بالحالة المصرية فإن العالم شهد حوادث ورحلات طيران قامت بتغيير مسارها ورحلات أخرى اختفت من دون تفسير ولم تقدم أدلة على سبب اختفائها، ولم يؤدِ ذلك إلى التكهنات والنظريات التي انطلقت بعد سقوط الطائرة الروسية في سيناء. وأكد شكري أن مصر «تعمل من منطلق مسؤوليتها في توفير الحماية والأمن لزائري مصر ... واستجابت لكثير من (طلبات) التنسيق والتعاون لطمأنة هذه الدول في ما يتعلق بالإجراءات التي تتخذ في المطارات المصرية والتي تتواكب مع المعايير الدولية». وشدد على أن مصر «لم تستبعد أي احتمال» في قضية الطائرة وتنتظر «الانتهاء من التحقيقات ووجود تقرير شامل يكشف الحقيقة». وأشار إلى أن مصر «كانت من أوائل الدول التي شاركت في الائتلاف الدولي لمواجهة داعش، وبعد سنة على المجتمع الدولي أن يقيّم مدى فاعلية الحملة التي تعدت السنة والتي تقوم بها الدول العظمى، وهي دول لديها من القدرات والإمكانات ما يفوق كثيراً من دولنا، لكن رغم ذلك لم تستطع أن تؤثر في شكل إيجابي» في التصدي لهذا التنظيم الذي يتخذ من سورية والعراق قاعدة له وتتبعه فروع في أنحاء العالم بينها «ولاية سيناء» التي تبنت «إسقاط» الطائرة الروسية. وفي لندن (أ ف ب)، أفادت تقارير إعلامية السبت بأن طائرة بريطانية تقل سياحاً كانت على وشك الهبوط في مطار شرم الشيخ تفادت صاروخاً اقترب منها مسافة 300 متر في آب (اغسطس) الفائت. وكانت الطائرة التابعة لشركة طيران طومسون تحمل 189 سائحاً في طريقها من لندن الى شرم الشيخ في 23 آب. وعلّقت السلطات البريطانية على الأمر بأن ذلك لم يكن «هجوماً يستهدف» الطائرة. ووقعت هذه الحادثة قبل نحو شهرين من سقوط طائرة الركاب الروسية اثر مغادرتها مطار شرم الشيخ أيضاً ب 23 دقيقة السبت الفائت، ما أدى إلى مقتل جميع ركابها وافراد طاقمها ال 224. وصرح متحدث باسم الادارة البريطانية للنقل «حققنا في هذه الواقعة في وقتها وخلصنا الى انه لم يكن هجوماً مستهدفاً (للطائرة) وانه على الأرجح مرتبط بالتدريبات الروتينية التي اجراها الجيش المصري في هذه المنطقة آنذاك». وأفادت صحيفة «ديلي ميل» بأن طيار شركة طومسون تمكن من القيام بحركة معينة جوية لتفادي الصاروخ قبل أن يهبط بسلام من دون أن يبلغ الركاب بالحادث. ونقلت الصحيفة عن مصدر قوله: «الطيار كان في قمرة القيادة شاهد الصاروخ باتجاه الطائرة فأمر بتغيير المسار باتجاه اليسار لتفادي الصاروخ الذي كان على بعد 1000 قدم». وأضاف ان «طائرة أخرى تابعة لشركة طومسون كانت تطير باتجاه شرم الشيخ في الوقت ذاته وشاهدت الصاروخ». وتابع: «جرى ابلاغ طاقم الطائرة أن الصاروخ مصدره تدربيات للجيش المصري، لكن الحادث أثار الرعب في صفوفه». وأكد متحدث باسم طومسون الحادث. وقال: «خطوط طومسون الجوية يمكنها تأكيد هذا الحادث الذي أبلغ به طاقم الرحلة طوم 476 في 23 آب/أغسطس». وكانت شركات الطيران البريطانية قررت تعليق رحلاتها الى شرم الشيخ بعد سقوط الطائرة الروسية. وبناء على خطة من الحكومة البريطانية، تم ارسال طائرات لإعادة حوالى 20 الف سائح من شرم الشيخ اعتباراً من الجمعة. ويُفترض أن تكتمل عملية الإجلاء خلال عشرة أيام. وفي موسكو (رويترز)، قال نائب رئيس الوزراء الروسي أركادي دفوركوفيتش السبت إن نحو 80 ألف روسي موجودون حالياً في مصر بعد قرار الكرملين تعليق كافة الرحلات الجوية إلى البلاد عقب سقوط طائرة الركاب الروسية. وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوقف الرحلات يوم الجمعة في ما يمكن أن يكون دليلاً على أن روسيا صارت أكثر ميلاً لتصديق أن قنبلة ربما انفجرت على الطائرة. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن دفوركوفيتش قوله: «اتضح اليوم أن عدد السياح في مصر هو حوالي 80 ألفاً». وأضاف: «يتولى الجيش المصري الإشراف على عملية صعود الركاب الروس إلى الطائرات». وتود روسيا تفادي الارتباك الذي شاب نقل آلاف البريطانيين الذين كانوا يقضون عطلاتهم في منتجعات مطلة على البحر الأحمر في مصر بعدما قلصت مصر عدد الرحلات الجوية التي ستسمح بها لإعادتهم إلى بلادهم. وقال أوليغ سافونوف رئيس وكالة السياحة الروسية (روستوريزم) إن 1200 سائح روسي عادوا إلى بلادهم وإنه لن يسمح للمسافرين في الرحلات الجوية التالية بنقل حقائبهم على متن الطائرة. ونقلت وكالات أنباء روسية عن سافونوف قوله: «ستنفذ عملية مخططة لإجلاء السياح». وأضاف: «الطائرات ستصل فارغة وستقل السياح الذين يجب أن يعودوا إلى الوطن في ذلك اليوم» الذي ستصل فيه. وقال اتحاد صناعة السياحة الروسي إن جميع السياح الذين كان مقرراً أن يزوروا مصر في الأيام المقبلة وافقوا على السفر إلى تركيا بدلاً منها.