قالت مصادر مقربة من رئيس البرلمان نبيه بري ل «الحياة» إنه إذا قادت الاعتراضات القائمة على الجلسة التشريعية الى مقاطعة تصل الى حد عدم توفير النصاب لها وبالتالي عدم انعقادها، فإن على الكتل التي ستتغيب عن الجلسة أن تتحمل مسؤولية الانعكاسات السلبية لعدم إقرار المشاريع المتعلقة بالوضع المالي، لا سيما التشريعات الجديدة المطلوبة عالمياً من لبنان لمواكبة القوانين الدولية المتعلقة بالرقابة على غسل الأموال، مع ما ينتج عن ذلك من تجميد لمعاملات التحويلات المالية من وإلى لبنان، فضلاً عن معاملات التصدير والاستيراد. وأوضحت المصادر رداً على سؤال عما إذا كانت هناك شكوك حول إمكان تأمين نصاب الجلسة على رغم احتمال عدم حضور نواب «الكتائب» و «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحر»، أن الأمر منوط بحلفاء كل من هذه الكتل، وعلينا الانتظار حتى موعد انعقاد الجلسة الخميس المقبل لنتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود. وأضافت: «صحيح أن الرئيس بري يخيّر المعترضين بين عقد الجلسة لإقرار مشاريع القوانين المتعلقة بالوضع المالي والتي تشمل بطبيعة الحال الهبات والقروض، وبين الانتحار نظراً للإنعكاسات البالغة السوء لعدم إقرارها على الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد، لكن الأمر هو في يد الكتل النيابية». وأشارت المصادر الى أنه مع صحة الأنباء عن أن الرئيس بري لن يتوقف أمام حجة افتقاد الجلسة للميثاقية إذا غابت عنها مكونات مسيحية مهمة، نظراً الى إلحاحية إقرار القوانين وسيمضي في قراره عقد الجلسة إذا تأمن النصاب (65 نائباً)، لكن هناك ترقباً للإتصالات الجارية بين الكتل النيابية لمعرفة ما إذا كان بعضها سيجد نفسه مضطراً للتضامن مع الكتل المسيحية التي تشترط إدراج قانون الانتخاب على جدول الأعمال للقبول بحضور جلسة «تشريع الضرورة». وعلى رغم أن رموز كتلة نواب «المستقبل» يؤكدون أنهم سيحضرون الجلسة ويعوّلون على الاجتماع بين ممثلي «التيار الحر» و «القوات» و «الكتائب» و «المستقبل» غداً الاثنين، لعله ينتهي الى مخارج تؤمن حضوراً للجلسة، فإن المصادر المقربة من بري تترقب نتائج هذا الإجتماع للجزم بحضور «المستقبل» وبعض المستقلين أو عدمه. وشددت المصادر على أن عدم إقرار القوانين المالية سواء المتعلقة بالرقابة على غسل الأموال أو القروض والهبات، سيضع اللبنانيين المتضررين من ذلك وجهاً لوجه مع الكتل التي تكون حالت دون اكتمال النصاب وبالتالي إفشال عقد الجلسة. ونفت المصادر المقربة من بري أن يكون المخرج المطروح لتشجيع بعض الكتل المسيحية (التيار الحر) هو وعد بتصويت كتلة الرئيس بري الى جانب مشروع قانون استعادة الجنسية للمغتربين القدامى، تعويضاً عن عدم وضع قانون الانتخاب على جدول الأعمال. وقالت إن الأمور ليست مطروحة على هذا الشكل. فمشروع قانون الجنسية سيخضع للنقاش ثم التصويت ومواقف الكتل تتحدد وفقاً لمضمونه وقناعات نوابها حيال هذا المضمون. وتوسعت الاتصالات المسيحية في ما يخص الموقف من الجلسة التشريعية فزار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مساء أمس بكركي وعقد لقاء مع البطريرك الماروني بشارة الراعي وانضم اليهما أمين سر تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ابراهيم كنعان موفداً من رئيس التكتل العماد ميشال عون. واكتفى جعجع بعد لقائه الراعي بالقول: «سيكون لي كلام مستفيض في خلال اليومين المقبلين. ولا أحد يتذرع بقوانين المصارف لعقد جلسة تشريعية، فنحن مع كل القوانين المعنية بتجنب تبييض الأموال وغيرنا من هو ضدها، ونريد أن تمر القوانين التي هي في المجلس النيابي منذ عشر سنوات كقانون الانتخابات وقانون استعادة الجنسية فهما مهمان والباقي تفاصيل. ورفض الإجابة عن سؤال ما إذا كانت كتلة القوات ستحضر الجلسة المقررة لمجلس النواب. ورداً على سؤال عن أن الفريق الآخر يعتبر أنه إذا لم تعقد جلسة تشريعية ستقع الكارثة، أجاب بسؤال: «إذا لم تسحب النفايات أليس هذا كارثة». أما كنعان فشدد على «ضرورة احترام الشراكة الوطنية». وقال: «إن الشراكة الوطنية والمسؤوليات الوطنية يقررها الجميع ونحن لا نطالب إلا باحترام الدستور والميثاق». وأضاف: «دعونا لا نهول ولا نزايد على بعضنا ونتحمل مسؤولياتنا». وكان كلامه بخصوص الجلسة التشريعية مطابقاً لكلام جعجع. وقال: «نحن مع الأولويات المالية لكن تسبقها أولويات مزمنة». حرب :حماية من الانهيار وفي المواقف، رأى وزير الاتصالات بطرس حرب، أن «امتناع لبنان عن إقرار القوانين المالية المطلوب منه قبل نهاية السنة، قد يدفع الى تصنيف لبنان دولة غير متعاونة في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وهذا يهدّد وضعه المالي هذه السنة، خصوصاً أن نموه لن يتجاوز الصفر وفق التوقعات»، معلناً «تحفظه على مقاطعة «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحر» الجلسة التشريعية، إذ لا يعقل أن ندفع البلاد الى حافة الانهيار بسبب مطلب سياسي للقوات والتيار، هذا غير مقبول»، ودعاهما الى «تحمّل مسؤولياتهما، وإن لم يرغبا في مناقشة أمور أخرى مدرجة على جدول الأعمال، فلينسحب ممثلوهما فور إقرار القوانين». ولفت الى أنه يسعى لدى الرئيس نبيه بري، ليعيد جدولة جدول أعمال الجلسة، «فيبادر الى وضع الملفات المستعجلة مثل تلك القوانين في أول جدول الأعمال، ولينسحب من يشاء بعد إقرارها». وعرض حرب أجواء الجلسة التشريعية مع بري، وأوضح «انه تحدث معه في محتوى ومضمون جدول الأعمال، وفي كيفية التعامل لإيجاد ما يشجع كل الكتل النيابية التي لها تحفظات لكي تشارك في الجلسة، وما هي الأمور التي قد تسهل حضورها لتفادي وقوع لبنان في المحظور». وقال: «تداولنا في مقترحات متعددة، وسأتابع اتصالاتي في سبيل توفير المناخ الملائم الإيجابي لانعقاد الجلسة في القضايا الضرورية التي ممكن ان نتفق عليها جميعاً». وأكد وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي، أنه «يؤيد التشريع المفتوح وليس تشريع الضرورة فقط، باعتبار أن على المجلس النيابي القيام بوظيفته مهما كانت الظروف». واستبعد حناوي «اعتماد خيار ترحيل النفايات لحلّ الأزمة التي ترزح تحتها البلاد»، لافتاً الى أن هذا الخيار مكلف ويحتاج الى تدقيق تقني وفني، بخاصة أن البلدان التي قد توافق على استقبال النفايات ستشترط أن يكون قد تم فرزها بالمصدر، وهو ما ليس متوافراً حالياً، وقد يتطلب فترة زمنية طويلة حتى القيام بالمناقصات المطلوبة». واعتبر أن «المطلوب العودة الى اعتماد خطة وزير الزراعة أكرم شهيب، التي وافق عليها الجميع وأقرها مجلس الوزراء»، معرباً عن أسفه «لكون التجاذبات السياسية تمنع السير بهذه الخطة». اللائحة السوداء وأوضح عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ياسين جابر، أنه «في 15 كانون الأول (ديسمبر) آخر مهلة لإقرار القوانين المالية، وإذا لم تقر لبنان سيتم وضعه على اللائحة السوداء»، لافتاً الى أنه «لا توجد في خزينة الدولة أموال كافية للقيام بمشاريع البنى التحتية، ولبنان يتحمل مليون ونصف مليون لاجئ سوري، فقامت المؤسسات الدولية بتقديم مساعدات وقروض للدولة لمساعدتنا على القيام بهذه المشاريع». وأشار عضو كتلة «المستقبل» النائب عاطف مجدلاني، الى «أن الاتصالات لا تزال مستمرة بين قوى 14 آذار لإيجاد قاسم مشترك في ما يخص الجلسة التشريعية المقبلة»، مشدداً على «ضرورة البت في بعض الملفات المالية والاقتصادية في شكل عاجل». ووصف الجلسة المقبلة بالإنقاذية، مؤكداً «أن الاتصالات لم تنقطع يوماً بين تيار المستقبل والبطريرك الماروني بشارة الراعي». وفي ملف النفايات، لفت مجدلاني الى أنه «لا يمكن ترحيل النفايات التي تخمرت منذ أكثر من ثلاثة أشهر»، مؤكداً «أن الحل الوحيد لهذه الأزمة في الوقت الراهن هو المطامر، على أن يتم البحث في المرحلة المقبلة عن حلول أخرى»، مشيراً الى «أن بعض القوى السياسية عرقلت هذا الملف عبر تطييفه، على رغم تأكيدها في وقت سابق أن أزمة النفايات وطنية وتمسّ كل اللبنانيين». ودعا عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نوار الساحلي، الأفرقاء السياسيين إلى «تلبية دعوة الرئيس بري لعقد جلسة تشريعية، من منطلق التفكير بمصلحة الوطن وليس بالمصالح الضيقة، لأن القوانين المدرجة على جدول الأعمال هي لمصلحة اللبنانيين جميعاً ولمصلحة الاقتصاد والمالية»، محذراً من «خطر جدي على البلد إذا لم تنعقد الجلسة ولم يتم تشريع هذه القوانين وسنّها، لأن تعطيل المؤسسات يضرّ بالجميع». وفي المقابل أكد عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب آلان عون «أن لا قرار نهائياً لدى التيار الوطني الحر للمشاركة في الجلسة من عدمه»، مشيراً الى «أن الاتصالات مستمرة قبل موعد الجلسة لتحديد الموقف منها». وشدد على «أن الهدف ليس تعطيل الجلسة التشريعية وإنما الأخذ بمطالب التيار المحقة». وقال: «إن الدولة عاجزة أمام كل التحديات التي تواجهها وعلى رأسها أزمة النفايات التي تم تطييفها بسبب مواقف بعض الأفرقاء الرافضة إنشاء مطامر على أرضها»، محملاً الحكومة مسؤولية ما حصل لتقصيرها عن إيجاد حلول لهذا الملف منذ تموز (يوليو) الماضي». وشدد عون على «ضرورة إعطاء البلديات الامكانات المطلوبة لمعالجة نفاياتها»، مؤكداً «أن التيار سهل منذ البداية الطريق أمام حل هذه الأزمة ودعم خطة الوزير أكرم شهيب رغم اعتراضه على بعض النقاط فيها». وقال: «إنه لا يعارض اقتراح تصدير النفايات لأن الأهم هو التخلص من أكثر من مئتي ألف طن من النفايات المنتشرة على الطرق»، لافتاً في الوقت نفسه الى «أن هناك الكثير من العوائق أمام هذا الأمر». وأشار عضو «القوات اللبنانية» النائب فادي كرم الى أن «حزب القوات مدرك لأهمية الملفات المالية المطروحة على جدول أعمال الجلسة»، معتبراً «أن ملف قانون الانتخابات هو الأهم اليوم». وذكر بأن «الحكومة سبق ووعدت اللبنانيين بإقرار قانون جديد للانتخابات منذ أكثر من سنتين»، معتبراً «أن عدم وضعه على جدول أعمال الجلسة يهدف الى التفرقة بين القوات والتيار الوطني الحر». واذ أكد كرم «تأييده لاقتراح ترحيل النفايات»، حذر في الوقت نفسه «من أن الأرقام التي تطرح على الإعلام هي أكبر بكثير من الواقع وبالتالي فإن رائحة الفساد والسرقة تنبعث من هذا الملف».