حتى ما قبل عقد، كانت للشارب قيمة كبيرة في وجوه السعوديين، ولكنها قيمة تضاءلت تدريجياً في الأعوام الأخيرة، حتى تكاد تتلاشى. بيد أن قيمته ليست كذلك في فنزويلا، وتحديداً لدى رئيسها نيكولاس مادورو، والذي سيحل مع رفاقه زعماء القارة اللاتينية، ضيوفاً على العاصمة السعودية الرياض بعد أيام، في القمة العربية - اللاتينية. وأطلق مادورو، خليفة الزعيم الراحل هوغو تشافيز أمس «تعهداً»، بأنه سيحلق شاربه في حال إخفاق حكومته في بناء مليون وحدة سكنية حتى نهاية عام 2015 الحالي. وعلق الرئيس صاحب الشارب «الكثيف»، مصير شاربه في يد وزير الإسكان الفنزويلي، وقال: «أنا على يقين من أن الهدف سيتحقق، وسيمكنني من استقبال العام الجديد وأنا محتفظ بشاربي»، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية أمس. وبالتزامن، شخص وزير الإسكان السعودي المعين حديثاً ماجد الحقيل، أزمة السكن في بلاده، والتي تحتاج - بحسب تقديرات وزارة التخطيط - إلى 2.3 مليون وحدة سكنية بحلول العام 1446، بأنها «أزمة فكر». ما أثار موجة واسعة من المشاعر المتناقضة بين السعوديين، الذين كانوا يترقبون من الوزير الذي تسلم حقيبته الوزارية قبل 4 أشهر، «حلولاً» لأزمتهم المستفحلة، فبين التندر، والسخرية، والنقد، وحتى الانتقاد، والغضب، راوحت ردود فعل السعوديين عبر وسائل التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية. وتعتبر أزمة الإسكان في السعودية من المشكلات الشائكة التي أصبحت تؤرق الكثير من السعوديين على مدى عقود من الزمن، فحلم امتلاك المنزل أصبح لدى الكثير من السعوديين «بعيد المنال» أو ربما مجرد التفكير فيه يعتبر «ضرباً من الخيال». وفضل وزير الإسكان سياسة «الصمت» منذ تعيينه، وهي السياسة ذاتها التي تنتهجها وزارته منذ إنشائها قبل خمسة أعوام، على رغم تعويل المواطن عليها كثيراً في حل مشكلة السكن. إلا أن الوزير الشاب قرر كسر حاجز الصمت أخيراً، فبعد دراسات مستفيضة في هذا الجانب أكد أنه «ليست هناك أزمة سكن في المملكة، وإنما أزمة فكر لدى المواطن». وقال الحقيل خلال كلمته في اللقاء الشهري لمنتدى «أسبار» المقام في مركز «أسبار للدراسات والبحوث والإعلام» في الرياض: «إن الفكر جانب مهم في معالجة الإسكان. الإسكان ليس مشكلة موارد، وليس مشكلة أراضٍ، هو مشكلة فكرة، إن استطعنا معالجة هذا الفكر استطعنا معالجة الإسكان بالكامل»، مضيفاً: «قد يرى بعض الناس أن الحلول بيت أو مسكن أو أرض فقط، لكن ثقافة السكن أكبر من ذلك». وردد الوزير كلمة «فكر» نحو 50 مرة خلال كلمته. «الفكر» الذي تحدث عنه الوزير الشاب، قوبل بزوبعة من التعليقات الساخرة واللاذعة، إذ كان هذا «الفكر» كفيلاً بأن يفتح عليه النار، ويستفز شرائح واسعة من المجتمع، فبعد أن كان يؤمّل عليه بأن يكون سبباً في معالجة ملف الإسكان، تحول إلى «وجبة دسمة» لرسامي الكاريكاتور، ومخرجي المقاطع المصورة القصيرة، إضافة إلى مواطنين التقطوا تصريحه ب«فكر» فني مثير للضحك والشفقة. وعلى رغم الفارق بين «تعهد» الرئيس الفنزويلي و«فكر» وزير الإسكان، إلا أن مواطنين أجمعوا على أن مشكلة الإسكان في السعودية هي مشكلة فكر حقاً، فكتب الدكتور عبدالله الغذامي ساخراً: «نعم، مشكلة الإسكان هي مشكلة فكر، ولكن: أي فكر.. هي مشكلة فكر في وجوه إدارة الأزمة».