أعرب عدد كبير المواطنين عن استيائهم من تصريحات وزير الإسكان ماجد الحقيل، التي قال فيها إن ثقافة السكن لدى المواطن السعودي، بالحصول على سكن كبير وبمواصفات ومزايا خاصة؛ تقف وراء أزمة السكن في المملكة، وربطه بين حل الأزمة وتغيير هذه الثقافة. ورأى العديدون في هذه التصريحات بداية لإطلاق حزمة من الحجج والتبريرات وراء استمرار أزمة السكن في المجتمع السعودي. وتحتاج المملكة إلى نحو 2.3 مليون وحدة سكنية خلال ال14 عاما المقبلة، لرفع معدل ملكية المساكن لدى المواطنين إلى نحو 80 %، بحسب وزارة الاقتصاد والتخطيط، التي أعلنت عن الحاجة إلى إستراتيجية طويلة المدى لتحقيق هذه النسبة بحلول عام 1446ه. وتواجه الوزارة مشكلة في توفير مساكن لجميع المستحقين للدعم السكني، حيث أظهرت البيانات أن إجمالي مستحقي الدعم السكني في المملكة يتجاوز 70 ألف مواطن، فيما لن تتمكن الوزارة من توفير مساكن لهم في القريب العاجل. واستعانت الوزارة بالقطاع الخاص لإنجاز 40 ألف وحدة سكنية، في إطار سعيها للإسراع في حل أزمة السكن. وفي ظل تفاوت المواقف المترتبة على تصريحات "الحقيل"، قال محلل اقتصادي: "هذه التصريحات منطقية، وسبق أن ذكرت على لسان مسؤولين وعقاريين ومحللين اقتصاديين تناولوا أزمة السكن في المملكة. وربط المواطن "إبراهيم الفهيد" بين تصريحات "الحقيل"، ومواقف وزير التجارة السابق، الذي أرجع أسباب ارتفاع سعر الأرز في أسواق المملكة، إلى عادات المواطنين في تناول الأرز. وقال "الفهيد": "تصريحات الحقيل مرفوضة بالمرة، لأن المجتمع السعودي له عاداته وتقاليده التي تربى وتعود عليها، وليس من حق أي شخص أن يطلب تغيير هذه العادات التي أرى أنها جزء من ثقافة أي شعب، وبالتالي هي غير قابلة للتغيير". وأضاف: "نشأنا عندما كنا صغاراً في منازل مستقلة وكبيرة في المساحات، ومجالس للرجال وأخرى للنساء، ومداخل خاصة لكل منهما، هذا بخلاف الحديقة وحمام السباحة، ومن حق أي مواطن أن يعيش كما عاش أهله، خاصة إذا كان يستطيع ولديه المقدرة المالية على شراء أو بناء منزل بهذه المواصفات". وأردف: "أستطيع التأكيد على أن من لا يستطيع أن يعيش في منزل بهذه المزايا، لن يكون راضياً في قرارة نفسه بحصوله على شقة صغيرة المساحة، توزعها وزارة الإسكان عليه". واعتبر المواطن "عبدالله محمد" حديث الوزير في هذا التوقيت بالذات، بداية لتقديم مبررات الفشل القادم لوزارة الإسكان، وقال: "حتى هذه اللحظة، لم يستلم أي مواطن مفتاح وحدته في عهد الحقيل، ولا أدري لماذا أطلق هذا التصريح في هذا الوقت بالذات، ولا يوجد ما يبرر ذلك، سوى أنه توجه لدى الوزارة لإلقاء تهمة وأسباب أزمة السكن في المملكة على المواطن، بحجة أنه لا يريد أن يغير ثقافته السكنية، والرضا بالعيش هو وأسرته في وحدة صغيرة داخل عمارة سكنية، بدلاً من العيش في منزل مستقل، يمتلك فضاءه، وبه كل عناصر الرفاهية". وأضاف: "أعتقد أن غالبية المواطنين لن يمانعوا اليوم في العيش في وحدات صغيرة المساحة، وليس كما قال الوزير، ولكن أين هي هذه الوحدات؟ ولماذا لا تسارع الوزارة في تجهيزها وتسليمها للمواطنين؟". وأردف: "أعتقد أن الوزارة متكاسلة في إنهاء مشاريع السكن التي وعدت بها، رغم أن الحكومة وفرت لها ميزانية ضخمة بقيمة 250 مليار ريال". وتابع: "لذا يجب على الوزارة أن توفر منتجات السكن بجميع مستوياتها أولا، وتترك المواطن حرية الاختيار بحسب مقدرته المالية، فهذا أفضل من إطلاق التصاريح المستفزة للمواطن". وقال المحلل الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة: "تصريحات وزير الإسكان قديمة، وسبق أن ذكرها مسؤولون في الوزارة ذاتها، إلى جانب عشرات العقاريين والمحللين". وأضاف: "الاحتياج السنوي للمملكة من الوحدات السكنية في جميع مناطق البلاد يتجاوز 300 ألف وحدة سكنية، بسبب زيادة الطلب على الوحدات السكنية، في الوقت نفسه، تصطدم وزارة الإسكان بمشكلة إيجاد أراضي بيضاء صالحة لبناء مشاريع السكن عليها، وهذا يؤكد حقيقة واحدة، تتمثل أن مشكلة السكن لن تحل إلا عن طريق بناء وحدات سكنية صغيرة المساحات والتكلفة، لتوفير المساكن لجميع المواطنين، وبخاصة أصحاب الحالات الإنسانية الصعبة، مثل المطلقات والأرامل والأيتام وأصحاب الدخل المحدود". وأردف: "أعداد المتقدمين للحصول على منتجات سكنية من وزارة الإسكان، يفوق أعداد المنتجات التي وفرتها الوزارة حتى اليوم، وهو ما دعا الوزارة إلى الاستعانة بجهود القطاع الخاص في عدد من مناطق المملكة لإنجاز مشاريع السكن". وتابع: "تصريحات الوزير الأخيرة جاءت لتعبر عن هذه الإشكاليات التي تصطدم بها الوزارة حالياً على صعيد توفير السكن لمواطنين الراغبين في التملك". جدير بالذكر أن مشاريع وزارة الإسكان تتركز في 49 مشروعاً، تتوزع في جميع مناطق المملكة، حيث يجري العمل على مشاريع في منطقة الرياض بإجمالي 2952 وحدة سكنية، ومشاريع في منطقة مكةالمكرمة ب1113 وحدة سكنية. وتوجد في منطقة المدينةالمنورة 350 وحدة سكنية، والمنطقة الشرقية 1675 وحدة سكنية، والقصيم 1635 وحدة سكنية، وحائل 1663 وحدة سكنية، وتبوك 2036 وحدة سكنية. وتوجد في الحدود الشمالية 1686 وحدة سكنية، والجوف 885 وحدة سكنية، وجازان 1908 وحدات سكنية، ونجران 1663 وحدة سكنية، والباحة 115 وحدة سكنية.