يبدو أن أصحاب المتاجر في صقلية، مسقط رأس المافيا الإيطالية، ضاق ذرعهم بدفع الجباية للمافيا المحلية، بعدما كلفهم الخنوع لها الكثير من الخسائر. ويخضع 36 شخصاً لحماية الشرطة، بعدما أعلنوا الحرب ضد المافيا في مدينة باغاريا الإيطالية التي تبعد 10 أميال من مدينة بالميرو، في مواجهة أطلقت عليها الصحافة الإيطالية اسم "ثورة رجال المتاجر". وذكرت مجلة "تايم" الأميركية أن الشرطة الإيطالية أصدرت يوم الاثنين الماضي مذكرة اعتقال بحق 22 مشتبهاً بهم من رجال المافيا، في بادرة تعد الأولى من نوعها، إذ لم يحدث أن تعاون الناس مع الشرطة من قبل ضد المافيا. وأكدت الشرطة أنه تم اعتقال زعماء مافيا معروفين في مدينة صقلية، يشتبه بأن لديهم علاقة ببرنابيو، الذي يعتبر آخر أكبر زعيم للمافيا الصقلية تم اعتقاله في العام 2006، مشيرة إلى أن من بين المتهمين ال 22، اشخاصاً هاربين واخرين معتقلين، لا تملك الشرطة معلومات كافية عنهم. وقالت الشرطة أن بعضهم شغلوا مناصب عليا في المافيا منذ العام 2003 وحتى العام 2013. وأوضح رئيس فريق التحقيق العقيد سالفاتوري ألتافيلا أن التحقيقات كشفت مدى تعب أهالي المدينة من تجبر وغرور المافيا، واتضح أن العصابات سطت على كل شيء في السوق، بما في ذلك بيع الأسماك ومحال الملابس والأثاث والمتاجر والملاهي والبارات، وحتى أماكن القمار. وتفرض المافيا على كل تاجر ضريبة يدفعها كل شهر، تتراوح ما بين الف وخمسة آلاف يورو، وفرضت ايضاً على عمّال البناء دفع ضريبة تصل إلى 3 في المئة من مكاسبهم اليومية، تسمى "ضريبة المافيا". وتعمد المافيا إلى حرق متاجر من لا يدفعون تلك الضرائب، ومنعهم من مزاولة أعمالهم. وكانت التحقيقات بدأت قبل عامين، عندما توفي ثلاثة اشخاص نتيجة عنف المافيا، وازداد العدد بعد ذلك إلى 33 ضحية. وساعدت جمعية " اديو بيزوا" لمكافحة الابتزاز في المدينة، أصحاب المتاجر على توفير معلومات عن المافيا. وقال احد المسؤولين في المؤسسة ان الجمعية ساعدت 150 شخصاً للانقلاب ضد المافيا، موضحاً: "كانوا خائفين ومثقلين بالديون بسبب المافيا، لكن هذا الخوف تحول إلى وعي في النهاية". ويقول رئيس بلدية باغاريا، باتريسيو سينك، ان هذه المدينة عانت من سيطرة المافيا أكثر من بقية مدن صقلية الاخرى، مضيفاً "ان بامكان التجار الآن أن يفخروا بأنفسهم، واتمنى ان تكون هذه الثورة شرارة لقطع دابر المافيا". وكانت النيابة العامة الإيطالية المختصة بمكافحة المافيا، أصدرت العام الماضي قراراً بمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لعدد من أفراد عائلة الأب الروحي لعصابات المافيا ماتّيو ميسّينا دينارو (هارب)، الذي يعد خليفة للأب الروحي المحبوس مدى الحياة توتو ريينا. وأشارت النيابة إلى أن تلك القرارات تأتي في إطار "استراتيجبة إضعاف المافيا عبر تجفيف إمكاناتها الإقتصادية، وزيادة عزلة الأب الروحي الهارب".