توقّع خبراء ومستثمرون انخفاض أسعار الذهب في السعودية ودول العالم بأكثر من 10 في المئة خلال العام الحالي، ورجحوا أن يصل التراجع إلى أكثر من 40 في المئة على مدار السنوات الخمس المقبلة مقارنة بالأسعار الحالية، واستندوا في توقعاتهم إلى تعافي الدولار وتعرّض العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) إلى ضغوط كبيرة مع امتداد الأزمة الاقتصادية من اليونان إلى بلدان أوروبية مثل البرتغال وإسبانيا، إضافة إلى بيع أسهم السلع في بورصة نيويورك. جاء ذلك خلال ندوة «أسعار الذهب... إلى أين؟» التي نظمتها لجنة الذهب والمجوهرات في غرفة جدة بالتعاون مع مجلس الذهب العالمي مساء أول من أمس، في حضور كبار أصحاب الأعمال والتجار والمصنّعين في قطاع صناعة وتجارة الذهب والمجوهرات في المملكة. وفي بداية الندوة عرض نائب شيخ الصاغة علي باطرفي الكندي تقريراً حول توقعات الشركات العالمية لمؤشر أسعار الذهب خلال الشهور والسنوات المقبلة، وموقع السعودية على الصعيد العالمي بالنسبة إلى مستهلكي المعدن الأصفر. وبحسب التقرير، فإن التوقعات العالمية تشير إلى احتمال هبوط الأسعار في الأشهر القليلة المقبلة إلى ما بين 1030 إلى 1060 دولاراً للأوقية في النصف الأول من هذا العام لأسباب عدة، أهمها تعافي الدولار في مقابل اليورو الذي يواجه ضغوطاً بسبب امتداد الأزمة الاقتصادية من اليونان إلى بلدان أوروبيّة أخرى مثل البرتغال وإسبانيا، وعدم وجود إشارات تدلّ على ارتفاع معدلات التضخم. وقالت شركة GFMS لتحليل المعادن الثمينة في تقريرها إنه من المتوقع أن «تبدأ أسعار الذهب بالاعتدال في الربع الثاني من 2011، ليصبح معدّل سعر الأوقية في عام 2011 بحدود 1120 دولاراً، أما في عام 2012 فيحتمل أن نرى معدّلاً عاماً يقترب من 890 دولاراً، مدعوماً بتعافي الاقتصاد الأميركي والعالمي، ولو تسارعت وتيرة النموّ الاقتصادي العالمي فقد نرى مستويات ال 700 دولار للأونصة في عام 2015». من جهته، أكد شيخ الجوهرجية في جدة جميل فارسي أن الشعور بآثار الأزمة المالية العالمية أسهم بشكل كبير في تراجع الطلب على الذهب في السعودية العام الماضي إلى 94 طناً، بانخفاض 24 في المئة مقارنة بعام 2008، وقال: «تبقى سوق الذهب السعودية من أفضل الأسواق في المنطقة، وذلك لقوة الاقتصاد السعودي والإنفاق الحكومي». وأضاف أنه من المتوقع نمو الاستثمار في الذهب خلال الفترة المقبلة وقال: «تبدو الرؤية المستقبلية لأداء الأسواق في السعودية إيجابية بسبب انحسار العامل النفسي للأزمة العالمية، مدعوماً بقوة المشاريع الكبيرة للدولة في أعلى موازنة هذا العام، وتوقع زيادة أعداد المعتمرين المحليين والخارجيين، مدعوماً بانحسار تأثير أنفلونزا الخنازير في المنطقة وعالمياً، وزيادة الإنفاق التسويقي والإعلاني، وتعوّد المستهلكين على مستويات سعرية عالية للذهب». وأوضح أن تراجع الطلب السعودي على الذهب تصادف مع انخفاض الطلب العالمي الذي تراجع إلى ما قيمته 100 بليون دولار، وكان معظم الانخفاض في الطلب في قطاع المجوهرات، ولكنه زاد في قطاع الاستثمار بكل أنواعه ما عدا قطاع التجزئة. وتابع فارس: «الطلب على الذهب عالمياً من حيث القيمة الدولارية ظل مرتفعاً في 2009 ولم يتغير سوى تغير طفيف، وبقيمة بليون دولار، وذلك نتيجةً لارتفاع أسعار الذهب». وزاد: «من الواضح أن ثقافة الاستثمار في الذهب موجودة في مجتمعنا السعودي ولو أنها تحتاج إلى تطوير، إذ زاد الاستثمار في الذهب في المملكة في وقت أزمة الأسهم السعودية، واتجه المستثمرون لاقتناء الذهب، ولكن في 2009 انخفضت قيمة مبيعات الذهب في المملكة بنسبة 24 في المئة مقارنةً بعام 2008، وكان هذا الانخفاض بشكل رئيسي في مجال الطلب على المجوهرات الذهبية، كما انخفض شراء الجنيهات والأونصات الذهبية بالتجزئة للتهادي عند المستهلكين أيضاً». أما المدير العام لمجلس الذهب العالمي في السعودية بشر دياب، فتطرق إلى شغف النساء بالذهب وقال: «بحسب الدراسات والبحوث الأخيرة لمجلس الذهب العالمي ومقارنتها بعادات المستهلكين خلال الأعوام السبعة الماضية تبيّن أنه هناك زيادة في أعداد المستهلكات اللاتي يبحثن عن المنتجات المرتبطة بالأناقة، وارتفاع الطلب على «الماركات»، إذ أظهرت الدراسة أن 43 في المئة من النساء السعوديات يهمهن ارتداء المنتجات التي تجعلهنّ سعيدات وتبين أناقتهن، مع اهتمامهن الكبير بالعائلة وقيم المجتمع». وأكد أن «45 في المئة من النساء في السعودية يظهرن ثقة كاملة بقراراتهنّ وإظهار تفردهن من خلال اختيار المنتجات المميزة من الموضة وبشكل ملحوظ، على رغم أنهن يبقين مهتمات بعدم مخالفة قيم المجتمع، وهذا ما يستدعي ضرورة التوجّه تسويقياً وإعلانياً إلى هاتين الشريحتين في الفترة المقبلة».