تبنى فرع تنظيم «داعش» في سيناء المصرية هجوماً انتحارياً استهدف نادي ضباط الشرطة في مدينة العريش في سيناء، ما أسقط 5 قتلى بينهم 4 شرطيين ومدني واحد، إضافة إلى جرح نحو 10 أشخاص بينهم 6 مدنيين. وقالت وزارة الداخلية في بيان إن «انتحارياً يستقل سيارة نقل صغيرة مُفخخة حاول اقتحام نادي الشرطة في العريش، فاصطدمت السيارة المُفخخة بالحاجز الخرساني الأمني أمام النادي وانفجرت، ما أسفر عن استشهاد ثلاثة أفراد شرطة وإصابة عشرة آخرين، بينهم 4 جنود و6 مدنيين ومقتل الانتحاري». وأشارت إلى أن القيادات الأمنية وقوات الحماية المدنية وخبراء المفرقعات انتقلوا فوراً إلى محل الواقعة. وأشار مصدر أمني لاحقاً إلى أن عدد القتلى ارتفع إلى 5 بعد وفاة جندي ومدني. وتبنى تنظيم «داعش» الهجوم، وقال في بيان نشره على حسابه على موقع «تويتر» إن منفذه يُدعى «أبو عائشة المصري»، معتبراً أنه يأتي رداً على «اعتقال سيدات في سيناء». وبدأت الأجهزة الأمنية الاستعلام عن السيارة المستخدمة في الهجوم، وإجراء تحليلات الحامض النووي لأشلاء الانتحاري في محاولة لمعرفة هويته. وانتدبت النيابة العامة المعمل الجنائي وخبراء المفرقعات لإعداد تقرير عن الهجوم، وشكلت لجنة لإعداد تقرير عن التلفيات والخسائر التي نتجت من التفجير بمبنى النادي والمباني المحيطة به. وتحفظت سلطات التحقيق على كاميرات المراقبة في موقع الهجوم، لتفريغها. وأفيد بأن القتيل والجرحى المدنيين كانوا يستقلون حافلة تُقل عمالاً وموظفين تابعة لجهة حكومية في المدينة. وقالت مصادر طبية إن الإصابات تراوحت ما بين شظايا في الجسد وجروح في العينين واشتباه نزيف في المخ لسائق الحافلة. ويقع نادي الشرطة ضمن المربع الأكثر تحصيناً في مدينة العريش التي لوحظ ارتفاع وتيرة العنف فيها نسبياً مقارنة بمدينتي الشيخ زويد ورفح اللتين ظلتا الأكثر خطراً في مربع العمليات في سيناء. ونادي الشرطة قريب من مديرية أمن شمال سيناء في مدينة العريش ومن الكتيبة 101 التابعة للجيش، وهي الأكثر تحصيناً في المدينة، وسبق الهجوم عليها بسيارات مُفخخة وصواريخ هاون، ما أسقط عشرات القتلى. وقُتل ضباط وجنود في الشرطة في الأسابيع الأخيرة في انفجار عبوات ناسفة يزرعها مجهولون على جانب الطرق في العريش تحديداً. وتكررت تلك الهجمات في شكل مضطرد، ما دفع قوات الجيش والشرطة إلى شن حملات دهم مكثفة في المدينة لضبط الخلية المسؤولة عن زرع تلك العبوات الناسفة. ويأتي الهجوم وسط تراجع ملحوظ لقدرة فرع تنظيم «داعش» في سيناء على القيام بهجمات كبرى تكررت منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي في 3 تموز (يوليو) من العام 2013. وأعلن الجيش قبل أسابيع تحقيق نجاحات في سيناء بانتهاء المرحلة الأولى لأكبر عملية عسكرية يطلقها في شبه الجزيرة أسفرت عن مقتل مئات المسلحين والسيطرة على الطرق الرئيسة بين مدن العريش والشيخ زويد ورفح. وأطلق مرحلة ثانية بهدف إحكام السيطرة على تلك المدن من الداخل. وأتى الهجوم فيما تستعد محافظة شمال سيناء لإجراء انتخابات البرلمان فيها ضمن محافظات المرحلة الثانية من الانتخابات، وذلك يومي 22 و23 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. وسبق أن وزع مسلحون بيانات تُحذر من الانخراط في العملية الانتخابية. وقتل مسلحون قبل أيام مرشح حزب «النور» السلفي في الانتخابات في العريش مصطفى عبدالرحمن أمام منزله في المدينة. وشمال سيناء مُقسم إلى 4 دوائر تضم 5 مقاعد هي: العريش ولها مقعدان، ورفح والشيخ زويد، وبئر العبد، ووسط سيناء، ولكل منها مقعد واحد، فيما المقاعد المُخصصة للقائمة محسومة في شكل كبير لمصلحة قائمة «في حب مصر» القريبة من الحُكم، إذ لا تنافسها أي قوائم، لكن إعلان فوزها يقتضي حصولها على 5 في المئة من أصوات الهيئة الناخبة. ونفذ «داعش» الهجوم بالتزامن مع انطلاق الحملة الدعائية للانتخابات، في المحافظة، وسط ترقب مشوب بالقلق، وفي ظل فرض حال للطوارئ وحظر للتجول في المحافظة. ويُتوقع أن يُزيد الهجوم من إرباك مشهد الانتخابات منطقة شمال سيناء التي تخلو من أي مظهر من مظاهر الدعاية الانتخابية، باستثناء التربيطات القبلية عبر زيارات غير معلنة من المرشحين لشيوخ القبائل. من جهة أخرى، رد «مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية» التابع لدار الإفتاء المصرية على التسجيل الأخير لزعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري، والذي دعا فيه إلى ضم مصر إلى ما أسماه «الدولة الإسلامية الكبرى»، قائلاً إن «مصر لا تزال الجائزة الكبرى في نظر الحركات والجماعات التكفيرية التي تسعى بكل قوة لتتمكن من الدخول إليها والسيطرة على مناطق وبقع داخلها». ودعا المرصد جموع الشعب المصري إلى الالتفاف خلف قواته المسلحة والأمن من أجل توفير الدعم والمساندة اللازمة لمواجهة هذه الجماعات العابرة للحدود، خصوصاً في هذه الظروف التي تشهد مواجهات مفتوحة مع تلك الجماعات على أكثر من جبهة. وحذر من «خطورة سيطرة تنظيمات التكفير المختلفة على مناطق وأجزاء من الدول المجاورة لمصر حيث تستخدم أراضيها كمراكز انطلاق لشن هجمات تستهدف أمن مصر وسلامتها، وهو الأمر الذي يحتم على الدولة المصرية أن تدافع عن أمنها الداخلي انطلاقاً من دول الجوار الإقليمي». وقال: «التجربة التاريخية تخبرنا بأن سيطرة الحركات التكفيرية على المدن الكبرى بدأت من خلال السيطرة على القرى والمناطق الصغيرة المحيطة بتلك المدن، ثم تطور الأمر إلى الهجوم على المدن الكبرى والسيطرة عليها من اتجاهات مختلفة»، مضيفاً: «لا بد من تعاون إقليمي مع دول الجوار للتصدي لتلك التيارات التي تستهدف المنطقة بأسرها، وتأسيس أطر دولية تُمكن الدول من استخدام كافة الإمكانات المتاحة للقضاء على تلك التنظيمات والحفاظ على أمن البلاد وسلامتها».