اغتنمت الحكومة التركية الفوز الباهر الذي حقّقه حزب «العدالة والتنمية» في الانتخابات النيابية المبكرة التي نُظمت الأحد الماضي، لتشنّ حملة واسعة على معارضيها. إذ أوقفت صحافيَّين اتهمتهما بمحاولة «تنفيذ انقلاب»، واعتقلت عشرات من أنصار الداعية فتح الله غولن، في وقت شنّ الجيش التركي غارات على قواعد ل «حزب العمال الكردستاني» في جنوب شرقي تركيا وشمال العراق. وكانت أجواء خوف ويأس طغت على عمل صحافيين في مؤسسات إعلامية ليبيرالية ومعارضة في تركيا، بعدما صدمتهم نتائج الانتخابات وقرأوا ما تنشره الصحف الموالية للرئيس رجب طيب أردوغان من تهديد ووعيد، تواكبهما سخرية تفوح منها رائحة رغبة قوية في الانتقام. وكانت عناوين الصحف الموالية للمعارضة تكهّنت بعد الانتخابات النيابية التي نُظمت في حزيران (يونيو) الماضي، بنهاية عهد حزب «العدالة والتنمية» وأردوغان، إثر خسارتهما الغالبية في البرلمان وتفرّدهما بالحكم. وترسّخت هذه المخاوف بعد اعتقال رئيس تحرير مجلة «نقطة» جوهر غوفان، ومدير التحرير المسؤول مراد شابان، اثر توقّع المجلة الموالية لغولن نشوب «حرب أهلية» كردية - تركية بعد فوز «العدالة والتنمية». وكانت المجلة نشرت محضراً سرياً لاجتماع عقده الحزب الحاكم، تخلّلته انتقادات وجّهها قياديون لسياسة «العدالة والتنمية» وتدخل أردوغان في شؤونه. المجلة التي صادرت السلطات نسخ عددها الأخير، وحجبت موقعها الإلكتروني، أشارت على موقع «تويتر» إلى «سجن غوفان وشابان، في انتظار محاكمتهما لاتهامهما بتدبير محاولة انقلاب ومحاولة إسقاط الحكومة». وواكب ذلك في اليوم ذاته اعتقال الشرطة 44 شخصاً، محسوبين على جماعة غولن، بينهم قائد شرطة سابق في إزمير وثلاثة حكام ولايات. والموقوفون هم ضمن 57 فرداً أمر مكتب الادعاء في المدينة باحتجازهم، لاتهامهم ب «امتلاك وثائق عسكرية وأخرى سرية» وبالسعي إلى حملة تطهير في الجيش، من خلال تدبير قضية تجسس عام 2012. في غضون ذلك، دعت أحزاب كردية، على رأسها «حزب الشعوب الديموقراطي» الذي حلّ رابعاً في الانتخابات، الجيش إلى وقف عملياته ضد «حزب العمال الكردستاني»، مذكّرة بأن الأخير أوقف النار أحادياً. هذا النداء أتى بعد يوم على شنّ مقاتلات تركية أعنف غارات على معاقل ل «الكردستاني» في شمال العراق وفي جنوب شرقي تركيا. كما فرضت السلطات حظر تجوّل في أجزاء من بلدة في هذه المنطقة، حيث قُتل ثلاثة من ناشطي الحزب في اشتباكات مع قوات الأمن. واعتبر «الكردستاني» أن حزب «العدالة والتنمية قرّر أن يواصل حرباً ستضع تركيا وجهاً لوجه أمام أزمات كبرى، في الداخل والخارج». لكن يالتشن أكدوغان، نائب رئيس الوزراء، اشترط لاستئناف المفاوضات مع الحزب «إزالة العناصر المسمّمة للعملية». ويبدو أن هذه التطورات ستبدّد إيجابيات يحاول رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو ومقرّبون منه إشاعتها، بالحديث عن فتح صفحة جديدة مع المعارضة. لكن مصادر في الحزب الحاكم شددت على أن «مساعي النيات الحسنة لن تشمل جماعة غولن والكردستاني، وستقتصر على التعاون مع الأحزاب السياسية في البرلمان».