واصلت أمس أجهزة الأمن المصرية ضرباتها لجماعة «الإخوان المسلمين» ونفّذت حملة اعتقالات واسعة طالت 106 من قادة وكوادر الجماعة في خمس محافظات، الأمر الذي يضع المرشد الجديد محمد بديع أمام موقف لا يحسد عليه. وشنّت أجهزة الأمن حملة دهم على بيوت قادة «الإخوان» في محافظات الجيزة (جنوبالقاهرة) والشرقية والمنوفية والدقهلية (دلتا النيل) واعتقلت 46 بينهم مسؤولون وأعضاء في المكاتب الإدارية للجماعة وبرلمانيون سابقون وأمناء في النقابات المهنية، بينما أوقفت ما يزيد على 60 آخرين بينهم عضو الكتلة البرلمانية ل «الإخوان» النائب صبري خلف الله عقب صلاة الجمعة أمس في محافظتي الإسماعيلية (إحدى مدن قناة السويس) والشرقية (120 كلم شمال القاهرة) على خلفية وقفات احتجاجية للتنديد بالممارسات الإسرائيلية التي تستهدف المسجد الأقصى. وتباينت ردود الفعل في مصر حول حملات التصعيد الأخيرة ضد «الإخوان»، فبينما رأى مراقبون أنها «مجرد ضربات استباقية» الغرض منها التضييق على نشاط الجماعة في الشارع والضغط عليها لعدم خوض الانتخابات التشريعية المقبلة، وتوقعوا تزايد حملات الاعتقال خلال الفترة المقبلة، راح آخرون إلى أن التصعيد الأمني يتضمن «رسائل» إلى المرشد محمد بديع مفادها أن التنسيق مع القوى السياسية المعارضة «غير مسموح» به في الفترة المقبلة. وتبدي جماعة الإخوان موقفاً مائعاً من الجدل السياسي الدائر في مصر الآن في شأن محاولات يجريها معارضون لإجراء تعديلات في الدستور. ويستبعد قادة «الإخوان» أن تؤثر الضربات الأمنية على أدائهم في الاستحقاقات المقبلة، ويؤكدون قدرتهم على تحقيق انتصارات كبيرة تتعدى ما تمكنوا من حصده في انتخابات عام 2005 إذا ما أُجريت الانتخابات المقبلة في طريقة نزيهة. وتشهد مصر حراكاً انتخابياً في الفترة المقبلة مع اقتراب موعد التجديد النصفي لمجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) وبعد ذلك بأشهر انتخابات لجميع أعضاء مجلس الشعب. وأوضح محامي «الإخوان» عبدالمنعم عبدالمقصود أن «حملات الدهم استهدفت نواباً سابقين ورؤساء وأعضاء في المكاتب الإدارية الإقليمية لجماعة الإخوان ونقابيين». وأشار ل «الحياة» إلى أن الموقوفين سيحالون على نيابة أمن الدولة في محافظاتهم اليوم للتحقيق معهم للاشتباه في «انضمامهم إلى جماعة محظورة بحكم الدستور والقانون ومحاولة الترويج لأفكار الجماعة بما يخل بالأمن والسلم العام والتجمهر وحيازة مطبوعات بما يخل بالنظام العام في البلاد». ولم تمهل أجهزة الأمن المصرية المرشد الجديد ل «الإخوان» الدكتور محمد بديع كثيراً، فبعد نحو شهر من انتخابه مطلع هذه السنة نفّذت الشرطة حملات دهم واسعة طالت نائبه الدكتور محمود عزت وثلاثة من أعضاء مكتب الإرشاد أبرزهم عصام العريان، وهي الحملة التي اعتبرت الأعنف في تاريخ العلاقة بين جماعة الإخوان ونظام الحكم الحالي. وأشار المحامي عبدالمقصود إلى أن معتقلي «الإخوان» وصلوا منذ تولي محمد بديع رئاسة الجماعة في منتصف كانون الثاني (يناير) الماضي فقط إلى ما يناهز 250 يتقدمهم نائبه محمود عزت وأربعة من اعضاء مكتب الإرشاد. وقال ل «الحياة»: «هذا التصعيد غير المبرر ينسف بالأساس أي أقاويل تتردد عن عقد صفقة بين النظام والإخوان».