دعا أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل أمس الى إنشاء مركز ثقافي سعودي في فرنسا، ليكون «ميداناً حياً في مجال الإبداع الخلاّق». وقال في كلمة ألقاها في افتتاح ندوة عنوانها «نظرات الى المجتمع السعودي»، عقدت في مقر مجلس الشيوخ الفرنسي، أن لا بد من تحالف للقيم «يجمع الإنسانية بسائر أطيافها، خصوصاً حضارة الإسلام وحضارة أوروبا الغربية». وأشار الى أن هذا التحالف «واقع فعلي لولا الغشاوة على عيون البعض»، إذ ان الحضارة الغربية «تؤمن بالإخاء الإنساني وكذلك الحضارة الإسلامية، وحضارة الغرب تؤمن بالعدالة مثلها مثل الإسلام الذي يؤمن بالعدل والإنسان، وإن الإيمان بالتعدد والتنوع بدوره قاسم مشترك بين الحضارتين». وثمّن جهود مجلس الشيوخ الفرنسي، «الذي أرسى ثلاثية الفكر الحقوقي المعاصر»، أي الحرية والإخاء والمساواة، وحيّا جهوده على صعيد تفعيل هذه القيم الإنسانية العليا التي تبناها الإسلام منذ قرون. وتبع كلمة الفيصل عرض لشريط وثائقي حول تراث مكة وتطورها الحالي وجهود التحديث والتوسيع القائمة فيها حالياً. ووصف رئيس المجموعة البرلمانية الفرنسية - السعودية - الخليجية فيليب ماريني زيارة الفيصل الى مجلس الشيوخ الفرنسي، وهي الأولى لوفد من مكة، بأنها «حدث تاريخي» للمجلس ولباريس وللحياة الثقافية. وقال إن المملكة العربية السعودية «قوة أساسية لها وزنها في الشرق الأوسط وفي العلاقات الدولية»، داعياً الى محاربة الجهل القائم في شأن السعودية في فرنسا، وتطوير المعرفة حول سياستها وحداثتها وانفتاحها والإصلاحات التي تطبق فيها. ولفت الى أن فرنسا أنشأت علاقات مع مجلس الشورى السعودي، وأنها استقبلت أخيراً وفداً من قضاة المحكمة العليا المستحدثة في المملكة، مشيداً بالإصلاح القضائي المعتمد حالياً «لتحديث المؤسسات القضائية من دون إنكار مبادئ المملكة وتاريخها». وأضاف أن مجلس الشيوخ استقبل أيضاً وفداً من الشخصيات النسائية السعودية، مشدداً على أهمية «هذه الزيارة التي تظهر روح الانفتاح الذي تتسم به علاقاتنا». ونوه باقتراح الفيصل إنشاء مجلس ثقافي سعودي - فرنسي، داعياً الى استناد هذا المجلس الى ما أنجز في إطار مؤسسة الملك فيصل بن عبدالعزيز. وكان رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه، ألقى كلمة ترحيبية بالأمير، أكد خلالها الدور المركزي الذي تلعبه المملكة على صعيد الشرق الأوسط وعملية السلام. وتحدث رئيس غرفة التجارة الفرنسية العربية، وزير الخارجية السابق هيرفي دو شاريت، خلال جلسة الافتتاح، مؤكداً «المكانة المتزايدة للإسلام في فرنسا» ووصفها بأنها «قيمة مضافة لبلدنا ومصدر فخر وحافز على تعزيز إشعاعنا». وقال إن على فرنسا أن «تقدر مدى حق الدين الإسلامي في أن يعبر عن نفسه وأن يجد مكانته في إطار المجتمع الفرنسي»، مشيداً بالتقدم على صعيد العلاقات الفرنسية السعودية وبحجم المملكة ووزنها الاقتصادي ونوعية حكامها. وأضاف أن فرنسا «في حاجة ماسة الى أن تمارس مملكتكم سلطة كاملة في منطقة الشرق الأوسط التي تبحث عن نفسها، متوقفاً عند المبادرة العربية للسلام التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والتي ستشكل أساساً للسلام إذا حل». وأشار دو شاريت الى أن زيارة الفيصل باريس تأتي في ظل «استراتيجية اقتصادية جديدة تهدف الى تحويل السعودية الى بلد صناعي»، مؤكداً استعداد الجانب الفرنسي للعمل والتعاون على تحقيق هذا الهدف الممتاز. وتوقف عند المساعي المبذولة لاعتماد التمويل الإسلامي في فرنسا، كونه يرأس المعهد الفرنسي للتمويل الإسلامي، مشيراً الى أن العراقيل الأخيرة التي أعاقت حتى الآن العمل بهذا النمط من التمويل سترفع خلال السنة الحالية. وتناولت الأميرة لولوة الفيصل خلال الندوة تاريخ تعليم النساء في السعودية وقوّمت نتائجه واحتمالاته المستقبلية، كما تخللها مداخلات حول دور المرأة في المجتمع المدني ودور المرأة في الإعلام. وأجرى رئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية باتريس باولي عرضاً للتوجهات المعتمدة على صعيد العلاقة الفرنسية السعودية.