رئيس الوزراء البريطاني: أوروبا ستواصل دعم أوكرانيا عسكرياً    الذهب يسجل أسوأ أسبوع في ثلاثة أشهر مع قوة الدولار    أكاديمي فلسطيني ل«عكاظ»: نتوقع أن تخرج قمة القاهرة بموقف عربي موحد    «العمال الكردستاني» يوقف إطلاق النار مع تركيا بعد نزاع 40 عامًا    نيوم يلاقي الصفا.. والعين أمام الجندل    المنتدى السعودي للإعلام 4    حافلات المدينة تنقل المصلين إلى المسجد النبوي    «تداول»: 4.3 % ملكية المستثمر الأجنبي من القيمة السوقية للأسهم    أمير الرياض يستقبل المفتي العام ومحافظ الخرج ورئيس المحكمة    أمير تبوك يستقبل المهنئين بشهر رمضان المبارك    أمير تبوك يستقبل المهنئين بشهر رمضان المبارك    سعود بن نايف يطّلع على إنجازات القطاع الشرقي الصحي    برشلونة ينتقم من سوسيداد برباعية وينفرد بصدارة الدوري الإسباني    النائب العام يتفقد نيابة الحرم المدني    «سكن» وبنك التنمية يوقّعان اتفاقية لتوفير 5000 وحدة سكنية    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد يعيد بناء مسجد القبلي على الطراز النجدي    53 دولة إسلامية توافق على ميثاق الرياض للذكاء الاصطناعي    الجهات الحكومية بمكة تبدأ تفعيل خططها لشهر رمضان    أمير القصيم ينوه بدعم القيادة للمنظومة الصحية    أمير الرياض يكرّم غدًا الفائزين بجائزة الملك سلمان لحفظ القرآن الكريم للبنين في دورتها ال 26    للعام الرابع على التوالي.. مستشفى الدكتور سليمان فقيه بجدة أفضل مستشفى خاص بالمملكة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الجزائري آخر التطورات    الرياض: القبض على مقيم لتكسيره زجاج مركبات    نقل لاعب الزمالك السابق «إبراهيم شيكا» إلى المستشفى بعد تدهور حالته الصحية    Mate XT الهاتف الأول القابل للطي الثلاثي    جوازات مطار الملك عبدالعزيز تستقبل رحلات ضيوف الرحمن القادمين للعمرة    استشهاد 4 فلسطينيين في قطاع غزة    «الصناعة»: معالجة 755 طلباً للإعفاء الجمركي في 30 يوماً    فتح التقديم على 10,494 وظيفة تعليمية في جميع إدارات التعليم    القفاز الذهبي للشنقيطي    أخصائية تغذية تحذّر من تناول المكملات الغذائية في رمضان    ببداية الفصل الثالث ..1700 مدرسة بالطائف تستقبل أكثر من ربع مليون طالب وطالبة    النادي السعودي في بيرث يحتفي بيوم التأسيس    حسين الشريف إلى رحمة الله    مصر ترفض تشكيل حكومة سودانية موازية    أطول وأقصر عدد ساعات الصيام في الدول العربية والعالم    بدلاً من 280 دولاراً.. بنك يودع 81 تريليوناً في حساب عميل !    1365 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ خلال أسبوع    سبقه بوقاش والسومة.. إيفان توني يدخل التاريخ ب"هاتريك" الهلال    الملك سلمان موجهاً كلمة للمواطنين والمقيمين والمسلمين بمناسبة حلول رمضان: خدمة الحرمين وقاصديهما نهج دأب عليه ملوك المملكة    الدور الاقتصادي للمرأة السعودية.. استثمار إستراتيجي في مستقبل الوطن    التعادل السلبي يخيم على لقاء الفيحاء والوحدة    سلام: الحكومة اللبنانية ملتزمة بإعادة إعمار القرى الجنوبية المدمرة    «أبرق الرغامة».. صفحة من تاريخ طويل    محمد بن فهد.. أمير التنمية والأعمال الإنسانية    ممتاز الطائرة .. الهلال يعزّز صدارته للدوري    الدفاع المدني بالحرمين الشريفين يكثف أعمال الإشراف الوقائي لسلامة ضيوف الرحمن    "الثقافة" تنظم فعاليات ثقافية في موسم رمضان    جمعية الدعوة بأجياد تطلق البرامج الرمضانية" بمنطقة الحرم لعام 1446ه    لصيام آمن.. إرشادات لمرضى الربو    الحاجة إلى تصفيد بعض الإنس    الأوكرانيون يرفضون الانتخابات في ظل الحرب والضغوط الخارجية    ثلاثية توني    "جيل الطيبين " ما الذي يغذي المصطلح؟    بدء استقبال طلبات الاعتكاف بالحرمين الشريفين.. الأربعاء    66 % انفراد السعوديات بقرارات الرعاية الصحية    أمير منطقة مكة يهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة شهر رمضان المبارك.    "البريك":رفع التهنئة للقيادة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السعودية والعلاقة مع وليد جنبلاط: تقاطع في محطاتٍ صعبة
نشر في الحياة يوم 29 - 10 - 2015

اتجهت الأنظار إلى زيارة رئيس اللقاء الديموقراطي النيابي اللبناني وليد جنبلاط إلى المملكة العربية السعودية حيث التقى في قصر اليمامة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وأعقب ذلك الاجتماع لقاء آخر لا يقل اهمية مع ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مكتبه في الرياض. وكان من اللافت مشاركة وفد وزاري سعودي رفيع في الاجتماعين ضم: وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مساعد بن محمد العيبان، وزير الإعلام والثقافة الدكتور عادل الطريفي، وزير الخارجية عادل الجبير، إضافة الى رئيس الاستخبارات العامة خالد بن علي الحميدان.
بطبيعة الحال، لم يكن اللقاء هو الأول الذي جمع النائب جنبلاط بالقيادة السعودية. فالعلاقة بين الطرفين قديمة ومتجذرة وتعود الى عقود، فلقد سجلت زيارات كثيرة لمؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي الشهيد كمال جنبلاط الى الرياض كما سجلت علاقة عميقة في مراحل وحقبات سياسية مختلفة. ففي أواخر نيسان (ابريل) 1974، قام جنبلاط بصفته الأمين العام للجبهة العربية المشاركة في الثورة الفلسطينية بجولة عربية شملت المملكة العربية السعودية والعراق والجزائر والتقى الملك فيصل بن عبد العزيز وولي العهد آنذاك الأمير عبدالله بن عبد العزيز. وكان اللافت في تلك الزيارة انه تخللها تسليم شهادات لخريجي دورة المظليين في قاعدة تبوك العسكرية، وسُمّيت تلك الدورة ب «دورة كمال جنبلاط» تقديراً لدوره ونضالاته.
ولاحقاً في مطلع العام 1976، زار جنبلاط الأب أيضاً المملكة العربية السعودية والتقى الملك خالد بن عبد العزيز وولي العهد آنذاك الأمير فهد بن عبد العزيز. وامتدت العلاقة حتى اغتيال جنبلاط بيد النظام السوري في 16 آذار (مارس) 1977، وقد كتب نائب الملك ولي العهد الأمير فهد بعد استشهاده: «لقد مات وهو يناضل في سبيل ترسيخ الأمن في بلده وبذل كل ما يستطيع حتى ذهب ضحية دفع ثمنها حياته الغالية».
ومع تولي جنبلاط الابن القيادة السياسية للحزب التقدمي الاشتراكي والحركة الوطنية اللبنانية بعد اغتيال والده، استمرت العلاقة السياسية والشخصية، وقد ربطت جنبلاط علاقة وثيقة مع العديد من أركان القيادة السعودية وتوطدت في حقبة الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وكان للمملكة مواقف حازمة ضد الاحتلال وغزو أول عاصمة عربية بيروت على رغم ان الاجتياح تزامن مع حصول انتقال الحكم في المملكة بعد وفاة الملك خالد بن عبد العزيز وتنصيب الأمير فهد بن عبد العزيز في 13 حزيران(يونيو) 1982 ملكاً.
وللتذكير، فإن الملك فهد وجّه آنذاك انذاراً لحكومة الولايات المتحدة طالبها فيه بإرغام اسرائيل على تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل اليه، ملوحاً، في حال عدم القيام بذلك، بأن تسحب المملكة اكبر نسبة من ارصدتها في الجهاز المصرفي الأميركي وتحظّر مبيعات النفط الى الولايات المتحدة وتسمح بتمثيل للاتحاد السوفياتي على مستوى السفارة في جدة.
ومن زيارات وليد جنبلاط المهمة الى المملكة زيارته في 21 نيسان (ابريل) 1988 وعقد لقاء مع الملك فهد، وكانت حقبة قاسية وصعبة مع احتدام الصراع الدولي في لبنان وعليه. وعندما تعرض جنبلاط لمحاولة اغتيال في محلة القنطاري في بيروت في كانون الأول (ديسمبر) 1982 كان الملك فهد من اوائل المتصلين والمستنكرين.
ومع وفاة الملك فهد في 1 آب (أغسطس) 2005 وانتقال الحكم إلى الملك عبدالله بن عبد العزيز، شهدت العلاقة تقدماً ملحوظاً تخلّله سوء فهم لمواقف جنبلاط في العام 2010 عندما صوّت لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي وذلك بعد انهيار ما سُمّي آنذاك المسعى السوري - السعودي (السين - سين) وهو كان محاولة لبناء تفاهم حول القضايا الخلافية اللبنانية، وقبيل صدور القرار الظني باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري من المحكمة الخاصة بلبنان وهو ما كان ولّد مناخات متوترة جداً في الساحة اللبنانية. وقد ساهم موقف جنبلاط بحماية الاستقرار والسلم الأهلي في لبنان، وهو ما كان موضع تفهم من المملكة في وقت لاحق.
وتُسجل لجنبلاط مواقف سياسية في حقبات زمنية مختلفة أثنى فيها على الدعم السعودي للبنان في أحلك ظروف الحرب وفي التوصل لاتفاق الطائف (1989) الذي انهى الحرب وتم مع الدعم الاقتصادي والمالي للبنان للنهوض وإعادة الإعمار، وكذلك بعد الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة (لا سيما 1993 و1996 و2006) ودعم العملة الوطنية اللبنانية والمؤتمرات الاقتصادية الدولية التي عُقدت من اجل لبنان (خصوصاً مؤتمرات باريس 1و2و3) وأخيراً من خلال هبة بقيمة بليون دولار لمصلحة الجيش اللبناني واتفاقية عسكرية فرنسية - سعودية بقيمة ثلاثة بلايين دولار أيضاً لمصلحة المؤسسة العسكرية اللبنانية.
ولعل الكلمات التأبينية التي عبّر عنها جنبلاط بعد وفاة الملك عبدالله ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل تعكس شيئاً من تلك العلاقة الوثيقة والوطيدة.
نقاط الالتقاء بين المملكة ومواقف رئيس اللقاء الديموقراطي اللبناني أعمق بكثير من نقاط الاختلاف والتباعد. في طليعتها حماية استقرار لبنان ووحدته الوطنية. لقد بذل وليد جنبلاط جهداً استثنائياً في السنوات القليلة الماضية، قبل وبعد اندلاع الحرب السورية لحماية هذا الاستقرار، واتخذ مواقف مختلفة في المنعطفات والمحطات التي لم تكن شعبية ولكنها كانت وطنية. فمن قال ان معيار المواقف الوطنية شعبيتها؟ ومن قال ان رجل الدولة يفترض به ان يتخذ دائماً مواقف منساقة الى المناخ الشعبي العارم وإن كان هذا المناخ معبأ إلى درجة الانقياد الى الحرب والعنف؟
العلاقة السعودية - الجنبلاطية اتخذت دفعاً جديداً خلال زيارة جنبلاط الأخيرة إلى الرياض، والأكيد أنها فتحت صفحة جديدة في مرحلةٍ بالغة التعقيد ليس في لبنان فحسب إنما في المنطقة العربية والإسلامية برمتها. ولقد لمس جنبلاط خلال الزيارة حرص القيادة السعودية على الاستقرار في لبنان ووحدته الوطنية، لا سيما مع الرياح العاتية التي تجتاح المنطقة العربية برمتها، وهو ما ولّد ارتياحاً لديه.
* كاتب لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.