لا يمكن أن يخطو معظم الاميركين خطوة من دون التأكد من أن كتابهم المفضل يرافقهم كصديق صدوق منذ ساعات الصباح والى موعد النوم ليلاً، وأثبتت دراسة أميركية جديدة صحة مقولة العرب المأثورة «خير جليس في الأنام كتاب» وفائدتها، على رغم ظهور الانترنت والكومبيوتر ودور السينما ومدن الملاهي والنوادي الرياضية. ويرافق «الكتاب» الأميركي أينما ذهب فهو يحمله في حقيبته الى العمل او التنزه او المطعم ليستغل أي وقت قد يكون متاحاً للقراءة. ويقول جيسن مايكل (52 سنة): «القراءة هي الهواية الاميركية المفضلة لدى الجميع صغاراً وكباراً، وهي الوحيدة التي لم يؤثر فيها أي شيء من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، على رغم وجود هوايات أخرى كالمشي والركض والعشاء في المطعم او مشاهدة فيلم او مشاهدة فريق الركبي المفضل». وهو مستعد للتضحية بأي هواية أخرى، «لكني لا استطيع مقاومة شراء كتاب جديد او حتى استعارته». والأزمة المالية التي شلت كثيراً من مرافق الحياة غير الضرورية منذ أكثر من عام، لم تقتل نهم الأميركيين للمطالعة. يؤكّد ثلاثة أرباع الأميركيين أن في أيام الركود الاقتصادي، نستطيع تقليص النفقات ولكن ليس الى درجة الاستغناء عن هوايتنا المفضلة. ويشير هؤلاء، في استطلاع للرأي عبر الانترنت أشرفت عليه مؤسسة «هارلكيم انتربرايزيس ليمتد»، إلى أنه «لا بأس من التضحية بقضاء العطلات وتناول الغذاء في الخارج والذهاب الى دور العرض السينمائي وحتى التسوق... ولكن، لا يمكن مقاومة شراء الكتب». وهكذا حلت القراءة في المرتبة الأولى بنسبة 75 في المئة، وجاء تناول الطعام خارج المنزل في المرتبة الثانية بفارق كبير نسبته 11 في المئة فقط، أعقبه التسوق بنسبة 7 في المئة وقضاء العطلات بنسبة 4 في المئة ومشاهدة الأفلام التي اختارها 3 في المئة. ويقول ماثيو ليو، وهو بائع: «اذا ما اضطرني وضعي المالي، سأتخلى عن وجبة العشاء في مطعم مع أصدقائي وأشطب الذهاب الى السينما، في نهاية الأسبوع لمشاهدة أخر الأفلام، من قائمتي، وأبقي على شراء الكتب، فالمطالعة تنمي العقل والمعلومات وتجعلني أبدو شخصاً مطلعاً». وتمتلئ المكتبات، يومي السبت والأحد، بالزبائن وترى أناساً جالسين على شاطئ البحر وفي المقاهي والحدائق العامة وهم يقرأون في صمت، وأكثر الكتب التي تستهوي الأميركيين هي الروايات وكتب السير الذاتية، وعلم النفس البشري والكتب التي تعلم أساليب الحياة». وتقول ميشيل رينود، مديرة التسوق في المؤسسة المذكورة، إن «الركود سلط الضوء على الجانب السلبي من الجشع والانغماس في الملذات، لكننا لاحظنا عودة الناس الى أبسط متع الحياة». و حاول الاستطلاع الذي شمل 3000 شخص تحديد ما الذي يغري الناس بإنفاق أموالهم، وتقول سانتيا ادمز، وهي طالبة جامعية: «اقرأ لمدة ساعة كل يوم استقل فيه القطار السريع في طريقي الى الجامعة ذهاباً وإياباً». وتشرح: «اشتري الكتب وأستعيرها من المكتبة وأتبادلها مع الأصدقاء واحياناً أقوم بتأجيرها لكني لن أتخلى عن القراءة لمصلحة أي شيء أخر»، وتلفت إلى أنه لا أروع من لحظات «أعيش فيها مع عقول إنسانية فلا يخلو الكتاب من فائدة، إما أن تعمل بها أو تحذر منها وليست العبرة باقتناء الكتب وتصفيفها في الأدراج ولكن العبرة بالمطالعة والفهم».