يواصل الأوكرانيون اليوم (الاحد)، انتخاب رؤساء ومجالس بلدياتهم في اقتراع يشكل اختباراً للرئيس الموالي للغرب بترو بوروشنكو، لكن عكره الغاء التصويت في ماريوبول آخر مدينة كبرى تخضع لسيطرة كييف في الشرق الأوكراني الإنفصالي الموالي لروسيا. ويواجه الرئيس الذي ينتقد لإدارته النزاع في الشرق الإنفصالي، نكسةً في ماريوبول المرفأ الإستراتيجي الذي يقطنه نصف مليون نسمة، إذ لم تفتح مكاتب التصويت بسبب مشكلات تتعلق بالبطاقات، كما أعلن رسمياً. وقالت العضو في اللجنة الانتخابية البلدية ناتاليا كاشتشي إن «مكاتب الاقتراع لم تفتح ابوابها في ماريوبول، لأن بطاقات التصويت لم تصل إلى المكاتب، يجب ارجاء موعد الانتخابات لأن البطاقات طبعت مع مخالفات فاضحة». وتبادل تكتل بوروشنكو وتكتل المعارضة الموالية لموسكو والتي تحظى بشعبية كبيرة في ماريوبول، الاتهامات ب«تقويض الانتخابات». واعتبر الموالون لروسيا أن هذا الفشل يشكل «تهديداً لعملية السلام» في الشرق الإنفصالي. و طبعت البطاقات في مطبعة صحيفة «بريازوفسكي رابوتشيي» التي يملكها رجل الأعمال الأوكراني رينات أحمدوف و الذي كان مقرباً من الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش الذي أُطيح به في شباط (فبراير) الماضي، بعد ثلاثة أشهر من حركة احتجاج نظمها المؤيدون لأوروبا. وقالت كاشتشي: «يجب طبع بطاقات جديدة في مطبعة مستقلة»، مضيفة أن البطاقات الحالية يمكن أن تسهل عمليات التزوير. ولم تخف المتقاعدة اولينا خولودنكو (90 سنة) التي جاءت للتصويت فجراً لتكتل المعارضة وريث حزب «المناطق» الذي كان يتزعمه الرئيس السابق يانوكوفيتش خيبة أملها. وقال: «أمشي بصعوبة لكني جئت لأُصوت (...) يريد أحد أن تبقى المدينة من دون السلطات». وتساءل تكتل المعارضة في بيان: «أن لم تتمكن السلطة من تنظيم الإنتخابات في مدينة تسيطر عليها، فكيف ستنظمها في المناطق الخارجة عن سيطرتها»؟ وانتخابات اليوم لم تجر في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، ومن المفترض أن تجرى العام المقبل. وفي مؤشر على هشاشة الهدنة الراهنة، أعلنت كييف أنها ولدواع أمنية قررت عدم اجراء الإنتخابات في 122 بلدية تخضع لسيطرتها، ولكن تقع على خط الجبهة. واضافة إلى ماريوبول، يعتبر الموالون لروسيا في موقع جيد لتحقيق اختراق في المنطقتين الصناعيتين خاركيف وجنيبروبتروفسك الحدوديتين مع الشرق الأوكراني المتمرد، وكذلك في أوديسا على ضفاف البحر الاسود. وفُتحت مكاتب الإقتراع أبوابها عند الساعة (6:00 تغ). على أن تغلق عند الساعة (18:00 تغ). ولن تعرف النتائج قبل عدة أيام نظراً لطريقة الفرز التي تعتبر معقدة بعض الشيء، ولا تجري المعاهد الوطنية أي استطلاع للرأي عند خروج الناخبين من مكاتب الاقتراع. ولن تجرى الانتخابات في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في الشرق الإنفصالي، وأسفر النزاع بين القوات الحكومية والمتمردين الموالين لموسكو عن أكثر من ثمانية آلاف قتيل خلال 18 شهراً. وتوقفت المعارك بشكل شبه كامل منذ أيلول (سبتمبر) الماضي، لكن عملية السلام التي يرعاها الأوروبيون لا تزال في بداياتها. والرابح الأكبر في هذه الإنتخابات قد يكون أنصار الرئيس السابق الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش الذي أسقط في شباط (فبراير) 2014، بعد ثلاثة أشهر من الاحتجاجات الموالية لأوروبا والتي قمعت بعنف في ساحة الاستقلال (الميدان)، اذ أن هؤلاء يمكن أن يحققوا اختراقاً في المناطق الناطقة بالروسية، ولا سيما في خاركيف ودنيبروبتروفسك وأوديسا. وفي سابقة تؤكد على الطابع الإستثنائي لهذه الإنتخابات، يشارك أكثر من 1500 مراقب دولي في الاشراف على سير الإقتراع. وبوروشنكو الذي يعاني من تراجع حاد في شعبيته بسبب طريقة إدارته للنزاع، قال الجمعة الماضي لدى لقائه رؤساء مختلف بعثات المراقبين أنه يأمل «أن لا يدعم الشعب أولئك الساعين إلى زعزعة الاستقرار في البلاد». من جهته، قال السفير الأميركي في كييف جيفري بيات في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إن «العالم بأسره يراقب اوكرانيا»، مؤكداً أن «نسبة مشاركة مرتفعة وانتخابات نزيهة سيكونان الرد الأمثل على أعداء أوكرانيا». وفي حين يتهم البعض الرئيس الموالي للغرب بعدم التزامه بوعده بوقف الحرب «بعد ثلاثة أشهر» على انتخابه في شهر اأيار (مايو) 2014 الماضي، فإن آخرين يتهمونه بأنه وافق على تنازلات مهينة قدمها للإنفصاليين المدعومين من الكرملين. وأظهر استطلاع للرأي أن 71 في المئة من الأوكرانيون غير راضين على سياسة رئيسهم الذي فاز من الدورة الأولى غالبية 54.7 في المئة من الأصوات قبل أقل من عامين. وتستغل المعارضة الموالية لروسيا وكذلك حزب «الوطن» (باتكيفشتشينا) الذي تقوده رئيسة الوزراء السابقة والعضو في الائتلاف الحكومي يوليا تيموشنكو خيبة أمل الأوكرانيين الذين تضربهم الأزمة الاقتصادية بقوة، ويواجهون ارتفاع الفواتير التي فرضها المانحون الغربيون. وتتجه كل الانظار إلى خاركيف المدينة الصناعية الكبيرة التي تضم 1.5 مليون نسمة، وتقع على حدود الشرق المتمرد، يتمتع رئيس بلديتها المثير للجدل غينادي كيرنيس الحليف السابق ليانوكوفيتش، والملاحق بتهم خطف وقتل متظاهرين موالين لأوروبا، بفرص كبيرة للفوز، وهو يتنافس مع رجل أعمال مجهول يمثل «كتلة» بوروشنكو. وفي أوديسا يجري التنافس بين رئيس البلدية المنتهية ولايته غينادي تروخانوف الذي دعم التظاهرات الموالية لروسيا، وساشا بوروفيك وهو ألماني من أصل أوكراني درس في جامعة «هارفرد" وكان محامي شركة «مايكروسوفت»، وحصل على الجنسية الأوكرانية مؤخراً.